تستفيد من تطوير البرمجيات للتوصل إلى أدوات تُعالج تحديات التنمية

تطبيقات وشركات ناشئة تسعى للمساهمة في علاج مشكلات أوغندا

أوغندا تتمتع بمجال نابض بالحياة والحركة للشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا. غيتي

تتمتع أوغندا بمجال نابض بالحياة والحركة للشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا، مثل كثير من دول إفريقيا. وبينما تُركز بعضها على توفير حلول التجارة الإلكترونية وفرص العمل، تستفيد أخرى من مهارات تطوير البرمجيات للتوصل إلى أدوات تُعالج تحديات التنمية في البلاد الواقعة شرقي القارة الإفريقية، ويسكنها ما يقرب من 37 مليون نسمة. ويُمثل تطبيق «يوزا» Yoza المُتاح لنظام تشغيل «أندرويد» مثالاً على توظيف التطبيقات لحل مُشكلة محلية وعلى الجمع بينها وبين الأعمال التقليدية. ويُوفر التطبيق لمستخدميه خدمة غسيل الملابس من خلال إيصالهم بسيدات يتخصصن في غسل الملابس يدوياً، ما يُمكن اعتباره مُقابلاً لتطبيق «أوبر» الشهير لطلب السيارات عبر الهواتف الذكية.

ويعني اسم «يوزا» الفعل «يغسل» بلغة «الغاندا». وقال أحد مُؤسسي التطبيق، نيكولاس كامنزي، إن «الأمر كان قبل 10 أعوام بالغ الصعوبة، بينما يمكن حالياً للجميع الحصول على هذه الخدمة بحسب طلبه بمجرد الإمساك بهاتفه الذكي». وقال كامنزي إن «بعض النساء نجحن في مضاعفة دخولهن بسبب وضوح قيمة التطبيق بالنسبة إليهن»، مضيفاً «نحن نُقدم لهن مزيداً من المتعاملين في مناطقهن بما يسمح لهن بجني مال أكثر، وربما العناية بعائلاتهن ودفع رسوم المدارس». وعلى غرار «أوبر»، يستخدم تطبيق «يوزا» ميزة «نظام تحديد المواقع العالمي» للتعرف الى المواقع، والتنسيق بين مُقدمي الخدمة والمتعاملين، بالإضافة إلى لمسات محلية واضحة للتناسب مع واقع الحياة، فبينما تنتشر الهواتف الذكية بين أفراد الطبقة الوسطى في أماكن مثل العاصمة كمبالا، ويُمكن لهؤلاء الوصول إلى التطبيق، يختلف الحال لدى النساء العاملات، ويمتلكن غالباً هواتف محمولة بسيطة، وبالتالي تتواصل معهن إدارة «يوزا» عبر المكالمات الهاتفية للاشتراك وإسناد المهام إليهن.

وتتجاوز فائدة «يوزا» خدمات الغسيل إلى مساعدة النساء العاملات. وتُقدم «يوزا»، التي طرحت تطبيقها في شهر أغسطس الماضي، نموذجاً للشركات الأوغندية الناشئة التي تستخدم وسائل مُبتكرة من أجل معالجة مشكلات محلية. ولاتزال الشركة تخوض مراحلها الأولى، ولديها عدد محدود من المستخدمين وفقاً للمعايير الدولية. ومع ذلك، يعتقد كامنزي أن تطبيق «يوزا» يُمكنه الاستمرار من الناحية التجارية. ويُمثل فريق «أفريجال تِك» Afrigal Tech تجربةً مختلفة، ويُطور الفريق جهازاً وبرمجيات بكلفة منخفضة تحمل اسم «مدكس» mDex. ويُوفر الجهاز المحمول تشخيصاً للإصابة بفقر «الدم المنجلي»، أحد الاضطرابات الوراثية في الدم، ويُولد سنوياً في أوغندا 30 ألف طفل مُصابين بالمرض، ويموت 80% منهم قبل عمر الخامسة بسبب نقص عدد مراكز التشخيص، ويسعى فريق «أفريجال تِك» لمُواجهة ذلك.

