«تينسنت» الصينية تتجه لتعزيز أعمالها في إعلانات الإنترنت عبر تطبيق «وي شات»
طورت شركة «تينسنت» الصينية تطبيق «وي شات» للهواتف الذكية في عام 2011، كأداة بسيطة للاتصالات في الصين، وسرعان ما تطور من تطبيق يُتيح تبادل الرسائل النصية المجانية إلى منصة شاملة للإعلام الاجتماعي والخدمات للمحمول، يسمح لمستخدميه بالتواصل مع أصدقائهم، وسداد الفواتير، وطلب السيارات، وشراء تذاكر دور العرض، وحتى الاستثمار في المنتجات المالية.
وبفضل القاعدة الكبيرة من المستخدمين والابتكارات الجديدة، جذب «وي شات» اهتمام بعض من أكبر شركات الإنترنت في العالم، مثل «فيس بوك»، وتحول إلى نموذج يُشار إليه مع كل حديث عن مستقبل تطبيقات التراسل الفوري. وحالياً يقترب عدد مستخدمي «وي شات» من 700 مليون مستخدم نشط شهرياً، وتُواجه «تينسنت» تحدياً في محاولة اللحاق بمنافسيها في جني المال من المنصات المُشابهة.
إعلانات الإنترنت
وفي سبيل ذلك يتزايد اتجاه «تينسنت» إلى تطوير أعمالها في مجال إعلانات الإنترنت، وتتبع في ذلك خطى «فيس بوك». وتسعى الشركة للمُوازنة بين الحفاظ على سعادة مستخدميها وتجنب إزعاجهم بالإعلانات من جانب، والاستفادة المالية من الشعبية الكبيرة لتطبيق «وي شات» من جانبٍ آخر. وتحتدم المنافسة في الصين على جني المال من خدمات المحمول في ظل اتجاه سوق الإنترنت في البلاد إلى مرحلة النضج. وبعد سنوات من تحقيق «تينسنت» نمواً قوياً بدافع من تطويرها ألعاب المحمول، تحل في المراتب التالية في ما يخص عائدات الإعلانات بعد شركات مثل «فيس بوك» ومنافسيها في الصين «علي بابا» و«بايدو».
وتعود بداية «تينسنت» إلى عام 1998 حين أسسها المهندس السابق بوني ما، وتُعد الآن واحدة من أكبر مجموعات الإنترنت في الصين، وتجاوزت عائداتها العام الماضي 15 مليار دولار، وتتخطى قيمتها السوقية 180 مليار دولار، ما يفوق شركات أميركية عملاقة في مجال التكنولوجيا مثل «أوراكل» و«إنتل».
وأعلنت «تينسنت» نهاية الأسبوع الماضي عن عائداتها للربع الأخير من عام 2015، وارتفع صافي أرباحها بنسبة 22% وبلغت 7.16 مليارات يوان، أي ما يُعادل 1.1 مليار دولار، وزادت عائداتها بنسبة 45%، وحققت 30.44 مليار يوان، ما يُساوي نحو 4.7 مليارات دولار. وكانت ألعاب المحمول مصدراً لما يزيد على نصف إيرادات «تينسنت»، على الرغم من زيادة عائدات الشركة من إعلانات الإنترنت بأكثر من الضعف خلال الربع الأخير من 2015، ما يجعلها أسرع أعمال الشركة نمواً.
الهواتف الذكية
وفي واقع الأمر، قد تُمثل الإعلانات كنزاً للشركة، إذ يقضي مستخدمو الهواتف الذكية في الصين متوسطاً يتجاوز ساعة يومياً في «وي شات»، بحسب شركة «كويست موبيل» للأبحاث. وعلى الرغم من تباطؤ الاقتصاد الصيني، يُتوقع تضاعف عائدات سوق الإعلانات على الإنترنت في الصين تقريباً لتصل إلى 410.5 مليارات يوان بحلول عام 2018 في مُقابل 209.7 مليارات يوان العام الماضي، وفقًا لتقديرات «آي ريسيرش» للأبحاث.
