صحيفة صينية تثير الجدل مجدداً حول ظاهرة «الروبوت الصـــــحافي»
فرضت قضية «الروبوت الصحافي» نفسها مجدداً على الساحة، أخيراً، بعد أن قامت صحيفة محلية صينية، بنشر نص مكون من 300 حرف، تم إنتاجه بواسطة «روبوت صحافي» يحمل اسم «شياو»، وهذه التجربة تأتي عقب تجارب سابقة لصحف، مثل «لوس أنجلوس تايمز» و«واشنطن بوست» الأميركيتين و«الغارديان» البريطانية ومؤسسة «ميت ميديا» السويدية، ووكالات أنباء، مثل «أسوشيتدبرس» الأميركية، و«برس أسوسيشن» في كل من بريطانيا وأيرلندا. وهناك خمسة منتجات تتصدر سوق «الروبوتات البرمجية».
الصحف الصينية
عامل مساعد للمحررين والصحافيين توقفت «الروبوتات البرمجية» عند مرحلة العمل كعامل مساعد للمحررين والصحافيين لا أكثر، لذلك فإن «الروبوتات البرمجية» التي بدأت تغزو صالات تحرير الصحف، ليست سوى جزء من أسلحتها التي تتزود بها تباعاً، لتستطيع مواجهة تحديات أخرى، تتعلق بالمنافسة مع النشر الإلكتروني، والتغييرات المتلاحقة في تفضيلات القراء وأذواقهم، لكنها حتى الآن لم تطرح نفسها بديلاً للصحافي البشري. • «أسوشيتدبرس» تستخدم «روبوت» في تحرير وبث الأخبار المتعلقة بالجوانب الاقتصادية. • «كين شوينكي» كتب قصة خبرية عن الزلازل استناداً إلى البيانات الواردة من جهات معنية. • 20 صحيفة تمتلكها مؤسسة «ميت ميديا»، التي أدخلت «الصحافي الآلي» إلى عملها. • 3 دقائق يستغرقها الروبوت بين وصول البيانات ونشر القصة الصحافية على الموقع الإلكتروني. |
وتفصيلاً، أثارت إحدى الصحف الصينية المحلية، مجدداً الجدل حول قضية «الروبوت الصحافي»، أو الروبوت الذي يقوم بتحرير الأخبار وكتابة المقالات، بعدما نشرت نصاً مكوناً من 300 حرف، قالت إنه تم إنتاجه بواسطة «روبوت صحافي» يحمل اسم «شياو».
وأكدت الصحيفة أن الروبوت استطاع كتابة النص في ثانية واحدة، وهذه التجربة جاءت بعد تجارب سابقة في هذا السياق، أبرزها تجربة صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأميركية، مع «الروبوت الصحافي» الذي نشر أسرع تقرير عن زلزال وقع بأميركا قبل سنوات، وتجربة وكالة أنباء «أسوشيتدبرس»، التي أعلنت منذ فترة أنها تستخدم «روبوت صحافي» في تحرير وبث الأخبار المتعلقة بالجوانب المالية والاقتصادية.
وتناول النص الذي كتبه «الروبوت الصحافي» الصيني «شياو»، موضوعاً يتعلق بالسياحة في الصين، في ظل اقتراب الاحتفال برأس السنة الصينية.
ونقلت الوكالات عن الشركة التي طورت الروبوت «شياو»، أن حالته الفنية تسمح له بتحليل البيانات المعلوماتية التي يحصل عليها، ليعمل كمحرر صحافي، وهو قادر على كتابة النصوص الطويلة والقصيرة، لكنه لا يتمتع بخاصية طرح الأسئلة بشكل بديهي، أي في الوقت المطلوب.
التجارب المعلنة
وأجرت «الإمارات اليوم» بحثاً حول أصول قضية «الروبوت الصحافي» من الناحية التقنية، ومستوى انتشاره في بيئات العمل الصحافية، وكذلك تتبع لأهم التجارب المعلنة في هذا السياق.
ومن الناحية التقنية، ينتمي «الروبوت الصحافي» إلى فئة «الروبوتات البرمجية»، أو «الروبوتات المنتجة» في صورة نظم وبرمجيات فقط، من دون أن تصاحبها هياكل مادية ومعدات وعتاد صلب، تسهم في تغيير صورة الروبوت التقليدية العالقة بالأذهان، وبالتالي الأمر يتعلق بنظم وبرمجيات موجودة كأيقونات وشاشات تفاعلية عبر نظم المعلومات العاملة في صالات تحرير الصحف بالأساس.
