طرحت سماعة أذن «حادة الذكاء» وحصلت على تمويل بـ 50 مليون دولار وانتهت قبل أن تنافس «أبل» و«غوغل»
«معامل دوبلر».. شركة ناشئة أغلقت أبوابها لحظة ميلادها
أصيبت شركة ناشئة، وصفت بأنها واعدة، بالفشل والإخفاق، وأعلنت إغلاق أبوابها في لحظة ميلادها وقبل خروج إبداعاتها إلى النور، وهي شركة «معامل دوبلر» بعدما قدمت أول إنتاجها من سماعات الأذن «حادة الذكاء»، التي جرى تطويرها وفق آليات ومنهجيات مجال جديد من مجالات التقنية هو «الحوسبة المسموعة» أو القائمة على النظم والمنتجات القابلة للاستماع، وذلك في واحدة من المآسي التقنية والإبداعية المروعة المعتادة الحدوث في «وادي السيليكون» الأميركي.
الشركة باعت 25 ألف وحدة من «هير 1»، بدلاً من مئات الآلاف بسبب أخطاء في البطارية. كلمة وداع على الرغم من إعلان وفاتها، أكد مسؤولو «معامل دوبلر»، أن تراثها الإبداعي سيظل حياً في المنتجات التي ستتبعها من الشركات الأخرى، وكتب الرئيس التنفيذي لـ«معامل دوبلر»، برايان هال، في كلمة وداع، أن منتجات «الحوسبة المسموعة» وفي مقدمتها السماعات الحادة الذكاء ستؤتي ثمارها في النهاية، وساعتها سيذكر التاريخ أن «معامل دوبلر» كانت مبدعاً أصيلاً ورائداً من الرواد في هذا المجال. |
وجاء قرار الأغلاق بعدما واجه منتجها الرئيس «هير 1» اضطراباً شديداً في المبيعات بعد مرور أشهر عدة على طرحه بالأسواق، ووقوف مبيعاته عند 25 ألف وحدة فقط، بعدما كان المستهدف الوصول إلى مبيعات تقدر بمئات الآلاف.
وتعد مأساة شركة «معامل دوبلر» ليست الأولى من نوعها، بل هي نموذج، كثيراً ما يتكرر مع الشركات الناشئة المعتمدة على الإبداع المتميز والمتفرد في نقطة أو مجال ما، وتتحطم آمالها وطموحاتها وإبداعاتها على صخرة الحقائق السائدة على الأرض بالأسواق، فعند إنشائها وعرض نموذج أعمالها وخطتها على المستثمرين، حصلت «معامل دوبلر» على 50 مليون دولار، كاستثمارات مبدئية من أجل فتح مجال جديد للأعمال، في التخصص الذي يطلق عليه «الحوسبة المسموعة»، أو الأجهزة والمنتجات التي تؤدي عملها من خلال الأشياء «القابلة للاستماع»، وكان المفترض أن تكون باكورة أعمالها في هذا المجال هي سماعات الأذن حادة أو فائقة الذكاء، دقيقة الحجم، التي تقدم أشياء عدة، منها على سبيل المثال الترجمة الفورية للكلمات والجمل اللغوية التي تصل إلى أذن صاحبها، إلى غير ذلك من تطبيقات عدة، جميعها قائمة على فكرة السماع والتعامل مع الأصوات.
ووفقاً لمقابلة مطولة مع مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي ونائب الرئيسن نشرها موقع «بيزنس انسايدر» businessinsider.com، فإن أعمال الشركة انطلقت منذ أكثر من عامين، وكان منتجها الرئيس هو زوج من سماعات الأذن حادة الذكاء، تحمل اسم «هير 1»، ويفترض أن تتنافس مع سماعات «اير بود» من «أبل» و«بيكسل بود» من «غوغل».
تقنية رائعة
والمراجعات والتقييمات التي جرت على هذا المنتج، كانت إيجابية للغاية، حتى إن أحد محللي «بيزنس انسايدر»، وصفها حين ظهورها بأنها أكثر زوج من سماعات الأذن «متوحش المواصفات»، فهي تأتي مصحوبة بتطبيق يسمح للمستخدم بأن يفصل صوت شخص يقف بجواره ويتحدث معه، عن صوت ضوضاء طائرة تمر في الأجواء وتغمر الجميع بضجيجها، ليظل صوت الشخص نقياً صافياً في الأذن. كما تسمح أيضاً بتضخيم جزء من لحن ينطلق من حفلة موسيقية، وتمييزه عبر الكثير من الحيل البارعة.
