دراسة: «كهربية» مخ المراهق تتأثر باستخدام «شبكات التواصل»
في دراسة، قال عنها الباحثون إنها ربما تكون الأولى من نوعها، خضعت مجموعة من المراهقين لمسح بالرنين النووي المغناطيسي الوظيفي على المخ، أثناء استخدامهم شبكات التواصل الاجتماعي، منها شبكة «إنستغرام» لتبادل الصور، بهدف رصد تأثير استخدام هذه الشبكات في النشاط الكهربي للمخ، في سن المراهقة.
ووجد الباحثون أن حصول المراهقين على عدد أكبر من مرات الإعجاب على صورهم، يُحدث نشاطاً في المناطق التي تعرف بالمخ الاجتماعي، والمناطق التي لها علاقة بالانتباه البصري في المخ، ما يهيئ المراهق للتوافق والاستعداد للتأثر بما يفعله النظراء على الشبكة، حتى لو لم يكن يعرفهم.
كما أن رؤية المراهق صوراً خطرة تحدث نشاطاً أقل في المناطق ذات العلاقة بالسيطرة المعرفية داخل المخ، والتي ترتبط باتخاذ القرار، وتمنع المراهق من الانخراط في نشاط ما، أو تعطيه الضوء الأخضر للمضي قدماً فيه، وهو ما يرى الباحثون أنه أمر يجعل المراهق أقل في الحذر والحرص في حياته العادية.
الدوائر الخاصة
الطرف الآخر أظهرت الدراسة، التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة أوسلا بولاية كاليفورنيا الأميركية، أن الضغط الذي يمارسه القرين أو الطرف الآخر ويتوافق مع المراهق، موجود منذ فترات سابقة طويلة، لكن مرات الإعجاب على الإنترنت تختلف، ففي الماضي كان المراهقون يصنعون لأنفسهم طريقتهم في التقييم والحكم على الكيفية التي يستجيب بها كل من حولهم، لكن عندما يتعلق الأمر بمرات الإعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي، يكون هناك غموض حول من يتعاملون معه، وهذا مكمن الخطر. |
وأجرى الدراسة - التي تمت على 32 مراهقاً، تراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً، وقيل لهم إنهم يشاركون في شبكة تواصل صغيرة مشابهة لـ«إنستغرام» - فريق من الباحثين في جامعة أوسلا، بولاية كاليفورنيا الأميركية.
وفي التجربة، التي أجريت بمركز «إهمانسون لوفيلاس» لمسح المخ في جامعة أوسلا، عرض الباحثون على المراهقين 148 صورة، على شاشة حاسوب لمدة 12 دقيقة، وتضمنت هذه الصورة 40 صورة قام بتحميلها أحد المراهقين، وعرضت كل صورة، ومعها عدد مرات الإعجاب الذي حظيت به من قبل المراهقين الآخرين.
غير أن عدد مرات الإعجاب لم يكن من صنع المراهقين، وإنما تم تحديده بطريقة مخططة من قبل فريق البحث، وهو ما تم إخبار المراهقين به في نهاية الدراسة.
وقالت الباحثة في معهد تصوير المخ بجامعة أوسلا وعضو الفريق البحثي، لورين شيرمان، إنه عندما كان المراهقون يرون صورهم، وقد حظيت بعدد أكبر من مرات الإعجاب، لوحظ وجود نشاط بعدد متنوع من المناطق داخل المخ، منها المناطق التي تعرف بالمخ الاجتماعي، والمناطق التي لها علاقة بالانتباه البصري، كما لوحظ أن المنطقة التي كانت أنشط بصورة خاصة هي جزء من المخ يطلق عليه «النواة المتكئة»، والتي تعد بدورها جزءاً من الدوائر الخاصة بالإحساس بالإثابة أو المكافأة داخل المخ، وهذه الدوائر يعتقد أنها حساسة بصفة خاصة أثناء مرحلة المراهقة.