وفي حال تمكن فريق «أفريجال تِك» من تجاوز العقبات المالية والفنية، فقد يصبح بمقدوره إيصال جهاز «مدكس» إلى الأسواق بحلول نهاية عام 2016. وتطلب تطوير «مدكس» من الفريق ساعات من العمل والتضحيات الشخصية وتمويلهن ذاتياً كلفة النماذج الأولية. ويُعد الحافز لحل مشكلات محلية، ومساعدة السكان، واحداً من أهم دوافع العاملين في مجال الشركات الناشئة. وفي ما يتعلق بتمويل الشركات الناشئة في أوغندا، ينتشر الاعتماد على التمويل الذاتي بين رواد الأعمال الأوغنديين. وغالباً ما يأتي الدعم الخارجي في صورة جوائز في مسابقات الابتكار التي تحظى بدعمٍ من شركات التكنولوجيا الدولية.

وكغيرها من المدن، يجتذب أحد شوارع مدينة كمبالا الكثير من الشركات الناشئة ومقرات شركات التكنولوجيا، ومنها مركز التكنولوجيا «هايف كو لاب» Hive Co-lab الذي شاركت في تأسيسه باربرا بيرونجي. ويُمكن اعتبار ذلك الشارع بمثابة النسخة الأوغندية من وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأميركية. وترى بيرونجي أن البطالة تُمثل العامل الأهم في دفع كثيرين لخوض مجال الشركات الناشئة، وقالت إن «المشروعات الجديدة تُظهِر للأشخاص أن باستطاعتهم إنجاز أمور بأنفسهم، والتأثير على حياة الآخرين في قراهم». وأضافت: «يُدركون الآن أنهم ليسوا مُضطرين لانتظار وظيفة، ويُنشئون وظائف». وتُواجه أوغندا مشكلة انتشار البطالة، ففي كل عام يتخرج 40 ألفاً في الجامعات، في حين تتوافر نحو 8000 وظيفة، وبالتالي يظل عددٌ غير قليل من الخريجين دون عمل. ومن هنا يسهل فهم أهمية مراكز التكنولوجيا وحاضنات الأعمال لدعم الشباب بأفكار يُمكنها الصمود كمشروعات تجارية في بلدٍ يبقى ما لا يقل عن 60% من سكانه تحت الـ30 عاماً دون وظائف.

أما في ما يخص دور الحكومة الأوغندية، فقالت واحدة من عضوات فريق «أفريجال تِك»، جوانيتا نالوبجا، إن «محاولة الحصول على مساعدة حكومية قد تكون أمراً مُحبطاً»، مرجعة ذلك إلى وجود الكثير من الروتين. وأضافت: «حتى إذا ما كانوا راغبين، فهناك دائماً شخص آخر من المُفترض أن يُوافق، تُوجد الكثير من التوقيعات».

ويُضاف إلى تحديات التمويل والدعم الحكومي تحديات تتعلق بحالة البنية التحتية في أوغندا، وانقطاع شبكات الإنترنت عن مناطق وشركات أحياناً. وهو ما واجهته لأسابيع منصة «فيكس ماي كومينتي» Fix My Community التي تُحاكي منصة أخرى في المملكة المتحدة باسم «فيكس ماي ستريت» Fix My Street، وتُتيح للسكان الإبلاغ عن مشكلات محلية من خلال الرسائل النصية القصيرة. ويدفع ذلك للتساؤل عما يُمكن للحكومة الأوغندية تقديمه لدعم الشركات الناشئة كمحاربة البيروقراطية ودعم الاستثمارات في التقنيات الجديدة. لكن المُدير في وزارة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات في أوغندا، ديفيد تورهي، أشار إلى أن هناك حداً لما يُمكن للحكومة تقديمه. ويدعم تورهي مجال التكنولوجيا في بلاده، لكنه يُشير إلى التحديات الكبيرة التي تُواجهه: «لدينا الكثير جداً من التحديات، مثل فيروس نقص المناعة البشرية و(الإيبولا) والأوبئة». وتساءل قائلاً: «إذا ما قدمنا حوافز، فمن أين سنجني الضرائب». وعلى الرغم من إقرار تورهي بوجود البيروقراطية، إلا أنه اعتبرها مرضاً لا مفر منه يُصيب الحكومات في مُختلف البلدان. وأكد أن الحل يكمن في زيادة مشاركة القطاع الخاص.

تويتر