محللون أكّدوا أن العام الجاري سيكون محورياً بمسيرتها بعد تباطؤ التحديثات وازدياد قوة المنافسين

شبح أزمة «الثمانينات» يعود مجدّداً لمطاردة حاسبــــــات «ماك» في 2017

التراجع في مبيعات أجهزة «ماك» وصل إلى 17% خلال الربع الثالث من 2016. من المصدر

في ثمانينات القرن الماضي واجهت أجهزة «ماكنتوش»، التي تنتجها شركة «أبل» أزمة كبيرة، كان سببها تباطؤ وتراجع وتيرة الإبداع، والافتقاد للتغيير المدهش والجذاب في ما تقدمه من مزايا وصفات لمستخدميها، مقابل تعاظم كبير بقدرات منتجات المنافسين الآخرين. وكادت هذه الأزمة تعصف بمستقبل أجهزة «ماك» وشركة «أبل» ككل، لكن الشركة تعافت من هذه الأزمة مع عودة مؤسسها ستيف جوبز لقيادتها.

واليوم، وبعد ظهور الهاتف المحمول والشبكات اللاسلكية والإنترنت وغيرها، ورحيل جوبز، يطل شبح الأزمة مجدداً، بعدما أصبحت أجهزة «ماك» المكتبية والمحمولة، تعاني بطء التحديثات، ونقص «الإبداع المتدفق الملهم»، فضلاً عن ازدياد قوة المنافسين، وهو ما دفع الكثير من المحللين والمتابعين لمسيرة «أبل» إلى القول إن «أجهزة (ماك) ربما تواجه عاماً محورياً في مسيرتها، خلال عام 2017، الذي قد ينتهي وهي ماضية إلى (الرمق الأخير) في مسيرتها». ربما يكون هذا التوقع صادماً وغير واقعي بالنسبة للملايين من عشاق وهواة حاسبات «ماك»، لكن التحليل الذي نشره موقع techradar.com، أخيراً، حول التحديات التي تواجهها هذه الحاسبات، يتضمن العديد من الجوانب التي تضفي بعض الواقعية على تلك التوقعات.

تحذير ونصح

القوة القديمة

رغم التحليل المتشائم الذي نشره موقع techradar.com تجاه أجهزة «ماك» من شركة «أبل»، غير أن ذلك ليس مؤشراً إلى قرب نهاية هذه الأجهزة، إذ إنها لاتزال منتشرة وقوتها القديمة قائمة، كما أنها لاتزال من الأعمال الضخمة لـ«أبل»، حيث حققت للشركة عائداً بلغ 22 مليار دولار في عام 2015، وهذا ليس أمراً سيئاً على الإطلاق، خصوصاً أنه يجعل «أبل» تحقق هامش ربح ضخم.


• «آي فون» و«آي باد»، أزاحا أجهزة «ماك» عن قمة أولويات «أبل».

• «مايكروسوفت» أعلنت، أخيراً، أن مستخدمي «ماك» تحوّلوا إلى «ويندوز سيرفس».

• 40.4 مليون هاتف «آي فون» باعتها «أبل» في الربع الثالث من 2016.

بداية طرف الخيط في هذا التحليل المتشائم تجاه أجهزة «ماك»، كان ما أورده دليل المشتري الأكثر شعبية لأجهزة «ماك»، المعروف باسم «شائعات ماك»، الذي لاحظ المحللون أنه بات يوصي عشاق الراغبين في اقتناء هذه الأجهزة بشراء «ماك بوك برو» الجديد فقط، إذ منح المسؤولون عن الدليل هذا الجهاز علامة «الحذر والحيطة» عند الشراء، أما أجهزة «ماك» الأخرى مثل: «ماك بوك إير واي ماك» و«ماك ميني» و«ماك برو»، فحملت جميعها علامة بالأحمر العريض، تنصح المستهلكين بكلمة واحدة «لا تشتري».

وعلى مستوى أرقام المبيعات لوحظ زيادة وتيرة التراجع في مبيعات أجهزة «ماك»، فبعد أن كان 3% في الربع الأخير من عام 2015، وصل إلى 17%، خلال الربع الثالث من عام 2016.

