تعالج مشكلة سخونة وانفجار بطاريات الأجهزة المحمولة
«البطاريات الصلبة».. الجيل المقبل من «أيونات الليثيـوم»
حصل باحثان أميركيان على براءة اختراع تختص بـ«البطاريات الصلبة»، التي تمثل الجيل المقبل من بطاريات «أيونات الليثيوم»، والتي من المتوقع لها أن تحل محل الأجيال المستخدمة حالياً، ويسهم الاختراع الجديد في معالجة مشكلة سخونة وانفجار بطاريات الأجهزة المحمولة، من هواتف وحاسبات وكاميرات وغيرها، وصولاً إلى بطاريات آمنة تماماً.
ولا يعد هذا الاختراع، المحاولة الأولى، إذ قام كلٌ من معهد «سامسونغ» للتقنية المتقدمة، ومعهد «ماساشوستس» للتقنية «إم آي تي»، بتنفيذ بحث مشترك في هذا المجال، وأعلنت نتائجه العام الماضي.
كما ابتكر علماء تابعون لوكالة أبحاث الفضاء الأميركية (ناسا)، في وقت سابق، بطارية فائقة النحافة، تنتمي أيضاً إلى نوعية «البطاريات الصلبة»، ما يجعلها مرشحاً رئيساً لاستخدامها في الأقمار الاصطناعية المصغرة.
كثافة الطاقة أوضحت الاختبارات، التي أجريت على النماذج الأولية لـ«البطاريات المصمتة الصلبة» أن لديها كثافة طاقة تقترب من ثلاثة أضعاف كثافة الطاقة التي يتم تخزينها على بطاريات «أيونات الليثيوم» التقليدية، وهي بالحجم نفسه. • «البطاريات الصلبة» تقدّم ثلاثة أضعاف كثافة الطاقة التي تقدمها البطاريات الحالية، وأكثر أماناً عند التشغيل. • براءة الاختراع الجديدة تستخدم «إلكتروليت» زجاجياً صلباً ليس به سوائل على الإطلاق. 1200 دورة يمكن خلالها شحن وتفريغ خلايا البطارية، بمقاومة منخفضة من الخلية 2-3 ميلي مترات سمك البطارية فائقة النحافة، التي توصل اليها علماء من «ناسا» 3 أعضاء لازمة للتوصيل الكهربائي في دائرة، تضم «نحاس» و«زنك» و«الكتروليت» |
بحث جديد
وتفصيلاً، حصل باحثان بكلية «كوكرل» للهندسة، في مدينة أوستن، بولاية تكساس الأميركية، عبر بحث جديد، على براءة اختراع تختص بـ«البطاريات الصلبة»، التي تمثل الجيل المقبل من بطاريات «أيونات الليثيوم»، ويتوقع لها أن تحل محل الأجيال المستخدمة حالياً، وتقدم ثلاثة أضعاف كثافة الطاقة، التي تقدمها البطاريات الحالية، وأكثر أماناً عند التشغيل.
وضم الفريق البحثي كلاً من الباحث الدكتور جون جود إنف، مخترع بطاريات «أيونات الليثيوم»، المستخدمة على نطاق واسع حالياً، بالتعاون مع الدكتورة ماريا هيليانا براغا، وتم نشر نتائج البحث بمجلة الطاقة وعلوم البيئة الأميركية.
ويسهم الاختراع الجديد في معالجة مشكلة سخونة وانفجار بطاريات الأجهزة المحمولة، من هواتف وحاسبات وكاميرات وغيرها، وصولاً إلى بطاريات آمنة تماماً، ولو تركت البطارية لحالها، فلن تفقد شيئاً مما قامت بتخزينه من طاقة مهما طال الزمن.
ولا يعد هذا الاختراع، المحاولة الأولى، في مجال إنتاج بطاريات «أيونات الليثيوم المصمتة الصلبة»، إذ أعدّ كلٌ من معهد «سامسونغ» للتقنية المتقدمة، ومعهد «ماساشوستس» للتقنية «إم آي تي»، بحثاً مشتركاً في هذا المجال.
«الإلكتروليت» السائلة
وبصفة عامة، تتمحور فكرة بطاريات «أيونات الليثيوم الصلبة» حول تغيير مادة تدعى «الإلكتروليت» السائلة بأخرى صلبة. ويعرف «الإلكتروليت» أحياناً بـ«المحاليل الأيونية»، أو المادة التي تحتوي على «أيونات» حرة، تشكل وسطاً ناقلاً للكهرباء، مثل المحلول المائي من «حامض الكبريتيك»، فهو يسمح بتدفق «الأيونات» بين الطرفين، السالب والموجب بالبطارية، فيحدث التفاعل الكيميائي بين الطرفين بما ينتج التيار الكهربي.
ويدخل «الإلكتروليت» ضمن ثلاثة أعضاء لازمة للتوصيل الكهربائي في دائرة، وهي في حالة خلية البطارية، مثلاً، تضم «لوح نحاس»، بجانب «لوح زنك»، بجانب «إلكتروليت».
