تقنية صوت جديدة تحوّل المنازل إلى قاعات سينما ومؤتمرات
مع تقنية «إم دي أو» الجديدة للصوتيات، أصبح بالإمكان تكوين «أوركسترا» صوتية منزلية من أصوات أجهزة الكمبيوتر المحمول، والمكتبي، والهاتف الذكي، وجهاز ألعاب الفيديو، والتلفزيون، الموجودة في غرفة المعيشة بمنزلك، ليمكن الاستماع إليها بطريقة «الصوت المكاني» الذي يشغل كامل الحيز المحيط بالمستمع، ويجعله مغموراً بالصوت الذي يأتيه من كل حدب وصوب، فلا يتبين مصدره أو اتجاهه، مثل ما تفعل أعقد وأحدث نظم الصوتيات داخل قاعات الحفلات والمؤتمرات.
• التقنية تجعل أصوات الأجهزة المنزلية الذكية تأتي من كل اتجاه. • «إم دي أو» تنقل الشعور الذي يتطلب أجهزة ونظماً معقدة إلى غرفة المعيشة. |
وقد جرى الكشف عن هذه التقنية خلال فعاليات «المؤتمر العلمي لتقنيات الأصوات الغامرة» الذي عقد في لندن في 24 أغسطس الجاري واستمر يومين، وهي تقنية طورها فريق من الباحثين في جامعات: «سيوري» البريطانية، و«ستانفورد» و«ساوث هامبتون» الأميركيتين، وإدارة البحوث والتطوير في هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
الصوت المكاني
ونشر فريق البحث، التفاصيل الخاصة بهذه التقنية في ورقة بحثية تفصيلية على موقع «جامعة سيوري» surrey.ac.uk/mediacentre/press. وطبقاً للشرح الذي قدمه الباحثون في هذه الورقة، فإنك إذا جلست في قاعة سينما أو مؤتمرات، أو داخل استديو، أو حتى في مسرح مكشوف مفتوح فإنك لن تستطيع تحديد الجهة أو الاتجاه الذي تصدر منه الأصوات التي تسمعها، بل سيأتيك الصوت من كل اتجاه، لأن نظم الصوت العاملة في مثل هذه الأماكن بها من التعقيد والتقنية الحديثة، ما يجعل الصوت الصادر عن الميكروفونات، يشغل كامل الحيز أو المكان بصورة كاملة متزامنة، تغمر المستمع من الاتجاهات الأربع، ومن أعلى وأسفل، ولذلك فهي تعرف بـ«نظم الصوت المكاني» أو الصوت الذي يغمر كامل الحيز أو المساحة التي يغطيها نظام الصوت، سواء كانت قاعة أو جزءاً من حديقة تقام بها حفلة.
أما الشعور الذي يتكون لدى المستمع في هذه الحالات، فهو أنه يستمع لأصوات غامرة لا يمكنه تبين مصدرها أو اتجاهها، وعند خروجه أو ابتعاده عن نطاق التغطية الذي يعمل به الصوت، يعود للشعور بما اعتاد عليه، حيث تصبح مساحة المكان بالكامل هي مصدر واحد للصوت.
«إم دي أو»
الإنجاز الذي حققه الفريق البحثي يتمثل في أنه استطاع أن يبني نظاماً صغيراً قليل الكلفة بسيط البناء، بمفهوم ثوري ومتقدم وغير معتاد، اطلق عليه اسم «إم دي أو» أو «جهاز الوسائط المتعددة الأوركسترالي»، وهو يقوم بكل وظائف نظم الصوت المكانية المعقدة الضخمة الباهظة الكلفة، ما يعني عملياً أنه بات بالإمكان نقل تجربة الاستماع الغامرة التي يشعر بها المستخدم وهو في قاعة سينما، أو دار حفلات أو مقر مؤتمرات، إلى منزله أو غرفة معيشته البسيطة.بعبارة أخرى، فإنه يتم نقل التجربة أو الشعور الذي يتطلب وجود أجهزة ونظم معقدة باهظة الكلفة تعمل لمصلحة جمهور متخصص، أو فئة بعينها في لحظة بعينها، إلى الحياة اليومية للجمهور العام طوال الوقت عبر كل الأجهزة.
دمج ومزاوجة
وقد جرى تطوير النظام الجديد من خلال الدمج والمزاوجة بين سلسلة من التقنيات الجديدة التي تطورت وانخفضت كلفتها بصورة مذهلة خلال السنوات الأخيرة، وهي تقنية «الرؤية بالحاسب»، التي تقوم بالملاحظة والإدراك البصري للأجهزة والأدوات الموجودة بالمكان أو الحجرة وتحديد أماكنها، ثم تقديم ما تحصل عليه من بيانات في هذا الصدد، إلى تقنية «استماع الآلة» التي تلتقط الأصوات من مصادرها التي حددتها تقنية «الرؤية بالحاسب»، وتسجل الصوت ثم ترسم خريطة للمسارات التي يفترض أن تسير فيها موجات الصوت عند خروجها من الميكروفونات العاملة بالنظام، ثم تقنية «معالجة الحديث والإشارات» التي تتعامل مع الصوت المسجل من تقنية «استماع الآلة»، ثم تعيد إنتاجه وبثه في المكان بطريقة «الصوت المكاني» الغامر لكامل الحيز، بحسب المسارات المحددة سلفاً من تقنية «استماع الآلة».
وتعمل هذه التقنيات مجتمعة على عزل صوت كل شيء داخل الحجرة على حدة داخل محتوى صوتي، ثم ربطها جميعاً الى ميكروفونات منفصلة متاحة حول الحجرة، ما يجعل هذه الأصوات أشبه بـ«أوركسترا» منسقة أو متجانسة.
تطوير تقنية الصوت
وفي معرض شرحه لهذا النظام، قال الأستاذ في آلات الصوتيات بجامعة «سيوري»، الدكتور فيليب جاكسون، خلال المؤتمر، إنه مع وصول تقنيات الفيديو المتقدمة، مثل التلفزيون ثلاثي الأبعاد، أصبحت هناك حاجة الى تقنية صوت تلحق بذلك، من أجل التماشي مع التجربة البصرية، وفي الوقت نفسه، فإن نمو وانتشار تقنية الواقع الافتراضي في مجال العاب الفيديو وغيرها من التطبيقات، أوجدت طلباً على الإحساس أو الشعور بالصوت الذي يغمر المستخدم من كل اتجاه.
وأوضح أن معظم الصوت المنقول عبر منازلنا يكون في شكل قناتين: استريو، أو نظام صوتي مجسم، وهو يستخدم المبادئ الاساسية القائمة من حولنا منذ 130 عاماً، لافتاً إلى أن تقنيات الصوت المعقدة متعددة القنوات متاحة فقط في بيئات عمل أشبه بـ«معامل التجارب»، مثل قاعات المؤتمرات والسينما.
وتابع: «هدفنا هو جعل الصوت المكاني الغامر في كامل الحيز خارج هذه المعامل، ومتاحاً داخل المنازل، ومنح المستخدمين الشعور بأنهم في قلب الحدث، بينما هم في غرفة المعيشة».