«المكالمات الروبوتية».. نمط جديد مــــن «الإزعاج» لمشتركـي الهواتـف الأرضيــة والمحـمــولة
يبدو أن البريد الدعائي غير المرغوب فيه لن يظل الأمر الوحيد من نوعه الذي يمثل إزعاجاً لمستخدمي تقنية الاتصالات والمعلومات، فقد بدأت تضاف إليه ظاهرة المكالمات الدعائية غير المرغوب فيها، التي باتت تصل إلى مشتركي خطوط الهاتف الأرضي والمحمول على السواء، لتشكل نمطاً جديداً من «الإزعاج»، والتي باتت تعرف عالمياً باسم «المكالمات الروبوتية»، لأنه يتم إجراؤها بوساطة «الروبوتات» وليس البشر، وهي ظاهرة سجلت نمواً كبيراً في الآونة الأخيرة.
وأفاد تقرير أصدرته شركة متخصصة في خدمات البيانات عبر شبكات الاتصالات، بأن «المكالمات الروبوتية» باتت تشكل سوقاً تبلغ قيمتها حالياً ستة مليارات دولار داخل الولايات المتحدة الأميركية وحدها، وبمعدل نمو سنوي يبلغ 15%.
طريقة آلية
الانتخابات ىالأميركية اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «يو ميل»، أليكس كوليساي، أن الانتخابات الرئاسية الأميركية، تمثل نقطة مهمة للغاية في مسيرة المكالمة الآلية وتطبيقاتها و«الروبوتات» العاملة عليها، لافتاً إلى أن الحملات الانتخابية وفرت لها فرصاً واسعة للانتشار والتمويل والتطوير والدعم الفني. وقال إن «انتخابات 2016 الأميركية هي أكثر الانتخابات المتقدمة تقنياً في التاريخ، للحصول على الصوت الانتخابي، فكل حملة توظفها في تطبيقات عدة، كالإعلانات الاستهدافية على المحمول، المعتمدة على البيانات الضخمة، وحملات وسائل التواصل الاجتماعي الرأسية، ونشر الرسائل سابقة التسجيل، وجمع التبرعات وتشجع المكونات المختلفة للناخبين على التصويت، وغيرها من الأغراض الانتخابية الأخرى». |
وتعرف «المكالمة الروبوتية»، بأنها المكالمة التي يتم طلبها بطريقة آلية مميكنة بوساطة «روبوت»، لكن هذا «الروبوت» لا يتخذ الشكل المتعارف عليه لـ«الروبوتات» المنتشرة بالمصانع وغيرها، بل هو نظام معلوماتي برمجي موضوع على الحاسوب، ويعمل من خلال خوارزمية، أو «نموذج رياضي»، متصل بقاعدة بيانات فيها عدد هائل من أرقام خطوط الهواتف الأرضية والمحمولة، ومتصلة بشبكة التليفونات والإنترنت.
وعند التشغيل يعمل هذا النظام على اختيار رقم هاتف من الأرقام المسجلة في قاعدة البيانات، ثم يطلبه، وحينما يتم فتح الخط، يقوم «الروبوت» إما بتحويل المكالمة إلى شخص يعرض المادة الدعائية بصورة مباشرة، أو يشغّل رسائل صوتية مسجلة في قاعدة البيانات، ويتم بثها حسب خطة موضوعة سلفاً، فيما يعرف بالتسويق الآلي المميكن عبر الهاتف.
ارتفاع حتمي
وقد رصد تقرير موسع أعده موقع techrepublic.com ظاهرة «المكالمات الروبوتية» وتداعياتها، ونقل التقرير عن خبراء قولهم إنهم يتوقعون لهذه الظاهرة أن تتجه إلى الارتفاع الحتمي الذي لا مفر منه، لأن الاستخدام النافع لها سيتزايد باستمرار، مشيرين إلى أن هناك مئات الآلاف، وربما الملايين، من المشتركين يحتاجون إلى «مكالمات روبوتية» تذكرهم بتوقيتات أخذ الدواء مثلاً، أو تذكرهم بأنهم لم يدفعوا فواتير الهاتف للشهر المقبل، أو تذكيرهم بأخذ سياراتهم للصيانة، وغيرها من مئات التطبيقات والخدمات التي يمكن أن تقدمها هذه النوعية من المكالمات.