الاتفاق أو التوافق
من جهتها، قالت أستاذ الطب النفسي في جامعة أوسلا وعضو فريق البحث، ميريلا دابريتو، إنه تم وضع مجموعة من الغرباء التخيليين للمراهقين، وظل المراهقون يستجيبون لتأثير نظرائهم، فرغبتهم في الاتفاق أو التوافق عكست نفسها على مستوى المخ، وفي ما يختارونه للإعجاب به، لذلك يتوقع أن التأثير سيتضخم في الحياة الحقيقية، حينما يبحث المراهقون عن الإعجاب بمن هم مهمون بالنسبة لهم.
وعرض الباحثون صوراً محايدة على المراهقين، تتضمن صوراً للطعام والأصدقاء، إضافة إلى صور خطرة تتضمن السجائر، والخمور، ومراهقين يرتدون ملابس غير مناسبة، فضلاً عن الصور السابقة، التي وضعها المراهقون بأنفسهم.
وبتحليل رد فعل المراهقين للأنماط الثلاثة، وجد الباحثون أن المراهقين يظهرون ميلاً للضغط بالإعجاب إذا كان هناك آخرون كثيرون أعجبوا بها، مقارنة بما إذا كان آخرون أقل قد أعجبوا بالصور، وهذا ما وصفه الباحثون بتأثير الاتفاق، الذي ربما يكون أكبر في ما يتعلق بالصور الخاصة بهم، وهو ما يظهر أهمية الموافقة أو الاتفاق مع النظراء.
وعندما نظر المراهقون إلى الصور الخطرة، مقارنة بالصور المحايدة، ظهر لديهم نشاط أقل في المناطق ذات العلاقة بالسيطرة المعرفية داخل المخ، والمناطق الخاصة بتثبيط الاستجابة، منها القشرة الحزامية والفص الأمامي والقشرة الثنائية للفص الجبهي والقشور الجدارية الجانبية، وهذه المناطق في المخ ترتبط باتخاذ القرار، ويمكن أن تمنعنا أو تثنينا عن التورط أو الانخراط في أنشطة بعينها، أو تعطينا الضوء الأخضر للمضي قدماً في هذا الاتجاه أو ذاك.
وأظهرت الدراسة أن رؤية الصور، التي تبين سلوكاً خطراً، يبدو أنها تقلل النشاط في المناطق التي تجعل «فرامل» المخ قيد العمل، ما قد يجعل المراهق أقل في الحذر والحرص في سلوكياته الفعلية.
القلق لدى الوالدين
وناقش الفريق البحثي ما إذا كانت نتائج الدراسة تثير القلق لدى الوالدين تجاه أبنائهما، وفي هذا السياق أفاد فريق البحث بأن وسائل التواصل الاجتماعي لها الجانب السلبي والجانب الإيجابي، فالعديد من المراهقين وصغار السن يتبعون أناساً على الإنترنت لا يعرفونهم جيداً، والآباء لديهم الحق في أن يكونوا قلقين، وهذا يفتح إمكانية أن يكون الطفل أو المراهق أكثر تأثراً بالناس والأصدقاء، الذين يتورط أو ينخرط معهم في سلوكيات خطرة عبر تلك الوسائل، من الأصدقاء الفعليين.
لكنّ الباحثين أشاروا - في الوقت نفسه - إلى فائدة محتملة لوسائل التواصل، فإذا كان أصدقاء المراهق يظهرون سلوكاً إيجابياً، فعندئذ من الرائع أن يرى المراهق هذا السلوك ويتأثر به، ومن المهم للآباء والأمهات أن يكونوا على وعي بالذين يتفاعل معهم المراهق على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وما الذي ينشره هؤلاء الأصدقاء والمعارف ويحبه المراهق، يضاف إلى ذلك أيضاً أن الهوية الشخصية تتأثر بآراء الآخرين، كما أظهرت الدراسات السابقة.