قناع ذكي يقضي على اضطرابات النوم خلال الرحلات الجوية
يعاني معظم من يسافرون على رحلات جوية لمسافات وأوقات طويلة ما يُعرف بأعراض «اختلالات الوقت»، التي تشمل اضطرابات النوم، والشعور بالغثيان، والإجهاد، وانخفاض مستوى التركيز والصداع، والنعاس في الأوقات الخاطئة، وهي أمور تستمر خلال الرحلة، ولفترة من الوقت بعدها، حتى يتكيف الجسم مع زمن وتوقيتات مكان الوصول.
ألا أن قناعاً ذكياً مصمماً على شكل القناع المعتاد استعماله في الطائرات، مزود بشريحة إلكترونية صغيرة ومرتبط بتطبيق على الهاتف المحمول، يجعلك تتفادى هذه الأعراض، وتسافر على الدرجة السياحية في رحلة تستغرق 18 ساعة أو أكثر وكأنك على الدرجة الأولى، أو درجة رجال الأعمال، لتخرج من الطائرة وجسدك متكيف تماماً مع توقيت وزمن مكان الوصول من دون أي شعور بأعراض اختلالات الوقت.
قناع «ليوموس»
هذا القناع من إنتاج شركة تدعى «ليوموس»، التي كشفت عنه رسمياً مطلع سبتمبر الجاري، مؤكدة أنه سيظهر بالأسواق مع بداية عام 2019. وتقوم فكرة القناع على استخدام دفقات ضوئية بكميات محسوبة، تتعرض لها العين عند ارتداء القناع، لتعديل إحساس الجسم بالوقت، ومن ثم عملية النوم، ليتكيف مع منطقة زمنية جديدة بشكل أسرع.
وقد ضع هذه الفكرة الأستاذ المشارك في مركز علوم النوم بجامعة «ستانفورد»، الدكتور جايمي زايتزر، الذي اكتشف أن نبضات قصيرة من الضوء يمكن أن تغير الإيقاع اليومي للجسم، الذي يعد ـ بحسب قول الدكتور زايتزر ـ المفتاح لتنظيم دورات النوم والاستيقاظ. ويضيف أن الإيقاع اليومي هو 24 ساعة توجه رغبات الجسم ليكون نائماً أو متنبهاً، وهو إيقاع يكاد يكون بمثابة «منظم حرارة» داخلي يخبرنا متى نذهب للنوم ومتى نستيقظ.
وبحسب الدكتور زايتزر، فإن الإيقاع اليومي مختلف من شخص لآخر، لكن الفكرة هي أن العلاج بالضوء النبضي يساعدك على النوم في الوقت المناسب والاستيقاظ في الوقت المناسب.
آلية عمل
والآلية التي يعمل بها هذا الإيقاع اليومي تتمثل في أن الخلايا الحساسة للضوء الخاصة داخل شبكية العين تحفز الإيقاع اليومي في الدماغ، لذلك عندما نشعر بالضوء من حولنا، فإننا نشعر بالاستيقاظ، وعندما تصبح الأجسام مظلمة، تنتج أجسامنا مادة الميلاتونين التي تساعد على النوم، ومن هنا فإن التعرض للضوء في أوقات معينة، وبجرعات محسوبة، يمكن أن يساعد على تنظيم إيقاعنا اليومي وتخفيف الاختلالات، مثل الاضطراب العاطفي الموسمي، وتأخر مرحلة النوم.
وهذا على وجه التحديد ما يقوم به القناع الذكي الجديد والتطبيق المصاحب له، فمن خلال التطبيق يتم تزويد الشريحة الذكية الموجودة بالقناع بتفاصيل الرحلة، أي زمن القيام والوصول، والمكان الذي سيتم السفر إليه، وخط سير الرحلة، وبناء على هذه البيانات تبث الشريحة دفقات أو ومضات ضوئية بكمية محسوبة وعلى فترات لتصل إلى العين أثناء ارتداء القناع، وتحويل الوقت الداخلي لثلاث أو أربع ساعات أثناء النوم. ومن ثم تعديل الإحساس بالوقت والزمن بحسب المنطقة الزمنية التي يقع فيها مكان الوصول.