«مايكروسوفت سيرفس»

زاد على ذلك أن شركة «مايكروسوفت» أعلنت في ديسمبر الماضي، وللمرة الأولى، أن عدد مستخدمي أجهزة «ماك» الذين يتحولون الى إدوات «سيرفس» من «مايكروسوفت»، أصبح أكثر من قبل وآخذ في التصاعد، مشيرة إلى أن هذا يعود جزئياً الى الإحباط الذي سببه جهاز «ماك بوك برو» الجديد.

ومن الملاحظ أن جميع أجهزة «ماك» السابقة شهدت تحديثات متأخرة، وهو ما يفترض معه أن «أبل» تنوي تحديثها جميعاً في وقت لاحق، والذنب الأكبر في هذا السياق، وفقاً لتحليل techradar.com هو أن «ماك برو»، الذي يعد الإبداع الأخير في أجهزة «ماك»، لم تمسه يد التعديل والتحسين منذ إطلاقه قبل ثلاث سنوات.

وترتب على ذلك أن أجهزة «ماك» لم تعد تشهد أشياء مثيرة تجعل التحديثات ضرورية أو جذابة، فغدت التحديثات متباطئة بصورة مماثلة حتى قبل أن تتجمد تماماً، وتتحوّل «أبل» من معالجات «باور بي سي» إلى معالجات «إنتل»، والمخاوف هنا ليست فقط حول نقص الإثارة والتجديد في المعدات والأجهزة، لكن في البرمجيات التي أصابت العديد من هواة «ماك» ومحبيه بالعصبية.

تدهور تدريجي

تسببت هذه الحالة في حدوث خبرات سيئة مع أجهزة «ماك» وبرمجياتها الجديدة، وكتب المعلق الشهير في مجال التقنية، والت موسبيرغ، في وقت مبكر من 2016 أنه «لاحظ تدهوراً تدريجياً في جودة وموثوقية تطبيقات (أبل) المحورية، في كل من نظم تشغيل (آي أو إس) المحمولة، ومنصة نظام تشغيل (أو إس إكس) لـ(ماك)».

من جهته، قال المدير التنفيذي السابق في «أبل»، جين لويس، إن «أزمة أجهزة (ماك) الحالية تكمن في أنها تعيش في عالم ما بعد الحاسبات الشخصية، فخط (ماكنتوش) من الحاسبات عمره 32 سنة، ولديه ماض رائع، لكن أي نوع من المستقبل ينتظره إذا كان في سوق آخذة بالتراجع؟».

أما المحلل، هوراك ديديو، فقال إن «التفكير في مقارنة أجهزة (ماك) بأجهزة (بي سي) هي عملية إلهاء، فالمعركة الآن بين أجهزة (ماك) و(المحمول)، ولا يمكن وضع (ماك) في دور من سيكون هو المستقبل».

أعمال جامدة

وفي كثير من النواحي، تبدو أعمال «أبل» في «ماك» شبيهة إلى حد كبير بأعمالها في الثمانينات، فهي أعمال جامدة وغير ملهمة. كما أن مجموعة المنتجات الحالية تعكس ذلك أيضاً، إذ إن «أبل» لم تعدّ تتمسك بشبكة المنتجات التي وضعها ستيف جوبز من أربعة خطوط، هي: الحاسبات المكتبية للمستهلكين، الحاسبات المحمولة للمستهلكين، الحاسبات المكتبية للمحترفين، والحاسبات المحمولة للمحترفين.

والسبب الواضح وراء ذلك كله، يعود إلى أن «أبل» تركز معظم مواردها على هاتف «آي فون»، الذي يعود عليها بأكبر العائدات المالية، ويتطلب تحديثات سنوية مهمة، كما تركز على «آي باد»، الذي تراه مستقبل الغرض العام من الحوسبة. وتدعم أرقام المبيعات هذه الفرضية، فقد قفز نصيب «آي فون» من عائدات «أبل» من 25%، خلال عام 2009 إلى 68% في عام 2016. كما أن «أبل» باعت 4.2 ملايين جهاز «ماك» في الربع الثالث من العام الماضي، مقابل بيعها 40.4 مليون هاتف «آي فون» في الفترة نفسها.

وكل ما يمكن لـ«ماك» أن يفعله هو أن يصبح أفضل في ما صنع من أجله، وفي النهاية تتفق الآراء على أن شيئاً من ذلك كله لن ينقذ أجهزة «ماك» من المأزق الذي تتجه إليه، وأن عام 2017 سيعدّ مفصلياً ومحورياً في مسيرتها.

تويتر