50 مليون طن متري حجم النفايات الإلكترونية الخطرة في 2018
توقع تقرير صادر، أخيراً، عن أربع جهات دولية، أن يبلغ حجم النفايات الإلكترونية الخطرة عالمياً، الناجمة عن إهلاك الهواتف المحمولة والحاسبات والتلفزيونات، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، نحو 50 مليون طن متري عام 2018، بزيادة نسبتها 21% على ما أنتجه العالم من هذه النفايات عام 2014، كما توقع التقرير أن يتواصل ارتفاع حجم النفايات الإلكترونية بنسبة 17% مرة أخرى بحلول عام 2021، ما يهدد باتساع نطاق وخطورة ظاهرة مقالب النفايات الإلكترونية الخطرة وغير الآمنة المنتشرة عالمياً، والتي باتت تشكل مصدراً للعديد من الأوبئة الصحية والأمراض، في مقدمتها السرطان.
جهات دولية
80 % من المخلفات الإلكترونية تتداول بمقالب القمامة غير الآمنة. الصين الأكثر إنتاجاً للنفايات الإلكترونية بمعدل 7.2 ملايين طن متري سنوياً. |
جاء هذا التحذير في تقرير صدر، أخيراً، عن كلٍّ من جامعة الأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للاتصالات، والرابطة الدولية للنفايات الصلبة، ومنظمة الصحة العالمية، ونشرت هذه الجهات ملخصاً له على مواقعها.
وأشار التقرير إلى أن ظاهرة النفايات الإلكترونية باتت مشكلة كبيرة، تزداد سوءاً مع مرور الوقت، إذ ارتفع حجم النفايات الإلكترونية، التي تم توليدها بين عامي 2014 و2016 بنسبة 8٪، وأنتج العالم 41.8 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية عام 2014، ويتوقع أن يزداد حجم النفايات الإلكترونية بنسبة 21٪، ليبلغ 50 مليون طن متري العام الجاري، ثم يرتفع بنسبة 17% بحلول 2021.
ووضع التقرير قائمة بأكثر البلدان إنتاجاً للنفايات الإلكترونية الخطرة عالمياً، ووردت بالقائمة الصين المسؤولة عن إنتاج 7.2 ملايين طن متري من النفايات الإلكترونية الخطرة سنوياً، بمعدل 5.2 كيلوغرامات للفرد، وتنتج الولايات المتحدة 6.5 ملايين طن بمعدل 19.4 كيلوغراماً للفرد، واليابان 2.1 مليون طن بمعدل 16.6 كيلوغراماً للفرد، والهند مليوني طن متري بمعدل 1.5 كيلوغرام للفرد، وألمانيا 1.9 مليون طن متري بمعدل 22.8 كيلوغراماً للفرد، والبرازيل 1.5 مليون طن متري بمعدل 7.4 كيلوغرامات للفرد، وروسيا 1.4 مليون طن متري، بمعدل 9.7 كيلوغرامات للفرد، وفرنسا 1.4 مليون طن بمعدل 21.3 كيلوغراماً للفرد، وإندونيسيا 1.3 مليون طن بمعدل 4.9 كيلوغرامات للفرد، وإيطاليا 1.2 مليون طن متري بمعدل 18.9 كيلوغراماً للفرد.
التدوير الصحيح
ونوه التقرير بأن نحو 20٪ فقط من الأجهزة الإلكترونية، تتم إعادة تدويرها بشكل صحيح، في حين أن 80٪ ينتهي بها المطاف في مدافن القمامة، ويجري دفنها أو حرقها، أو تداولها بطريقة سيئة.
وبحسب التقرير، فإن بعض الشركات تكون مسؤولة أكثر من غيرها في ما يتعلق بالنفايات الإلكترونية، والعديد من المعدات والأدوات الإلكترونية الثمينة التي لدينا، ينتهي بها المطاف في مدافن للقمامة، يعمل فيها الشباب في ظروف خطرة، لفرزها وإعادة تدويرها أو التخلص منها.
وأوضح أن بعض البلدان تشترط تشريعاتها، على الشركات الكبرى، جمع النفايات الإلكترونية وإعادة تدويرها والتصرف فيها بطريقة مسؤولة بيئياً، لكن هذه العمليات يمكن أن تكون مكلفة، لذا يلجأ العديد من الشركات إلى تصدير نفاياتها الإلكترونية إلى البلدان النامية ذات القوانين الأقل صرامة في ما يتعلق بإزالة النفايات، والتي تلوّث الأرض بالمواد السامة، مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ و«مثبطات اللهب».