وقد وقع مؤسسو شركة «ليوموس» اتفاقاً لاستخدام بحوث الدكتور جايمي زايتزر، وتم تحويلها إلى براءة اختراع لتصنيع قناع «ليوموس» الذكي للنوم.
معايشة ميدانية
للتحقق من كفاءة هذا القناع وتطبيق المحمول الذي يعمل من خلاله نفذ موقع «سي نت نيوز» cnet.com تجربة لاستخدام القناع وتطبيق المحمول عملياً من خلال رحلة قام محرر صحافي من مدينة سان فرانسيسكو الأميركية إلى مدينة سيدني بأستراليا والعودة مرة أخرى.
وكانت البداية بإدخال تفاصيل الرحلة في التطبيق المصاحب للقناع عبر «المحمول»، ليقوم التطبيق بالحسابات اللازمة لتحديد عدد النبضات المطلوبة لبثها إلى العين، وتوقيتاتها خلال الليلة السابقة للرحلة، والليلة التالية للوصول إلى سيدني، وعند النوم تم وضع القناع على العينين، فبدا كأنه مجرد قناع معتاد للنوم مع حشوة إضافية صغيرة، وظهر على «المحمول» رسالة تقول إن بطارية القناع تكفي لجلسات عدة قبل إعادة شحنها عبر كبل «مايكرو يو إس بي».
وقد أحدث القناع غفوة سريعة، وحدث دخول مباشر في النوم، وبعد الاستيقاظ قال المحرر إن الومضات الضوئية كانت مربكة بعض الشيء في البداية، وبدت مثل «فلاش» الكاميرا، لكنه سرعان ما تأقلم معها وراح في النوم.
في صباح يوم الرحلة كان الشعور السائد هو الانتباه، ثم تحول الأمر إلى عدم شعور تام بتوقيت سان فرانسيسكو، فمنتصف النهار تحول إلى شعور بوقت ما بعد الظهر، وعندما أخبر المحرر الطبيب المتابع للتجربة بهذا الشعور، قال: أمر معتاد، فالمفترض أن يشعر المسافر بالوقت المحدد للوجه التي يريد الذهاب إليها.
وخلال الرحلة، تم استخدام القناع كمنظم يحجب الضوء الخارجي فقط، من دون بث أي نبضات، واستمر ذلك طوال الرحلة التي استغرقت 14 ساعة طوال الليل عبر المحيط الهادئ، وبالمتابعة وجد أن معدل ساعات النوم خلال الرحلة وصل إلى خمس ساعات نوم متواصلة.
عند الوصول إلى سيدني كانت الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وهنا عبر المحرر عن اندهاشه من شعوره بأنه يشعر كأنه يستيقظ السادسة صباحاً، وهو في حال أفضل مقارنة بالمرات السابقة على الرحلة نفسها، فقد عايش شعوراً بالنشاط والحيوية من دون أعراض اختلالات الوقت المعتادة، وبدأ يشعر بالتكيف التام مع توقيت سيدني، وحينما ارتدى القناع مرة أخرى مساء، استعداداً لرحلة العودة، وحصل على ومضات ضوئية جيدة، كان الأمر مختلفاً عن المرة الأولى، إذ دخل في النوم مباشرة، ولم يلحظ أي ومضات، وخلال رحلة العودة دخل في نوبات نوم طويلة جديدة، وعند الوصول إلى سان فرانسيسكو وجد نفسه متوافقاً مع توقيتها، وشعر بأنه تعافى بسرعة أكبر بكثير من تجاربه السابقة، إذ كانت أعراض اختلالات الوقت تعيش معه فترات تصل إلى أسبوع كامل بعد العودة.
اتجاه السفر
ترى شركة «ليوموس» أن اتجاه السفر يلعب دوراً في كفاءة عمل القناع، فالسفر من الشرق إلى الغرب بشكل عام أسهل من السفر من الغرب إلى الشرق.
وأضافت أن هناك حالات محددة لا ينصح فيها باستخدام القناع، منها الأشخاص الذين يشعرون بحساسية تجاه الضوء، والذين يصابون بالصداع و«الزغللة» في أشعة الشمس الساطعة، والذين يحتاجون لارتداء النظارات الشمسية بشكل متكرر.