وتعتمد هذه الروبوتات في عملها على نماذج رياضية «خوارزميات» متخصصة، يتم بناؤها بمفاهيم «الذكاء الاصطناعي» و«تعلم الآلة»، وتستفيد من أسس ومزايا علوم «لغويات الحاسب» التي لها اليد الطولى في عمليات فهرسة وتصنيف وتحليل وفهم وإدراك محتوى مئات الآلاف، وربما الملايين، من النصوص التي تصادفها، أو تتم تغذيتها بها، أو الاثنين معاً، ثم معالجتها لإيجاد محتوى جديد، قابل للتحرير و«القولبة» طبقاً لنماذج معدة سلفاً، تجعله يبدو في النهاية كأخبار ومواد صحافية.
الروبوتات البرمجية
ويعد اللاعبون الرئيسون، الذين يوفرون مثل هذه «الروبوتات البرمجية» قليلي العدد، ولا تظهر في البيانات والتقارير المتعلقة بسوق الروبوتات البرمجية الصحافية، إلا مجموعة صغيرة من أشهرها المنتجات الخمسة التالية:
1 ـ النظام الذي طوّره الخبير السويدي، سفيركير جوهانسون، عام 2012، وأطلق عليه «إل إس جي بوت»، وقال إنه يقوم بإعادة صياغة المحتويات المكتوبة عن طريق إدخال بيانات عليه.
2 ـ شركة «ناراتيف ساينس»، التي صنعت أول «روبوت صحافي»، يقوم بإعداد نصوص مستندة للحقائق والسرد الخبري.
3 ـ شركة «أوتوميتد إنسايتس» المطورة لبرنامج «وورد سميث»، وقالت إنه ينتج قصصاً إخبارية لا يُفضّل الصحافيون القيام بها كأخبار الاقتصاد.
4 ـ برنامج «كين شوينكي» الصحافي والمبرمج بصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، والذي جرى تطويره ليكتب قصة خبرية عند وقوع الزلازل استناداً إلى البيانات الواردة من الجهات المعنية، ويستغرق ثلاث دقائق بين وصول البيانات إليه ونشر القصة على الموقع الإلكتروني للصحف.
5 ـ شركة «ويبتيتز» التي تنتج برنامجاً يحوّل المقال إلى فيلم فيديو.
أبرز التجارب
وفي ما يتعلق بالتجارب البارزة في هذا السياق، كانت كالتالي:
1 ـ صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأميركية، التي اكتسبت شهرتها عند نشر أول خبر عن زلزال وقع يوم 27 مارس 2014 بأميركا، استناداً إلى برنامج صنّف على أنه «روبوت صحافي»، ولاتزال تستخدمه إلى الآن.
2 ـ وكالة أنباء «أسوشيتدبرس» التي تستعين بروبوتات متطورة لكتابة المقالات الرياضية والمالية بدلاً من الصحافيين.
3 ـ مؤسسة «ميت ميديا» المالكة لنحو 20 صحيفة في السويد، وقامت عام 2015 بإدخال «الصحافي الآلي» إلى عملها لكتابة النص وتصحيحه، والبحث عن المصادر، وذلك في أخبار الطقس والرياضة.
4 ـ وكالة الأنباء الوطنية في كل من بريطانيا وأيرلندا «برس أسوسيشن»، التي تستخدم «الروبوت الصحافي» لتغطية الألعاب الرياضية المختلفة والانتخابات.
5 ـ تجربة صحيفة «الغارديان» البريطانية، التي قامت، بالتعاون مع إحدى الصحف الأخرى، بتطوير برنامج جديد يسمى «آرثر» توضع به المعلومات والصور، ليتولى صياغتها بأسلوب صحافي ونشرها.
6 ـ تجربة صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، التي تتعاون مع «تويتر»، وشركة «روبوتات»، لتقديم خدمات تفاعلية حية للمشاهدين، وطبقتها في تغطية مؤتمر الحزب الجمهوري بكليفلاند.
العنصر البشري
خلاصة الأمر، أن مستوى النضج الذي حققته هذه «الروبوتات البرمجية» يقدم فقط شيئاً ملموساً قابلاً للاستخدام والنشر الصحافي في المجالات التي تتسم طبيعتها بالاعتماد على الحقائق العلمية والمنطق الرياضي، لكنها لم تحقق النجاح نفسه، أو حتى لم تقترب من غالبية القوالب والمجالات الصحافية الأخرى، كالتحقيقات الاستقصائية، والتحليلات، والحوادث ومقالات الرأي.