يستطيع المستخدم التعامل مع المعلومات والأجسام الافتراضية في الواقع المعزز من خلال أجهزة عدة كالنظارات. من المصدر

«أبل» تنتقل بـ «الواقع المعزز» من منتج جانبي إلى خيار اسـتثماري

أكدت شركة «أبل»، أخيراً، أنها قررت الانتقال بتقنية الواقع المعزز من مجرد كونها ميزة أو خاصية جانبية تضاف لهذا المنتج أو ذاك، إلى «خيار استثماري» عام وطويل الأجل. ولأن سوق التقنية تسير عادة وراء الخيارات الكبرى لشركة «أبل»، سواء في مجال ابتكار التقنيات الجديدة أو إلغاء العديد من التقنيات القديمة، اعتبر كثير من المحللين أن هذا التطور من جانب «أبل» يعد جرعة دعم وتأييد كبرى لتقنية الواقع المعزز، يتوقع أن تدعم انتشارها وجماهيريتها على الأجل المتوسط والطويل.

وجاءت جرعة الدعم هذه في تصريحات للرئيس التنفيذي لـ«أبل»، تيم كوك، خلال لقاء عقده في جامعة «جلاسكو» بمناسبة منحه الدكتوراه الفخرية، حيث وضع «الواقع المعزز» في أهمية الهاتف المحمول، معتبرها تقنية المستقبل. ووصف موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com تصريحات كوك بأنها إشارة قوية إلى «الفكرة الكبرى لشركة (أبل) خلال السنوات المقبلة».

الواقع المعزز

«أبل» تتوقع أن تتفوق تقنية الواقع المعزز على الواقع الافتراضي.

توجه «أبل» الجديد يعد جرعة تأييد تدعم انتشار «الواقع المعزز».

تعرف تقنية الواقع المعزز بأنها التقنية القائمة على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية، لتوفر معلومات إضافية أو تكون بمثابة موجّه له، حيث يستطيع المستخدم التعامل مع المعلومات والأجسام الافتراضية في الواقع المعزز من خلال أجهزة عدة، سواء كانت محمولة كالهاتف الذكي، أو من خلال الأجهزة التي يتم ارتداؤها كالنظارات والعدسات اللاصقة، إذ إن جميع هذه الأجهزة تستخدم نظام التتبع الذي يوفر دقة في الإسقاط، وعرض المعلومة في المكان المناسب، كنظام تحديد المواقع العالمي والكاميرا والبوصلة، كمدخلات يتم التفاعل معها من خلال التطبيقات.

فكرة مهمة

وعلى الرغم من أن كوك يحرص دائماً على إبقاء خطط منتجات «أبل» سرية وفي طي الكتمان، إلا أنه خالف هذا الأمر بعض الشيء في ما يتعلق بـ«الواقع المعزز»، وقال إن «الواقع المعزز من المشروعات المحببة للشركة، وعلى المستوى الشخصي أراها فكرة مهمة وعامة، إلى جانب فكرة الهواتف الذكية، من زاوية أنها من الأفكار والمنتجات الموجهة لكل شخص»، موضحاً أن «(آي فون) مثلاً لا يتم توجيهه إلى بلد معين أو سوق قطاعية معينة أو منطقة سكانية معينة، بل هو للجميع في كل الأماكن والأوقات وكل الأعمار، شأنه في ذلك شأن الهواتف المحمولة الأخرى».

سوق الواقع المعزز

أفاد تقرير صادر عن مؤسسة «آي دي سي» البحثية، حول الواقع الافتراضي والواقع المعزز عالمياً، بأنه من المتوقع أن تحتل الولايات المتحدة الصدارة في سوق الواقع المعزز بحلول عام 2020، وأن يصل نمو هذه السوق إلى أكثر من 100% خلال السنوات الخمس المقبلة في العديد من مناطق العالم.

وبين التقرير أن مناطق آسيا والمحيط الهادي وغرب أوروبا والولايات المتحدة، تركزت فيها ثلاثة أرباع الإيرادات العالمية لسوق الواقع الافتراضي والواقع المعزز، للعام الماضي، متوقعاً أن يصل حجم سوق الواقع المعزز والافتراضي، إلى 120 مليار دولار بحلول عام 2020.

يذكر أن لعبة «بوكيمون جو» التي تم تطويرها بتقنية الواقع المعزز، حققت 800 مليون دولار خلال 110 أيام من طرحها، ومع نهاية عام 2016 وصلت إيراداتها إلى 950 مليون دولار، وذلك وفقاً لشركة «آب أني» المتخصصة بأبحاث السوق.

