«غارتنر»: 75% من البرمجيات تُنتَج داخل المؤسّسات بحلول 2020
أفاد تقرير حديث صدر، أخيراً، عن مؤسسة «غارتنر» المتخصصة في بحوث سوق تكنولوجيا المعلومات، بأنه في حلول عام 2020، سيتم إنتاج 75% من البرمجيات العاملة في المؤسسات بمعرفة المؤسسات نفسها وداخلها، وذلك بحكم التطور المتوقع في طبيعة أعمال المؤسسات، وانتقالها إلى الاعتماد بكثافة على الخدمات المبنية المركبة والمعقدة والمتداخلة، التي تجمع بين طيف واسع من التقنيات المتنوعة التي تحتاج إلى إبداع في جعلها تعمل معاً بتوافق يدعم بيئة العمل داخل المؤسسات، ويحقق الرضا لمتعامليها والعاملين فيها.
وأوضح التقرير أن هذا التوجه يستند إلى أسلوب جديد في البرمجة يُطلَق عليه «مدخل الكود المنخفض»، مشيراً إلى أن هذا التطور بمختلف تفصيلاته يحمل تحدياً كبيراً أمام المؤسسات، إذ عليها أن تمتلك المعرفة السليمة الكافية لتحديد متى وكيف تشتري البرمجيات الجاهزة، ومتى وكيف تبنيها بنفسها.
«لبنات البناء»
رافعة للمستقبل قال نائب الرئيس التنفيذي، المدير العام لوحدة الحوسبة السحابية لمؤسسة «سيلزفورس» للبرمجيات، آدام سيلغمان، في تصريحات لموقع cio.com، إن «ما يمكن أن نسمّيه (مدخل الكود المنخفض) يُعد رافعة ضخمة للدخول إلى مرحلة جديدة من عالم الأعمال في المستقبل، يتم فيها إعادة اختراع الشركات من جديد»، مشيراً إلى أن «هذا التوجه فرصة لمديري التكنولوجيا التنفيذيين لأن يصبحوا مهتمين ومرتبطين أكثر مع جانب الأعمال وليس التقنية فقط، وهي النقطة التي تصبح فيها التقنية شريكاً فاعلاً وأساسياً في جعل الشركة قادرة على الفوز برضا المتعاملين». وأضاف أنه «في هذا السياق كان الجميع يقولون إن عملي المحوري هو بناء السيارات أو التأمين أو غيرهما، وليس البرمجيات». غير أن توجه «الكود المنخفض»، حسب مؤسسة «غارتنر» المتخصصة في بحوث سوق تكنولوجيا المعلومات، سيغيّر من هذا الأمر، ويجعل من المحتم أن تعرف الشركة دورها جيداً، فهذا التوجه لا يعني أنها لابد أن تقوم ببناء هذه البرمجيات أو تلك، ولا يعني أن تكون متخصصة في البنية المعمارية للبرمجيات وهندستها، لكن على أقل تقدير يجب أن يكون لديها مدير منتجات برمجية، ومخطط منتجات برمجية، وأن تصبح على معرفة بالكيفية التي تصنع بها هذه البرمجيات. |
ويُقصد بـ«مدخل الكود المنخفض»، الاستخدام في البرمجة «لبنات بناء» أو مكونات برمجية جاهزة نمطية، مستندة إلى إبداعات سابقة عميقة ومعقدة من قبل أكبر شركات البرمجة وخبرائها عالمياً، كلٌ منها يتخصص بعمق شديد وشمول في القيام بمهمة أو تقديم خدمة، وهذه اللبنات تكون قابلة للتطويع والتحوير بما يمكّن من احتوائها في نظام أكبر يشملها جميعاً، وفق أكواد أو برمجيات يتم إبداعها للقيام بالربط والتكامل بين هذه «اللبنات»، وإعادة تشكيل مهامها لتسهم في تقديم خدمة أو نظام جديد مبدع ومختلف تماماً.
وبالتالي فالأكواد أو عملية البرمجة المطلوبة فيها تعتمد على الإبداع في الأفكار، وعدم التعمق كثيراً في الأكواد البرمجية، ومن ثم يُطلَق عليها «مدخل الكود المنخفض»، أو قليل العمق.