ويعني استخدام «الكتروليت صلب» في بطاريات الأجهزة المحمولة، استبعاد احتمالات السخونة والانفجار، وبالتالي يحقق الأمان عند الاستخدام، مع سعة أكبر في التخزين.
وطبقاً لما قاله الباحثان، جون جود إنف وماريا هيليانا براغا، فإن براءة الاختراع الجديدة، تستخدم «إلكتروليت» زجاجياً صلباً، ليس به سوائل على الإطلاق. وهذا الأمر يمنع نشوء وتكوّن ما يسمّى «بالتشعبات والزوائد» الدقيقة، وهي عبارة عن بروزات معدنية، تتشكل بصورة عفوية، حينما يكون «الإلكتروليت» في حالة سائلة، ثم تصطدم مراراً بالعازل الكهربائي، الذي يفصل قطب البطارية السالب عن قطبها الآخر الموجب.
وعند اهتراء العزل، يحدث ما يسمّى «بالدائرة القصيرة» التي يحدث فيها «تماس» بين القطبين بصورة غير سليمة، فتحدث السخونة، ثم الانفجار والحريق.
وأشار الباحثان إلى أن «الإلكتروليت» الزجاجي الصلب، يُشحن ويُفرّغ على نحو أسرع، لذا فإن دورة حياته، ستكون أطول مقارنة بالبطاريات الحالية، وهو مصنوع من «الصوديوم الرخيص»، المستخرج من مياه البحر، بدلاً من «الليثيوم»، وبالتالي سيخفض كلفة أي بطارية تُطرح تجارياً وتستند إلى تصميمها نفسه، بالإضافة إلى أنها ستكون بطارية صديقة للبيئة.
كما سيسمح للمنتجين بطلاء وكشط «المعادن القلوية» على كل من الأقطاب الموجبة والسالبة، وهو ما يعني تبسيط عملية التصنيع، وإنتاج بطاريات آمنة تماماً.
وأكدا أن خلايا البطارية يمكن شحنها وتفريغها أكثر من 1200 دورة، بمقاومة منخفضة من الخلية، فضلاً عن قدرتها على العمل في درجات الحرارة المنخفضة جداً، وتصل إلى أقل من (4 فهرنهايت).
«سامسونغ» و«إم آي تي»
في المقابل، أكد فريق معهد «سامسونغ» للتقنية المتقدمة ومعهد «إم آي تي» للتقنية، أن بطارياتهم المصمتة الصلبة، يمكن أن تستمر مدى الحياة، لأنهم طوروا مواد جديدة للمكونات الأساسية للبطارية، التي تجعلها تخزن الطاقة لأجل غير مسمى، وتطيل عمرها وترفع قدرتها وسلامتها، حتى أنه يمكن قذفها في الحائط، دون أن تتأثر أو تشكل خطراً، حسبما أكد أستاذ علوم المواد والهندسة، في معهد «إم آي تي» وأحد الأعضاء الرئيسين في الفريق البحثي، جيربراند سيدير.
وأضاف أن «الإلكتروليت المصمت الصلب»، لا يحدث به أي تدهور أو تراجع، ما يعني أن البطاريات يمكن أن تظل لمئات أو لآلاف من دورات التشغيل.
وقال أعضاء الفريق البحثي إنهم تغلبوا على مشكلة بطء توصيل «الأيونات» وتدفقها في «الإلكتروليت الصلب»، وهي واحدة من المشكلات، التي شكلت عائقاً أمام ظهور وانتشار البطاريات المصمتة الصلبة، لأنها تقلل من فترة تشغيل البطارية.
محاولة ثالثة
وفي محاولة ثالثة، ابتكر علماء من إدارة الأبحاث والتقنية في مركز «كيندي للفضاء»، التابع لوكالة أبحاث الفضاء الأميركية (ناسا)، بطارية فائقة النحافة، تنتمي أيضاً إلى نوعية «البطاريات الصلبة»، إذ يراوح سمكها بين 2 و3 ميلي مترات، ما يجعلها مرشحاً رئيساً لاستخدامها في الأقمار الاصطناعية المصغرة، مثل الأقمار المكعبة التي تكون أبعادها عادة 10×10×11.35 سنتيمتراً، وكتلة الوحدة منها لا تزيد على 1.33 كيلوغرام.
وتوقع علماء «ناسا»، المشاركون في هذا البحث، أن تُحدث هذه البطارية شديدة النحافة، تطوراً كبيراً في تقنية البطاريات مستقبلاً، ليس فقط في مجال الفضاء، بل في المجالات الأخرى أيضاً. وإذا أمكن إضافة هذا النوع من البطاريات إلى المنازل أو المباني الحالية أو ضُمّنت في الجدران خلال البناء، فإنها ستكون مصدراً إضافياً أو بديلاً للطاقة.
ومع عناصر البناء الملائمة، يمكن جعل هذه البطاريات مقاومة للرطوبة والصدمات واللهب. أما في مجال الأجهزة الإلكترونية، فسيتم العمل على تخفيف وزنها إلى حد كبير، خصوصاً بالحاسبات المحمولة، التي تعد بطارياتها من مصادر الوزن الرئيسة.