بالتزامن مع إطلاقها أول شريحة فلاشية ثلاثية الأبعاد من فئة «ناند» بسعة واحد تيرابايت
أزمة مالية تدفع «توشيبا» لبيع 50% من وحدة شرائح الذاكرة
لم يكن أشد المتشائمين يتخيل أن تعيش شركة «توشيبا»، عملاق التقنية الياباني، يوماً مثل الذي عاشته الجمعة الماضي، الذي شهد مفارقة مذهلة، اجتمعت فيها ذروة مشكلاتها المالية الإدارية المتفاقمة، مع قمة الإبداع والنجاح التقني في مجال شرائح الذاكرة الفلاشية ثلاثية الأبعاد من فئة «ناند» التي سبق واخترعتها «توشيبا» وقدمتها للعالم عام 1980.
صعوبات تعد شركة «توشيبا» ثاني أكبر منتج في العالم للذاكرة الفلاشية «ناند»، بعد شركة «سامسونغ». ومن المتوقع أن تفوز بصفقة شراء نصف وحدة أعمال الذاكرة في «توشيبا»، شركة «ويسترن ديجيتال» التي تتشارك مع «توشيبا» حالياً في إدارة وتشغيل أحد مصانع إنتاج شرائح الذاكرة. وقد عرفت «ويسترن ديجيتال» كواحدة من أقوى مصنّعي محركات الأقراص، إلا أن الاندماج مع «توشيبا» يواجه تساؤلات حول مدى أهميته، وما إذا كان قانون مكافحة الاحتكار سيسمح بإنهاء مثل هذا الاندماج. • قدرة شرائح «ناند» التخزينية أكبر بـ65% من تقنية الجيل السابق. • طرح شرائح الذاكرة الجديدة في الأسواق اختبارياً أول أبريل المقبل. 64 طبقة من الخلايا الفلاشية في شرائح «ناند» ثلاثية الأبعاد الجديدة. |
ففي هذا اليوم، ضاقت السبل أمام «توشيبا» وتعقدت أزمتها المالية الناجمة عن الخسائر الكارثية التي تعرضت لها في صفقة شراء مفاعلات نووية بأميركا، واضطرت للإعلان عن بيع 50% من وحدة أعمال شرائح الذاكرة الإلكترونية أكثر قطاعات الشركة نجاحاً، وفصلها عن الشركة الأم. وفي اليوم نفسه كشفت «توشيبا» عبر موقعها الإلكتروني عن أول شريحة ذاكرة فلاشية من فئة «ناند» يتم تصنيعها بطريقة ثلاثية الأبعاد وبسعة واحد تيرابايت، ويبدأ تسويقها اختبارياً في أبريل المقبل، لتؤكد ريادتها في سوق شرائح التخزين.
وقد شكلت البيانات الصادرة عن «توشيبا» في ذلك اليوم أمراً لافتاً، حيث وصف تقرير نشره موقع «دي رام إكستشينج» المتخصص في سوق شرائح الذاكرة الإلكترونية موقف «توشيبا» بأن «غبار الفشل النووي» طارد «النجاح الذهبي» للإبداع في التقنية.
بداية المفارقة
وبدأت مفارقة الجمعة الماضي، من خلال بيان نشرته غرفة الأخبار في موقع «توشيبا» toshiba.semicon-storage.com/news، والذي كشفت فيه الشركة عن وصول العينات الاختبارية من شريحة «ناند» الفلاشية ثلاثية الأبعاد، سعة واحد تيرابايت، وهي تمثل الجيل الثالث من شرائح «ناند» الفلاشية ثلاثية الأبعاد التي تتراص فيها 64 طبقة من الخلايا الفلاشية فوق بعضها بعضاً كما لو كانت بناءً ثلاثي الأبعاد، وفيها قدرة تخزينية أكبر بـ65% من تقنية الجيل السابق التي كانت تستخدم 48 طبقة فقط.
وهذه الزيادة في السعة التخزينية لكل قرص سيليكون واحد تقود إلى خفض كلفة كل «بيت» من البيانات، الأمر الذي يخفض كلفة الإنتاج، ومن ثم سعر البيع في النهاية.