«أوبر» المثال الأبرز
وتعتبر شركة «أوبر» العاملة في خدمة تأجير السيارات حول العالم، من أبرز نماذج الأعمال التي جرى بناؤها وفقاً لـ«مدخل الكود المنخفض»، فالنظام الذي تعمل به يعد مملوكاً للمطورين والمبدعين في «أوبر»، لكن في الوقت نفسه فإن النظام يتكون من «لبنات» لم تبنِها «أوبر» من الصفر، بل هي مكونات اجتهدت شركات برمجيات وتقنية أخرى لسنوات طويلة حتى وصلت بها إلى قدر من العمق والتخصص، فـ«أوبر» تستخدم خدمة البنية التحتية المؤجرة من شركة «أمازون»، وخدمة خرائط «غوغل»، وخدمة «توليبو» للرسائل النصية القصيرة، إضافة إلى خدمة «برينتري» للمدفوعات الإلكترونية، وخدمة «سيندجريت» لإرسال المبالغ المستلمة، وكل هذه الخدمات هي «اللبنات» أو المكونات التي ربط «الكود المنخفض» بينها في نظام واحد هو نظام «أوبر» لخدمة تأجير السيارات.
حلول خارج الصندوق
ويقدّم نموذج «أوبر» نفسه على أن كل شركة أو مؤسسة عاملة في بيئة الأعمال الحالية، يمكن أن تصبح شركة برمجيات، أو ربما عليها أن يعمل جانب منها في مجال البرمجيات، ولذلك توقعت مؤسسة «غارتنر» للأبحاث أنه بحلول 2020 سيكون 75% من التطبيقات التي تعمل بالمؤسسات يتم بناؤها بدلاً من شرائها، لتدير الأعمال من البعد عبر حلول من خارج الصندوق أو حلول إبداعية، تتضمن تشكيلة أو توليفة من مكونات التطبيقات المتباينة، وإبداعات وبرمجيات غير معيارية أو اعتيادية أو برمجيات بخدمات احترافية مجهزة للتهيئة والاحتياجات المتكاملة أو حلول يتم الحصول عليها من الشركات الناشئة بصورة متزايدة، أو من موفرين محليين متخصصين في البرمجيات.
نقاط للحسم
حدّد نائب الرئيس للمنصات ومدير الاستراتيجيات في شركة «بوكس» للبرمجيات، جينتو باتيل، ثلاث نقاط يتعين على الشركة حسمها عند اتخاذ قرارها ببناء البرمجيات داخلياً، أو شرائها من أطراف خارجية.
وبيّن باتيل أن النقطة الأولى تتمثل باستطاعة الشركة بناء ما يمكن شراؤه بصورة أسرع وأفضل، وإنهاؤه كمهمة مكتملة أكثر مقارنة بالخدمات التي توفر لها الشيء نفسه أم لا، موضحاً بعبارة أخرى أنه إذا كان الإبداع الموجود في ما يمكن شراؤه يتجاوز الإبداع المتوقع الوصول إليه في ما يمكن بناؤه، فالأفضل أن تفكر الشركة في الذهاب للآخرين وتشتري بدلاً من أن تبني.
أما النقطة الثانية، فتركز حسب باتيل، على أنه إذا كانت الشركة قادرة على ابتكار شيء أفضل مما يمكن أن تحصل عليه من مكونات خارجية فيمكنها البناء، لكن إذا كان ما تبتكره مجرد شيء جيد فإنه لن يكون خيارها البناء داخلياً.
وأوضح باتيل أن النقطة الثالثة تتلخص في الفهم العميق والسليم للخدمات والأنشطة المحورية المتميزة التي تنفرد بها الشركة، فكل ما يمكن استبداله بشيء آخر لا يدخل في نطاق النشاط المحوري المميز، والأفضل الحصول عليه بالشراء من الخارج.
وفي هذه النقطة أضاف الرئيس التنفيذي لشركة «أفاند» المتخصصة في تقديم الخدمات المدارة، آدام واربي، أن فهم ما يكون وما لا يكون ضمن الخدمات المحورية يحتاج إلى رؤية مركبة معقدة تماماً للبرمجيات، ولذلك فإن القول إن كل شركة تفكر باعتبارها شركة برمجيات يُعد أمراً صعباً، خصوصاً بالنسبة للأعمال التقليدية.