ترامب يهدّد «أمازون» بالضرائب وقوانين مكافحة الاحتكار
منذ مجيئه رئيساً للولايات المتحدة، تحدّث دونالد ترامب مراراً عن بغضه لشركة «أمازون»، عملاق تجارة التجزئة الالكترونية وخدمات الـ«ويب» في الولايات المتحدة والعالم، متهماً إياها بأنها تسبب الأذى لتجارة التجزئة التقليدية، ولصناعات وأنشطة أخرى، من بينها شركات التطوير العقاري، وهيئة البريد الأميركية.
ويجسد هذا الموقف حالة من الصراع بين مفاهيم وأساليب قديمة قامت عليها الأعمال التقليدية في مجال تجارة التجزئة والعقارات والبريد، وبين مفاهيم وأساليب عمل جديدة قامت «أمازون» على أساسها، وفي مقدمتها قوة البيانات والمعرفة.
وتناول العديد من مواقع التقنية الخلاف، بل والعداء العلني الذي أبداه ترامب ضد «أمازون»، عبر سلسلة تغريدات وتصريحات خلال لقاءاته، ووصف تقرير كتبه جوناثان سوان في موقع «أكسيوس» الإخباري، حالة ترامب مع «أمازون» بأنها تقترب من «الهوس والوسواس»، أو أن ترامب بات مهووساً بالعداء لـ«أمازون»، فهو يرى أنها باتت قوة سلبية بالنسبة لأصحاب متاجر التجزئة المحلية الصغرى، ويريدون إيجاد طريقة للحد من هيمنة الشركة على التسوق عبر الإنترنت، ومن ثم فهو يفكر في إجراء تغيير في الوضع الضريبي لشركة «أمازون»، أو اتخاذ إجراءات صارمة ضدها استناداً لقواعد مكافحة الاحتكار.
تأثير زلزالي
وسواس ترامب غرّد دونالد ترامب على «تويتر»، في أغسطس 2017، قائلاً: «(أمازون) تلحق ضرراً كبيراً بتجار التجزئة الذين يدفعون الضرائب، وتتعرض المدن والولايات في جميع أنحاء الولايات المتحدة للأذى، وفقد العديد من الوظائف». وفي مطلع عام 2018 نشر ترامب تغريدة جديدة قال فيها: «لماذا تفقد مكاتب البريد بالولايات المتحدة مليارات الدولارات سنوياً، في الوقت الذي تحصل فيه (أمازون) وغيرها الكثير من أجل تقديم عروضها، ما يجعل (أمازون) أكثر ثراء، ومكاتب البريد غبية وأكثر فقراً، يجب أن تكون أسعار الشحن أكثر من ذلك بكثير». |
قال محللو موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com، في تقرير نشر في 29 مارس، إن مصدر قوة «أمازون» في هذه المعركة الشرسة مع ترامب ومن ورائه من شركات عملاقة في عالم الأعمال التقليدية، يتمثل في أنها تتبع نموذج أعمال قائماً على السرعة في الوصول إلى الأسواق وفي تلبية الاحتياجات، وتوفير آليات سهلة للمستهلكين في تعاملاتهم، مع خدمات ومنتجات الشركة، وتقديم هذه الخدمات والمنتجات بكلفة رخيصة مقارنة بغيرها، فضلاً عن تقديم الخدمة بصورة «مشخصنة»، أي تأخذ في اعتبارها الحالة الشخصية للمستهلك، وتفضيلاته وسلوكه وتوقعاته.وأصبح هناك الآن ما يمكن أن يطلق عليه «التأثير الزلزالي» لـ«أمازون» أينما حلت، ولذلك تحولت إلى «اسم مرعب» بالنسبة للعديد من المستثمرين وأصحاب الأعمال في القطاعات والصناعات المختلفة.
ومن أمثلة تلك الاهتزازات، ما حدث في يونيو 2017، حينما هبطت أسعار البقالة وأسهم الشركات العاملة بها، بعد إعلان «أمازون» عن استحواذها على شركة «هول فودز» بقيمة 13.7 مليار دولار. ثم اهتزت أسعار الأسهم مرة أخرى بعد شهرين من الإعلان عن تخفيضات الأسعار التي قدمتها «أمازون»، وفي هذه الخلخلة تضررت شركات عدة، من بينها «كروجر وسبروتس» لسوق المزارعين، و«تارغت وول مارت»، وتراوح الانخفاض بين 2 و8%.
وامتد التأثير إلى أسهم شركات عاملة في مجال الإمدادات الدوائية، بعد ظهور تقارير تحدثت عن أن صفقة «هول فودز» ستقود «أمازون» إلى مجال الرعاية الصحية، وتأثرت بهذا الأمر أسهم كل من «سي في إس»، و«وال غرينز»، و«كرادينال هيلث»، و«ماكيسون»، و«إكسبرس سكريبت»، وتراوح الانخفاض بين 1 و5%.
في الشهر نفسه، تراجعت أسهم شركات التجزئة في الملابس الرياضية، بعد نشر تقرير عن دخول «أمازون» في مشاركة مع شركة «نايك» للملابس والأدوات الرياضية، وفي هذه المرة تأثرت أسهم شركات عدة، من بينها «ديك»، و«أندر آرمور»، و«فوت لوكر».
وفي يناير 2018، تعثرت أسهم بعض شركات الرعاية الصحية مرة أخرى، بعد إعلان كل من «أمازون» و«جي بي مورغان»، و«بريكشير هيلث واي»، التعاون في ما بينها، لتقديم خدمات منخفضة الكلفة للعمال الأميركيين، وفي هذه المرة تأثرت أسهم شركات «نيت لايف»، و«إكسبرس سكريبت»، و«يونايتيد هيلث».
وفي فبراير 2018 تراجعت أسهم شركات تسليم الطرود، بعد أن قالت «أمازون» إنها ستطلق خدمة منافسة خاصة بها، وفي هذه المرة كان الدور على شركتي «فيدكس»، و«يو بي إس»، إذ أصيبت أسهمها بانخفاض حاد، بعدما بدأ المستثمرون في الشركتين يتوقعون تأثيراً سلبياً على أعمال الشركتين، كما شمل التأثير هيئة البريد الأميركية نفسها التي باتت في خطر أكبر أمام منافسة «أمازون».
شركات العقارات
ووفقاً لتقرير موقع «أكسيوس»، فإن ترامب أصابه التوتر والغيظ من «أمازون» جزئياً، لأن شركات التطوير العقاري اشتكت إليه من أن الشركة تساعد على قتل تجار التجزئة والمحال التجارية، ولذلك تساءل بصوت عالٍ خلال اجتماع، عما إذا كان هناك أي طريقة للمضي قدماً في ملاحقة «أمازون» بقانون مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة.
ورداً على تقرير موقع «أكسيوس»، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، سارة هوكابي ساندرز، في مؤتمر صحافي لها إن الرئيس لا يتبع حالياً سياسة جديدة تستهدف «أمازون».
إلا أن رد البيت الأبيض لا يعكس حقيقة موقف ترامب، فقد تحدث تقرير آخر في اليوم نفسه عن أن المحكمة العليا الأميركية بدأت تنظر بالفعل في قضية محولة من الحكومة يمكن أن تمنح الولايات والحكومة الفيدرالية سلطة أكبر لجمع ضرائب المبيعات على تجار التجزئة عبر الإنترنت.