وأوضح البيان، أن الشرائح الجديدة تخزن ثلاثة بيت من البيانات في خلية التخزين الواحدة داخل شريحة الذاكرة، ما يجعل من الممكن تخزين 64 غيغابايت ثم 512 غيغابايت ثم واحد تيرابايت (ألف غيغابايت) على الشريحة الواحدة.
نطاق واسع
وأضاف بيان «توشيبا» أنه تم إنتاج الشرائح الجديدة على خط إنتاج شرائح الذاكرة المعروف باسم «بيكسس»، مبيناً أنه بهذه التقنية يمكن إنتاج شريحة «ناند» فلاشية صغيرة وخفيفة الوزن، تعمل كوحدة تخزين إلكترونية رئيسة للحاسبات المكتبية والمحمولة واللوحية، من فئة «إس إس دي»، ليتم استخدامها من قبل الأفراد والمؤسسات على السواء.
وأشار إلى أنه من المقرر أن تطرح شرائح الذاكرة الجديدة في الأسواق اختبارياً في الأول من أبريل المقبل، ثم تطرح على نطاق واسع في النصف الثاني من العام الجاري، ليصبح خط إنتاج «بيكسس» متنوع المنتجات، ويشمل الشريحة الجديدة سعة واحد تيرابايت، إلى جانب شريحة 64 طبقة بسعة 256 غيغابايت، و32 غيغابايت، وشريحة
512 غيغابايت الجديدة، التي يتم تصنيعها جميعاً على نطاق واسع بالفعل.
ريادة والتزام
وتعليقاً على هذا التطور التقني المهم، قال نائب الرئيس في وحدة أعمال شرائح الذاكرة بـ«توشيبا»، سكوت نيلسون، إن «طرح الجيل الثالث من شرائح فلاش (بيكسس) سعة واحد تيرابايت يعزز بقوة من ريادة (توشيبا) في سوق وحدات الذاكرة الفلاشية»، لافتاً إلى أن «هذه الابداعات تؤكد التزام الشركة بتطوير حلول ذاكرة متطورة».
وكانت «توشيبا» هي من اخترع شرائح «ناند» الفلاشية في عام 1980، ومن ذلك الحين وهي تسهم فيها بإبداعات تقنية مهمة ومتتالية، حيث أعلنت أخيراً أنها بدأت بناء مصنع جديد متطور جداً لأشباه الموصلات، هو المصنع السادس لها، فضلاً عن مركز بحوث وتطوير تقنيات الذاكرة الفلاشية ثلاثية الأبعاد المنتجة عبر خطوط إنتاج «بيكسس».
قرار الفصل
وفي الوقت الذي كان الكثيرون يتابعون التطور الذي حمله بيان غرفة أخبار «توشيبا»، حدثت المفارقة وصدر بيان عن مجلس إدارة الشركة الذي كان مجتمعاً لبحث سبل المواجهة والتعامل مع الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الشركة ككل، والناجمة عن الخسائر الكارثية التي تعرضت لها في صفقة شراء مفاعلات نووية بأميركا. وجاء فيه أن الشركة قررت فصل وحدة أعمال شرائح الذاكرة عن أعمال الشركة، وبيع 50% من أسهمها، أي نحو 1.76 مليار دولار، للمستثمرين المُحتَمَلين، مثل شركة «ويسترن ديجيتال»، وهي أحد شركائها الحاليين، وكذلك بنك التنمية الياباني (دي بي جيه).
مرونة أكبر
وجاء في بيان مجلس إدارة «توشيبا» أن فصل وحدة أعمال الذاكرة لتصبح كياناً مستقلاً سيمنحها مرونة أكبر في اتخاذ القرارات بصورة أسرع، ويعزز خياراتها التمويلية، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى المزيد من النمو.
وقالت الشركة للمستثمرين إن الوحدة ستعمل تحت اسم «مؤسسة (توشيبا) للذاكرة»، وسيتم تنظيمها بصورة تساعدها على النمو باستخدام استثمارات يمكن أن يقدمها شريك أو شركاء جدد. وكانت شائعات فصل وحدة أعمال شرائح الذاكرة بدأت الشهر الماضي، ووقتها أعلنت أربع شركات عن اهتمامها الشديد بشراء حصة فيها، هي «ويسترن ديجيتال»، و«فوكس كون» و«ميكرون» و«إس كيه هاينكس».