ساعة «أبل» تشخّص الاختلال في ضربات القلب مبكراً بدقـة 97%

شهد عالم التقنية تطورين جديدين على طريق تدشين ظاهرة «طبيبك حول معصمك»، أو الأجهزة التي يتم ارتداؤها حول معصم اليد، كالأساور أو الساعات لتقوم بأدوار طبية مهمة ومفيدة لمن يرتديها، حيث تم خلال المؤتمر السنوي لجمعية القلب الإيقاعي، الذي عقدت فعالياته في مدينة شيكاغو الأميركية، أخيراً، الإعلان عن نتائج دراسة أثبتت أن ساعة «أبل» التي يتم ارتداؤها حول المعصم تقوم بتشخيص مبكر بدقة تصل إلى 97% لاختلالات نبض القلب، التي تسبب حالة «الرجفان الأذيني» التي ينتج عنها السكتة القلبية والوفاة. وتزامن هذا الإعلان مع الكشف خلال فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت» السنوي للمطورين، الذي عقد في مدينة سياتل، عن ساعة يد ذكية موصولة بحاسب لوحي صغير، يتم ارتداؤها حول معصم اليد، لتسيطر على رعشة اليد لدى المصابين بمرض الشلل الرعاش، بدرجة تجعلهم قادرين على الكتابة والرسم.

ولعل القاسم المشترك في الحالتين أن «أبل» و«مايكروسوفت» لم تخططا أصلاً لمثل هذه الاستخدامات المحددة عند إنتاج ساعتيهما الذكيتين، إذ إن في حالة «أبل» لاحظ أطباء متخصصون في أمراض القلب أن جهاز استشعار ورصد ضربات القلب في ساعة «أبل»، يحقق دقة عالية جداً في رصد وتسجيل الاختلالات في ضربات القلب، أما في حالة «مايكروسوفت» فكانت حالة صداقة ناشئة بين باحثة في الشركة وصديقتها، التي تعمل في مجال تصميم الرسوميات باستخدام الحاسب، وأصيبت بمرض الشلل الرعاش، وراء تطوير ساعة «مايكروسوفت» الذكية.

• التطوران الجديدان يفتحان آفاقاً جديدة لاستخدام الأجهزة القابلة للارتداء طبياً

• ساعة «مايكروسوفت» تخفض رعشة اليد.. وتعيد مريضة للكتابة والرسم

ساعة «أبل»

وبالنسبة لساعة «أبل»، عرض قسم أمراض القلب ورسم القلب في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، نتائج دراسة بعنوان «القلب الإلكتروني»، استمرت 14 شهراً، أجراها فريق من الباحثين بالقسم تحت رئاسة مدير البحوث الإكلينيكية في قسم أمراض القلب بالجامعة، الدكتور جريجوري ماركوس. وخلال مؤتمر جمعية القلب الإيقاعي، أعلن الباحثون أنهم جمعوا أكثر من 100 مليون نقطة بيانات لضربات القلب، من أكثر من 6000 شخص يرتدون ساعة «أبل»، وبعد تحليل هذه البيانات تبين أن جهاز استشعار معدل ضربات القلب في ساعة «أبل» يمكنه أن يلتقط بدقة نوعاً من الاختلال في نبض القلب، يطلق عليه «الرجفان الأذيني»، وهو معدل نبض غير طبيعي يمكن أن يؤدي إلى بعض أمراض القلب، ومنها السكتة القلبية التي تسبب الوفاة، ويحدث هذا الاختلال بسبب عوامل متنوعة، منها ارتفاع ضغط الدم على سبيل المثال.

اختبار مقارنة

ولأن ساعة «أبل» ليست أداة تشخيص معتمدة، قرر الفريق إجراء دراسة لمعرفة ما إذا كانت هذه الملاحظة تحقق نتائج يعتد بها في عملية التشخيص من عدمه، فأجرى الفريق اختبار مقارنة بين النتائج التي تحققها بيانات ساعة «أبل» في رصد وتشخيص هذا الاختلال، بالنتائج التي يحققها اختبار «تقويم نظم القلب»، وهو نوع من الاختبارات الطبية التي تتم داخل المستشفيات بأجهزة أخرى، متخصص في كشف هذا النوع من الاختلالات.

ولتنفيذ هذا الاختبار، قام الفريق ببناء خوارزمية (نموذج رياضي) تعتمد على تقنية تعلم الآلة، لتحليل واستخلاص النتائج المستقاة من بيانات ساعة «أبل»، وبعد ذلك مقارنتها بالنتائج المستخلصة من الاختبار الآخر.

