شركات منتجة ترفضه بسبب مخاوف من تأثيره السلبي في أداء الأجهزة

«غوغل» تواجه تحدّيات في تشفير هواتف «أندرويد»

أثار الخلاف الجاري بين شركة «أبل» والحكومة الأميركية حول فتح هاتف «آي فون» استخدمه أحد المشاركين في هجوم سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا خلال ديسمبر الماضي، نقاشاً حول الخصوصية والأمن، كما أثار تساؤلاً حول التصور المرجح إذا ما كان ذلك الهاتف يعمل بنظام «أندرويد»، وإذا ما كان سيسهل على المحققين حينها الوصول إلى بياناته، ويرجع الدافع وراء النقاش إلى قلة عدد الهواتف المشفرة العاملة بنظام «أندرويد».

وتسعى شركة «غوغل»، مطورة نظام التشغيل «أندرويد»، جاهدة إلى توفير ميزة التشفير في جميع الهواتف، وتُتيحها بالفعل تلقائياً في طرز «نيكزس».

ويختلف هذا عن موقف منتجي الأجهزة الآخرين الذين يتخوفون من تسبب التشفير، أي تغيير الإشارات الإلكترونية لبيانات مثل جهات الاتصال والصور والفيديو، في التأثير سلباً على أداء الهواتف.

ولم تُصر «غوغل» كثيراً على موقفها بشأن التشفير، خوفاً من إبعاد مصنعي الأجهزة عن النسخة الرسمية من «أندرويد» التي تتضمن خدماتها الرئيسة مثل البحث على الإنترنت، وتساعدها في جني الجانب الأكبر من عائداتها.

ويقدر الخبراء أن أقل من 10% من بين 1.4 مليار هاتف يعمل بنظام «أندرويد» مشفرة مقارنةً مع نسبة 95% من هواتف «آي فون» من «أبل»، ومن هذه الأخيرة هاتف «آي فون» الذي استخدمه سيد رضوان فاروق المشارك في حادث إطلاق النار في سان برناردينو، وقاد إلى خلاف عالي المستوى بين «أبل» والحكومة الأميركية، وأثار التساؤلات حول الخصوصية والأمن في العصر الرقمي.

ويُبرز التفاوت الواضح بين نظامي التشغيل «أندرويد» و«آي أو إس»، في ما يتعلق بالتشفير، التحديات التي تُواجهها «غوغل» في التعامل مع شبكة واسعة تضم أكثر من 400 مصنع لهواتف «أندرويد».

وتُتيح «غوغل» نظام التشغيل «أندرويد» مجاناً للشركات، من أجل جذب مزيد من المستخدمين إلى منتجاتها الرئيسة.

وتشترط «غوغل» توافق المصنعين مع بعض الشروط لاستخدام علامة «أندرويد» ومنتجات مثل البحث على الإنترنت و«خرائط غوغل». وفي نهاية الأمر يتمتع المصنعون بقدرٍ كبير من الحرية لاستخدام «أندرويد» على النحو الذي يرغبون فيه.

وخلافاً لذلك تتحكم «أبل» في إنتاج «آي فون» ونظام التشغيل «آي أو إس»، وتحث المستخدمين على الانتقال إلى أحدث نسخة من نظام التشغيل، الأمر الذي يزيد انتشار التشفير.

وقال المُحلل الأمني في شركة «بلوبوكس سيكيوريتي» التي تُساعد في تأمين تطبيقات المحمول، أندرو بليتش، إن «هناك شداً وجذباً بين ما تريد (غوغل) فرضه، وما ستفعله الشركات المصنعة»، واعتبر بليتش أن «غوغل» من بعض الجوانب «تقع تحت رحمة أكبر المصنعين مثل (سامسونغ) و(إل جي) اللتين تُسيطران على نظام التشغيل».

وحسب ما قال مُحقق في الدرك الوطني الفرنسي، فإنه يسهل للجهات المسؤولة عن تنفيذ القوانين الاطلاع على محتويات الهواتف غير المشفرة. وتستخدم السلطات حينها برمجيات خاصة لاختراق رموز المرور على أجهزة «أندرويد» المُغلقة وغير المُشفرة خلال ساعة تقريباً.

وفي نوفمبر الماضي، قال مدعي عام لمنطقة مانهاتن في نيويورك، إن بمقدور المحققين تخطي رموز المرور السرية في بعض أجهزة «أندرويد» ذات الطرز الأقدم، كما يمكن لشركة «غوغل» إعادة تعيين رموز المرور عن بعد في أجهزة أخرى. وأفاد مكتبه بأن التشفير «سيجعل من المستحيل على (غوغل) المساعدة في استخلاص البيانات من الأجهزة».