«بيت روت»
وفي هذا السياق، قام مصور يدعي فالنتينو بليني بتصوير وتوثيق أكبر مراكز النفايات الإلكترونية في العالم، في سلسلة صور عبر مشروع يدعى «بيت روت».
وأكد بليني أن معظم شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى، هي (الجانية) أو المسؤولة في أزمة النفايات الإلكترونية بالعالم، مضيفاً أن هذه الشركات (مذنبة) منذ اللحظة التي تصمّم فيها منتجاتها لتصبح أقل في حفاظها على البيئة، لأسباب تجارية واضحة، كما أنها تستخدم مواد سامة بدرجة كبيرة في منتجاتها، رغم أن التكنولوجيا المتوافرة اليوم تسمح باستبدالها ببدائل أقل خطورة أو حتى غير ضارة. وتابع بليني أن هذه الشركات (مذنبة) أيضاً، لأنها لا تلتزم بوضع آليات آمنة بيئياً، للتخلص من المنتج في نهاية دورة حياته.
وشدد التقرير على أن مقلب النفايات الإلكترونية في لاهور بباكستان، يعتبر من أكبر المقالب العالمية. وفي غانا، هناك منطقة «أجبوجبلوشي»، التي تحولت إلى مقبرة للإلكترونيات السامة، ويعمل بها شباب يكسبون ما يعادل 2.5 دولار يومياً، مقابل عملهم في فرز القمامة بأياديهم العارية.
ويتم في هذا المقلب وضع أكوام من النفايات الإلكترونية على النار، لحرقها أو إغراقها في المذيبات الكيميائية لحرق المطاط والبلاستيك، ليتم بعد ذلك الحصول على المواد القيمة في الداخل، كالنحاس الذي يتم بيعه بما قد يدفع ثمن الطعام اليومي للفرد.
وظروف المعيشة والعمل بمراكز النفايات الإلكترونية شرسة وخطرة للغاية، فالعمال في «أجبوجبلوشي» في غانا، يتنفّسون الأبخرة السامة، والكثير منهم يموتون متأثرين بمرض السرطان، وهم في العشرينات من العمر.
وفي منطقة «جويو» بالصين، يعمل ما يراوح بين 80 و130 ألفاً من السكان المحليين في مقالب النفايات الإلكترونية، ووفقاً لتقديرات الحكومة المحلية، أدى التلوث المعدني إلى تسمم الهواء والماء بالمنطقة، وبات الكثير من السكان المحليين يعانون مشكلات بالجهاز الهضمي والعصبي والتنفسي والعظام. وتتنوع مراكز النفايات الإلكترونية من حيث الحجم وأعداد القوى العاملة بها، وفي منطقة «تشينغ وان» الصينية، هناك شركة تدير المدافن الإلكترونية، وتتخصص في استخراج المعادن من النفايات الإلكترونية، وتمارس عملها منذ أكثر من 10 أعوام. وفي المنطقة نفسها، هناك أنشطة أخرى تديرها الأسر والعائلات، وتتركز في تجريد أنظمة التبريد وكابلات الكهرباء ذات الجهد العالي مما تحتويه من مادة النحاس، ويحصل العمال على رواتبهم بناء على وزن المواد المعاد تدويرها التي يعالجونها في يوم واحد.
وفي منطقة «سيلامبور» القديمة بمدينة نيودلهي الهندية، يظهر العمال وهم يغلون المحوّلات والأجزاء الإلكترونية في أوعية معدنية داخل منازلهم، وفي بعض الأحيان يتم تنفيذ العمل في أفنية منازلهم، لإذابة المطاط والحصول على المواد القيمة.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إنه عندما لا تتم إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية بشكل صحيح، فإن السموم التي تحويها تصبح من الملوثات الخطيرة للهواء أو المياه أو مصادر الغذاء، فتنشأ على الفور المخاطر الصحية المرتبطة بالاتصال المباشر بالمواد الضارة، مثل (الرصاص والكادميوم والكروم ومثبطات اللهب المبرومة أو ثنائي الفينيل المتعدد الكلور)، واستنشاق الأبخرة السامة، وكذلك من تراكم المواد الكيميائية في التربة والمياه والطعام، بجانب أن هذه المكونات الخطرة، يمكن أن تؤدي إلى ظهور عدد من المنتجات الثانوية السامة، التي قد تؤثر في صحة الإنسان.