وتتخذ «تينسنت» خطوات عدة لمساعدة المعلنين على توجيه الإعلانات إلى مستخدمي الإعلام الاجتماعي، وبفضل هذه الجهود ارتفعت عائداتها الإعلانية إلى 5.73 مليارات يوان خلال الربع الرابع من العام الماضي، ومثلت نسبة 19% من العائدات الإجمالية للشركة مُقارنةً مع نسبة 7.8% قبل ثلاثة أعوام. ومع ذلك، لاتزال عائدات «تينسنت» الإعلانية أقل كثيراً من «فيس بوك» التي حققت زيادة في إيراداتها من الإعلانات بنسبة 57% خلال الربع الأخير من العام الماضي، ووصلت إلى 5.64 مليارات دولار، وشكلت الإعلانات 97% من إجمال الإيرادات.
كما تتأخر «تينسنت» عن أبرز منصات إعلانات الإنترنت في الصين، مثل «بايدو» و«علي بابا». وخلال الربع الرابع من العام الماضي ربحت «بايدو» 17.61 مليار دولار، ما يُعادل نحو ثلاثة أمثال العائدات الإعلانية لشركة «تينسنت». وقال مدير محفظة مالية في شركة «آر إس إنفستمنتس» الأميركية لإدارة الأصول، التي تمتلك حصصاً في «تينسنت»، توني تشو: «المفتاح هو مدى سرعة (تينسنت) في زيادة إيراداتها من الإعلانات». وأضاف: «يرى الناس ما قامت به (فيس بوك)، وبالفعل التوقعات مرتفعة».
وبدأت «تينسنت» التجربة بإعلانات اللافتات أو «بانر» في عام 2014، وفي العام التالي أتاحت نشر الإعلانات ضمن قسم «مومنتس» في تطبيق «زي شات»، ويُشبه قسم «الخط الزمني» في «فيس بوك». وفي يناير من عام 2015 نشرت إعلانات الجهات الثلاث الأولى المُعلنة، وشملت «كوكاكولا»، و«بي إم دبليو»، و«فيفو إلكترونيكس» للهواتف الذكية.
وأقرت مديرة الإعلام والتسويق الرقمي لشركة «كوكاكولا» في الصين، ميشيل يانغ، بأن شركتها كسبت انتشاراً في وسائل الإعلام من خلال مشاركتها في الحملة الإعلانية في «وي شات»، لكنها أشارت إلى أن التطبيق حينها لم يكن ناضجاً بعد كمنصة إعلانية، ولم يكن من الواضح حينها مدى كفاءة نظام الإعلان في «وي شات» في استهداف الجماهير وتتبع البيانات.
تحليل البيانات
ومنذ الحملات الإعلانية الأولى، زادت شركة «تينسنت» استثماراتها في تقنيات تسمح لها بتوجيه الإعلانات بناءً على أنشطة مستخدمي الإنترنت وتفضيلاتهم، بحسب ما قالت الشركة. وأوضحت أنها تحدد مقدار الإعلانات التي تظهر في صفحة «وي شات» ووتيرتها وأشكالها. كما تُوظف الشركة باحثين ومهندسين متخصصين في تحليل البيانات واستخلاص المعلومات وأنماط الاستخدام منها، وهي خطوة في سبيل تحسين طريقة توجيهها للإعلانات لفئات محددة من مُستخدمي الإنترنت، وعمل بعض أولئك الخبراء سابقاً في «فيس بوك» و«غوغل» و«بايدو».
جذب المزيد من المعلنين
توقع المحلل في شركة «دايوا سيكيوريتز»، جون تشوي، أنه في ضوء تحسين «تينسنت» لأعمالها الإعلانية، ونجاحها في جذب مزيد من المعلنين، أن ترتفع عائداتها الإعلانية بنسبة 84% خلال هذا العام. من جانبه، لفت رئيس «تينسنت»، مارتن لاو، إلى أن الشركة تعتزم بناء عملها في مجال إعلان الإنترنت دون الضرر بتجربة المستخدمين. وقال: «سنبني هذا العمل تدريجياً وبصبر». وتابع: «نعتقد أن هذه فرصة هائلة».