وذكرت «غوغل» أنها امتثلت لنسبة 63% من بين 65500 طلب حكومي للحصول على بيانات المستخدمين خلال الأشهر الـ12 المنتهية في يونيو 2015. وتبذل الشركة جهوداً أكبر لدفع مصنعي الأجهزة إلى توفير مستويات أفضل للأمن.

ويشترط الإصدار الأحداث من نظام «أندرويد»، الذي يحمل اسم 6.0 أو «مارشميلو»، من المنتجين تشفير الهواتف الذكية التي تتوافر على معالجات مرتفعة الإمكانات.

وكنتيجة لذلك تتيح هواتف «أندرويد» الأكثر تطوراً التي طُرحت هذا العام، وتلك التي ستُطرح في ما بعد، ميزة التشفير.

ومع ذلك، تستخدم 2.3% فقط من الهواتف الذكية بنظام «أندرويد» إصدار «مارشميلو» الذي انطلق في أكتوبر الماضي، مقابل اعتماد 79% من هواتف «آي فون» بنسخة «آي أو إس 9» التي انطلقت في سبتمبر، بحسب إحصاءات شركة «أبل».

وقال المتحدث باسم شركة «إل جي إلكترونيكس»، أحد أكبر منتجي هواتف «أندرويد»، كين هونغ، إنه لا يجري تحديث الكثير من الأجهزة العاملة بنظام تشغيل «أندرويد» إلى الإصدارات الأحدث من النظام، نظراً لحاجة المصنعين إلى تعديل البرمجيات لكل طراز ولكل شركة اتصالات. وأضاف أن الشركات المنتجة غالباً ما تكتفي بتحديث طراز الهواتف الأغلى سعراً.

وذكرت كل من «إل جي» و«إتش تي سي» أن الكثير من طرز الهواتف خلال عام 2016 ستكون مُشفرة. وقال متحدث باسم «سامسونغ إلكترونيكس»، إن أحدث هواتفها «غالاكسي إس 7» يتمتع بميزة التشفير، رافضاً التعليق عن وضع الأجهزة الأخرى للشركة.

وقال هونغ من شركة «إل جي»: «إذا ما وجد تشفير لا يؤثر في سهولة الاستخدام، فلا أستطيع تصور عدم رغبة أي شخص في توفير هذه الميزة».

وزادت «غوغل» من وتيرة جهودها تجاه توفير التشفير في سبتمبر 2014، وقالت إنها ستشترط تشفير الهواتف التي ستستخدم نسخة «لوليبوب»، أحدث إصدارات «أندرويد» حينها، من بداية تشغيلها. وجاء هذا الإعلان بعد أيام قليلة من كشف «أبل» عزمها تشفير هواتف «آي فون».

وسبق تعهد «غوغل» حديثها عن إجراء اختبار لهواتف مشفرة عدة كشف عن تأثير ضئيل على الأداء، لكنها قالت إن اختبارات أجراها مصنعو الأجهزة كشفت عن تسبب التشفير في تأخير ثوانٍ عدة عند فتح التطبيقات في بعض الأجهزة الأقل تطوراً والأرخص سعراً. ونتيجة لذلك قررت «غوغل» إيقاف خطة التشفير مؤقتاً.

وذكر المسؤول الأمني لنظام «أندرويد»، أدريان لودفيغ، أن الشركة تأمل توفير التشفير على جميع أجهزة «أندرويد» في ظل تراجع أسعار المكونات.

وتُحيط بقدرة «غوغل» على دفع مُصنعي هواتف «أندرويد» لتوفير مزيد من السمات الأمنية عوامل معقدة، نظراً لتقديمها نظام «أندرويد» مجاناً إلى منتجي الأجهزة. وطورت بعض الشركات إصداراتها الخاصة من نظام «أندرويد» لا تعتمد خدمات «غوغل» مثل البحث على الإنترنت، وهي المصدر الأكبر لإيرادات الشركة. وبطبيعة الحال لا ترغب «غوغل» في إبعاد مزيد من المنتجين عن النسخة الرسمية من «أندرويد».

وأوضح لودفيغ أنه حين أعلنت «غوغل» خطتها لاشتراط تشفير الهواتف العاملة بالنسخة الأحدث من «أندرويد» في نهاية عام 2014، كان بعض المنتجين يصنعون بالفعل هواتف منخفضة المواصفات يتأثر أداؤها سلباً بفعل التشفير.

وأشار إلى أن هذه الشركات كانت على الأرجح ستتجنب استخدام النسخة الرسمية من «أندرويد» في هواتفها إذا ما أبقت «غوغل» على هذا الشرط. وقال لودفيغ: «نرغب في توفير أفضل ما يمكننا من الأمن، وإتاحته لأكبر عدد ممكن من الأشخاص»، وتابع: «في بعض الأحيان واجهتنا معوقات عملية».

تويتر