لكن على الرغم من هذه التقنية الأنيقة، بحسب وصف المحللين، و50 مليون دولار كتمويل استثماري من رأس المال المخاطر، عانت مبيعات «هير 1» المتاعب والتخبط، وقالت الشركة إنها باعت 25 ألف وحدة فقط، وهو أقل من مئات الآلاف التي كانت متوقعة.
أسباب الفشل
ومن الأسباب الرئيسة لفشل الشركة ومنتجها الأول، وجود أخطاء وعيوب تصميمية، جعلت عمر بطاريتها قصيراً، وأكثر من المتوقع والمعتاد، بالإضافة إلى مشكلة أخرى وهي أن حقيبة الشحن لم تعمل بطريقة صحيحة كما يجب، ما جعل الكلمة التي ترد على شفاه المشترين بسرعة هي «أنها سماعة أسوأ مما كنت آمل».
ونتيجة لذلك، لم يعد المستثمرون راغبين في وضع المزيد من الأموال في الشركة، ولم يستطع مسؤولو الشركة العثور على مشترٍ جيد، ولذلك قررت الشركة استخدام ما تبقى لديها من أموال لدفع مستحقات الموظفين وإيقاف أعمالها.
ميراث الشركة
وفي حوارهما، مع «بيزنس انسايدر» تناول مؤسس الشركة، نواه كرافت والرئيس التنفيذي، برايان هال، الأخطاء التي حدثت، والميراث الذي تأمل الشركة أن تتركه وراءها، وما إذا كانت هناك إمكانية أم لا بالنسبة للشركات الناشئة، للمنافسة مع «أبل»، و«أمازون». وقال كرافت إن «هناك بعضاً من السخرية الحلوة والمرة وأنت ترى (غوغل) تسوق لسماعات أذن (بيكسل بود)، اللاسلكية الجديدة، وتؤكد أن الخواص الأساسية فيها هي الترجمة اللحظية، وتقدمها مثل شيء جاء من نجمة مضيئة، في حين أن (معامل دوبلر) أنجزت خطوات عظيمة في بناء خواص مشابهة في سماعاتها، بل إنه حينما كشفت (غوغل) النقاب عن سماعات أذن (بيكسل) لأول مرة في سبتمبر الماضي، استخدمت صوراً مشابهة تماماً لما يتم استخدامه في تسويق سماعة (هير 1)، ومع ذلك سقطت (هير1) ولاتزال (بيكسل بود) مستمرة، إنه تقريباً مسرح العبث».
ووضع كرافت اللوم مباشرة على حقيقة أن «معامل دوبلر» كانت منغمسة في أعمال تصنيع الأجهزة، وهي سوق صعبة يحتاج العمل فيها إلى رأس مال ضخم جداً كبداية، وتواجه فيها الشركات الناشئة عمالقة مثل «أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون»، ولذلك فإن سقوط «معامل دوبلر» ليس الأول من نوعه، بل سبقتها شركات مثل «جوبون» و«بيبل»، ولذلك لا أنصح أي شخص في هذه المرحلة بالبدء في أعمال إنتاج الأجهزة.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لـ«معامل دوبلر»، برايان هال، إنه «ليس مستحيلاً بناء أعمال مستقرة في عالم إنتاج الأجهزة، والسبب الرئيس في أن (هير 1) لم تبع جيداً، هي مشكلات البطارية، ومثل هذه المشكلات لا تعتبر أمراً جديداً أو خاصاً بـ(معامل دوبلر) وحدها، لأنه حتى الأجهزة التي تخرج من شركات التقنية الضخمة، يمكن أن تتعرض لاضطرابات ومشكلات، فأول جهاز (سيرفس) صنعته (مايكروسوفت) تحت اسم (آر تي) عانى اضطراباً شديداَ في المبيعات، وكان علامة بارزة في هذا السياق». وأضاف: «الاختلاف أن (مايكروسوفت) تستطيع تحمل الأمر والخسائر وتستطيع انتشال نفسها من الأرض وتجد حلاً ما، في حين أن (معامل دوبلر) ليس لديها الإمكانات لعمل الشيء نفسه، ولديها إمكانات مادية محدودة للغاية».
وتابع هال: «إذا قدر لمبيعات سماعات (هير 1) أن تصل إلى مئات الآلاف في المبيعات، لكانت الشركة قد استطاعت الحصول على مزيد من التمويل».