ولذلك فإنه من المتوقع لهذه المكالمات أن تنمو وتستمر كأداة مكملة للرسائل النصية والبريد الإلكتروني، خصوصاً أنها خدمة منخفضة الكلفة للغاية، ويمكن أن يتم تطويرها وتزويدها بالمزيد من الخصائص والمزايا المفيدة طوال الوقت.
سوء الاستخدام
لكن تلك الأمور مختلفة تماماً عن سوء الاستخدام أو المبالغة فيه، إذ أفاد تقرير أصدرته شركة «يو ميل» المتخصصة في خدمات البيانات عبر شبكات الاتصالات، أن معدلات «المكالمات الروبوتية» تصاعدت بصورة مخيفة خلال العام الجاري، خصوصاً في الولايات المتحدة بسبب الحملات الانتخابية الرئاسية.
وذكر تقرير «يو ميل» أن الناخبين الأميركيين استقبلوا، خلال النصف الأول من العام الجاري، نحو 18.7 مليار مكالمة، موضحاً أنه في مايو الماضي وحده، وفقاً لمؤشر «المكالمات الروبوتية» التابع للشركة، فإن الناخبين والمشتركين عموماً جرى إزعاجهم بـ2.49 مليار مكالمة، بزيادة 6.3% عن أبريل السابق، وفي أغسطس ارتفع رقم المكالمات المميكنة إلى 2.6 مليار مكالمة، ليصبح إجمالي المكالمات الروبوتية بالولايات المتحدة منذ بداية 2016 نحو 21.3 مليار مكالمة.
صناعة واعدة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «يو ميل»، أليكس كوليساي، إن «المكالمات الروبوتية» الدعائية تعد صناعة كبيرة وواعدة، لأن عدد الهواتف النشطة العاملة عالمياً ضخم جداً، مشيراً إلى أنه في الولايات المتحدة وحدها يتم إجراء 930 «مكالمة روبوتية» في الثانية، في مكان ما منها.
وأضاف كوليساي أن مدينة أطلانطا تعد أكبر مدينة يتم فيها إنتاج «مكالمات روبوتية» بالولايات المتحدة، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تصل فيها «مكالمات الروبوت» خلال 2016 إلى مليار مكالمة.
وبين أن مدينة مثل كولومبوس في أوهايو تم فيها إجراء 80 مليون «مكالمة روبوتية» حتى نهاية الانتخابات الرئاسية التمهيدية في مايو الماضي، مشيراً إلى أن سوق «المكالمات الروبوتية» تقدر حالياً في أميركا بأكثر من ستة مليارات دولار، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى 15%.
إجراءات مضادة
وقد دفع التوسع الكبير في خدمة «المكالمات الروبوتية» إلى ظهور إجراءات مضادة لتحجيم ما تسببه «الروبوتات» للمشتركين من إزعاج، فعلى المستوى الرسمي أنشأت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية قائمة سلبية تحظر إرسال «المكالمات الروبوتية» إليها، ويمكن لأي مشترك لا يرغب في وصول هذه المكالمات إليه، أن يسجل اسمه في القائمة ليصبح محظوراً على «الروبوتات» الموجودة في الشركات والمؤسسات والكيانات المختلفة الاتصال به لأغراض دعائية أو تسويقية أياً كان نوعها.
وفي المقابل، بدأت بعض الشركات تطوير نظم وبرمجيات مضادة لـ«روبوتات» المكالمات، إذ تعمل هذه النظم على فحص المكالمات الواردة إلى الأرقام المسجلة فيها، وتتبين من «التون» أو طبيعة الصوت ما إذا كان طالب المكالمة «روبوت» أو شخصاً. وتقوم في الحال بالرد بـ«الروبوت» المضاد برسالة تقول إن الرقم غير موجود في الخدمة، أو تحول المكالمة إلى خدمة البريد الصوتي للمشترك، على اعتبار أن «روبوتات» المكالمات تنهي المكالمة فور تحويلها إلى خدمة البريد الصوتي.