وأضاف كوك: «كتلك الحال ستكون تقنية الواقع المعزز، للجميع من كل الأعمار والأجناس والمناطق والأوقات بلا تفرقة، فهي تقنية محورية مركزية تُبنى داخل الأجهزة والأدوات، وستصبح جزءاً مهماً من حياتنا اليومية مثلما فعل (آي فون)»، متوقعاً أن «تتحول تقنية الواقع المعزز إلى تجربة يومية مفيدة وممتعة لدى شريحة كبيرة من المستخدمين، وربما تصبح بالنسبة للكثيرين مثل تناول الطعام ثلاث مرات في اليوم»، على حد قوله.

تحديات

وعبّر كوك في تصريحاته عن «توقعه أن تصبح تقنية الواقع المعزز توجهاً رئيساً، وتسود وتتفوق على الواقع الافتراضي، لأن تقنية الواقع الافتراضي تستطيع أن توفر فرصاً مثيرة للاهتمام بالتعليم وعالم الألعاب وبعض المجالات القطاعية والمتخصصة، لكن تقنية الواقع المعزز ستكون مقبولة أكثر وعلى نطاق أوسع في الحياة اليومية».

ومع كل هذه النظرة المتفائلة، حرص كوك على القول إن «هناك تحديات كبرى وأشياء لابد من اكتشافها، قبل أن تصبح هذه التقنية جيدة بدرجة كافية لأن تصبح تياراً رئيساً في الصناعة وفي حياة المستخدمين، ولذلك ستستغرق تقنية الواقع المعزز بعض الوقت، لكن انتشارها وسيادتها سيحدثان في النهاية، وستكون تقنية المستقبل، وسنتساءل حينما يحدث ذلك كيف سنعيش من دونها، كما نتساءل الآن كيف يمكن أن نعيش من دون هواتفنا المحمولة».

خطوات سابقة

وعلى المستوى العملي، خطت «أبل» خلال السنوات الماضية خطوات قليلة سابقة في تطبيق تقنية الواقع المعزز، فهاتف «آي فون 7 بلس» يشغّل نظاماً ثنائي الكاميرات، يمكن استخدامه بمعرفة المطورين لبناء تجارب مبنية على الواقع المعزز، مثل لعبة «بوكيمون جو». وكانت وكالة «بلومبيرغ» نشرت تقريراً، في نوفمبر الماضي، ورد فيه أن «أبل» تدرس التوسع نحو سوق النظارات الذكية القابلة للارتداء، وأنها ناقشت المشروع مع موردين محتملين لتطوير نظارات بتقنية الواقع المعزز، قادرة على عرض الصور جنباً إلى جنب معلومات أخرى، كما طلبت عدداً قليلاً من الشاشات التي توضع على مقربة من العين لأغراض الاختبار، لكنها لم تحصل على كمية كافية للإنتاج الشامل.

من ناحية أخرى، تشير الوظائف الشاغرة والمطلوبة التي تعلن عنها «أبل»، إلى أنها تحشد لتطوير مشروعات لها علاقة بالواقع المعزز، وبالطبع من غير المعروف ما هذه المشروعات وكيف ستبدو وما الذي ستنتهي إليه.

داعمون آخرون

وليست «أبل» وحدها التي تهتم بتقنية الواقع المعزز، إذ إن شركة «مايكروسوفت» تعتمد كلياً على هذه التقنية في نظارتها الذكية «هولو لينس»، كما أن شركة «غوغل» لديها نظارة «غوغل» التي أطلقتها عام 2012، ثم أوقفتها العام الماضي بسبب مشكلات تتعلق بالخصوصية، فيما تستعد شركة «لينوفو» الصينية لإطلاق هاتف ذكي يدعم مزايا «الواقع المعزز» بالتعاون مع «غوغل»، في يوليو المقبل، ولم تكشف الشركة عن المزيد من التفاصيل المتعلقة بالهاتف المرتقب، لكنها قالت إنه سيشمل تقنية «مشروع تانجو» الخاصة بشركة «غوغل»، وغير ذلك من المزايا. كما وصلت تقنية الواقع المعزز إلى عالم السيارات أيضا، حين أعلنت شركة «فولكس فاجن» أنها تعمل حالياً على تطوير تطبيقات لتقنية الواقع المعزز في سياراتها، لإثراء البيانات المعروضة على شاشة السيارة، بحيث تتواءم البيانات المعروضة على الشاشة مع البيئة المحيطة. ومن خلال التحديد الطبيعي للموقع فإن طريقة العرض تندمج في البيئة المحيطة مباشرة أثناء السير، وبذلك يتعرف السائق على البيانات بطريقة أسهل، ويقل بذلك تشتته عن متابعة أحوال الطريق.

الأكثر مشاركة