وعند تنفيذ الاختبار تم اختيار مجموعة من المرضي المصابين بالفعل باختلال «الرجفان الأذيني»، وطلب منهم الباحثون ارتداء ساعات «أبل»، وفي الوقت نفسه فحصهم بطريقة «تقويم نظم القلب» بالمستشفى، ثم إدخال البيانات المأخوذة من الحالتين، مرحلة التحليل والفحص، وذلك لاستخلاص النتائج بالطريقة المعروفة بحثيا بـ«العمى المزدوج»، أو التي يتم فيها إنجاز عملية التحليل والحصول على النتائج من الطرفين من دون تمييز أو معرفة أن البيانات تابعة لهذا الطرف أو ذاك، وفي النهاية جاءت النتائج لتؤكد أن بيانات ساعة «أبل» كانت دقيقة وناجحة في تشخيص الرجفان الأذيني بنسبة 97% من الحالات.

نتائج مدهشة

وقال مطور رسم القلب، براندون بالينجير، في جامعة كاليفورنيا، إن «النتائج كانت مدهشة، ولا أعتقد أن شخصاً ما كان يتوقع في بداية هذه الدراسة أن هذا منتج يمكنك الحصول عليه بمجرد الذهاب إلى متجر (أبل) وتحقيق دقة بنسبة 97% في تشخيص (الرجفان الأذيني)»، مضيفاً أن «(أبل) قامت بعمل رائع في جهاز استشعار نبض القلب».

وأشار بالينجير إلى أنه «مهتم باختبار الخوارزمية التي طورها فريقه على نطاق أوسع وتقديمها للحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية كوسيلة من وسائل التشخيص الطبي كما يفعل الأطباء تماماً، بحيث يصبح تطبيق ساعة (أبل) للرسم القلبي قادراً على تنبيه المستخدمين بالوقت الذي يتعين عليهم عرض نفسهم على الطبيب». من جهته، قال الدكتور ماركوس، إن «فريقه لا يستخدم ساعة (أبل) لتخبره بالضبط معدل نبض القلب، لكنه يستخدمها للمساعدة في التفرقة والتمييز بين نظم القلب الطبيعي و(الرجفان الأذيني)».

ساعة «مايكروسوفت»

أما علاقة ساعة «مايكروسوفت» الذكية بمرضى «باركنسون»، فإنها بدأت بالصداقة التي نشأت بين الباحثة في فريق لعبة «إكس بوكس بمايكروسوفت»، هايان زهانج، وبين المتخصصة في تصميم الرسوميات على الحاسب، إيما لاوتون، التي أصيبت بمرض الشلل الرعاش أو «باركنسون» في عام 2013، وتدريجياً فقدت القدرة على الكتابة والرسم على الحاسب مع تطور إصابتها، وهذه الحالة ألهمت زهانج فكرة استخدام الساعة الذكية في مساعدة صديقتها للعودة إلى الرسم والكتابة مجدداً.

وعملت زهانج وفريقها لأكثر من عام من أجل تحقيق هذا الهدف، وتعاونت مع فريق من الباحثين في العلوم العصبية في إحدى جامعات لندن، ودرست مرض «باركنسون»، حتى توصلت إلى ما يشبه حلاً متكاملاً، تلعب فيه الساعة الذكية الدور الأهم، فعند ارتدائها حول المعصم، تعمل على تخفيف رعشة اليد والأصابع، من خلال غلق حلقة التواصل والإشارات العصبية بين المخ واليد، بما يخفف الرعشة ويجعل اليد مستقرة قادرة على الكتابة والرسم قدر الإمكان.

وأطلقت «مايكروسوفت» اسم «إيما» على الساعة الجديدة، وخلال مؤتمر مطوري «مايكروسوفت» ظهرت إيما مع صديقتها زهانج وعرضتا هذا التطور، حيث ظهرت الساعة أثناء العرض وهي موصولة بحاسب لوحي تقوم إيما بالرسم عليه. وأوضحت زهانج أن «الساعة تحتوي على محركات صغيرة الحجم تعمل بقطع معدنية تهتز على معصمها، وهذا الاهتزاز يعطل رد الفعل، بين الدماغ واليد، الذي يسبب الهزات»، لافتة إلى أن «الساعة تحتوي أيضاً على مجموعة من أجهزة استشعار الحركة والذكاء الاصطناعي، وهذا يسمح لها بالشعور والرد على أعراض مثل الهزات، وعدم الاستقرار».

الأكثر مشاركة