«الحوسبة السحابية أولاً».. شعار التقنية الأوسع انتشاراً بحلول 2020
بعد مرور نحو عقدين على ظهور شعار «الإنترنت أولاً» في عالم الأعمال والتقنية، ظهر شعار جديد يحمل لغة مختلفة، ومستوى أعلى من النضج والتخصص، هو شعار «الحوسبة السحابية أولاً». ووفقاً للتحليلات الصادرة عن مؤسسة «غارتنر» البحثية الدولية المتخصصة في بحوث سوق تقنية المعلومات، فإن الشعار الجديد سيكون المهيمن والأوسع انتشاراً في عالم التقنية والأعمال بحلول عام 2020، ليصبح الإنفاق على الحوسبة السحابية الاختيار الأول أمام أي شركة أو مؤسسة وهي تتعامل مع عالم التقنية.
الخيار الأول
وكان شعار «الإنترنت أولاً»، ظهر مع مطلع القرن الحالي، أي قبل 17 عاماً، بعدما تمكنت الإنترنت من تحقيق معدل انتشار ومستوى من النضج جعلا الكثير من قادة الأعمال حول العالم يرون أن الإنفاق على الإنترنت وما يتعلق بها من بنية تحتية وتطبيقات، هو الخيار الأول الذي يتعين على الشركات والمؤسسات المختلفة المضي فيه، إذا كانت ترغب في تطوير أعمالها ونقلها إلي صورة عصرية.
لكن في الوقت الراهن، لم تعد الإنترنت خياراً يمكن تركه، أو يتعين المضي فيه أولاً أو ثانياً أو خلافه، بل واقعاً معاشاً يتخلل كل مظاهر الحياة تقريباً، وبالتالي بات مطلوباً البحث عن شعار أو «خيار» أول جديد من قلب الإنترنت ذاتها، ولا يفاضل بين الأخذ بها أو الإقبال عليها.
نمو
ومن بين عشرات البدائل أكدت «غارتنر»، في تقرير أصدرته أخيراً، أن خدمات الحوسبة السحابية هي الأكثر جدارة من بين كل خدمات وتقنيات المعلومات الأخرى، التي تستحق أن تكون الاختيار الأول أمام الشركات والمؤسسات حول العالم بحلول عام 2020.
واستند محللو «غارتنر» في ذلك إلى أن الإنفاق على خدمات الحوسبة السحابية العامة من المتوقع أن يحقق نمواً قدره 21.4% مع نهاية العام الجاري، ليصل إجمالي الإنفاق عليها 186.4 مليار دولار، بعد أن كان الإنفاق عليها 153.5 مليار دولار خلال عام 2017، فيما من المتوقع أن يرتفع الرقم إلى ما يزيد على 550 مليار دولار بحلول عام 2020. وأرجع المحللون هذا التسارع الكبير في الإنفاق والانتشار إلى ثلاثة عوامل رئيسة تحققها خدمات الحوسبة السحابية، الأول يتعلق بأمن المعلومات، في حين يركز الثاني على تنوع الخدمات التي يمكن الحصول عليها من مزود واحد، بينما الثالث يتعلق بالتحكم في ما يطلق عليه «ظلال التقنية».
أمن المعلومات
وأشار المحللون إلى أن جهود التحول الرقمي تركز على نقل أعمال الآلاف من الشركات والمؤسسات عالمياً إلى الحالة الرقمية بنسبة 100% بحلول عام 2020، بهدف تقديم الخدمات رقمياً لمتعامليها ومستهلكيها الذين باتوا يطلبون هذه النوعية من الخدمات بصورة متزايدة، موضحين أن خدمات الحوسبة السحابية تمثل قلب هذا الاتجاه، تارة من خلال تسهيل إنجاز عمليات التحول الرقمي في حد ذاتها، وتارة أخرى، وهي الأهم، بتوفير مستويات تأمين وحماية غير مسبوقة لا يمكن تحقيقها في كثير من الأحيان خارج خدمات الحوسبة السحابية، خصوصاً التي يقدمها اللاعبون الكبار مثل شركات «غوغل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» وغيرها، التي وصلت مستويات الإنفاق على التأمين لديها إلي درجات لا يمكن مجاراتها من قبل غيرها.
تعزيز الأداء
إلى ذلك، قال رئيس قسم المعلوماتية في مؤسسة «هيرميس» المتخصصة في الخدمات المالية، كريس آشورت، إن البحث عن تعزيز الأداء ورفع الكفاءة داخل المؤسسات من العوامل المهمة التي تدفع بخيار «الحوسبة السحابية أولاً» إلى الواجهة، مشيراً إلى أن هذا الأمر يرجع إلى أن الكثير من موفري خدمات الحوسبة السحابية الرئيسين باتوا قادرين تماماً على تقديم كل خدمات الحوسبة السحابية المتنوعة معاً، بصورة متسقة ومتكاملة.
واعتبر آشورت أن «تحقيق كل شيء من خلال مزود واحد» يعزز أداء الشركات والمؤسسات، ويمنحه قدراً من الاستقرار، متوقعاً أنه في غضون 10 سنوات لن تكون هناك شركات لديها مراكز بيانات خاصة بها، بل سينتقل الجميع إلى الحوسبة السحابية.
وتصور آشورت سيناريو يهمين فيه أربعة أو خمسة مزودي مركز بيانات كبار على سوق خدمات الحوسبة السحابية.
وبيّن أن شركته رأت أن تشغيل الخدمات السحابية على أكثر من منصة لأكثر من مزود، لا يحقق ميزة تحسين ورفع كفاءة الأداء، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالوصول إلى البنية التحتية المستندة إلى الاستهلاك، بل يشمل أبعاداً أخرى، موضحاً أنه مثلاً لا يمكنك الاستفادة من جميع إمكانات «أمازون» إذا تم تخزين نصف بيانات المستخدم في مكان آخر.
التحكم في «ظلال التقنية»
يقصد بـ«ظلال التقنية» الأعباء والتكاليف الجانبية غير الظاهرة مباشرة، خلال نشر وتشغيل الأشكال والأنماط المختلفة من تقنيات المعلومات داخل الشركة. واعتبر محللو مؤسسة «غارتنر» أن الانتقال إلى خدمات الحوسبة السحابية يساعد على التحكم في «ظلال التقنية» بصورة كبيرة، لأن كلفة الخدمة وأعباءها تكونان واضحتين بدرجة أكبر، وقابلتين للقياس والتحكم فيهما مقارنة بعمليات الشراء والتشغيل الداخلية، ولذلك تكون الشركة قادرة على اتخاذ قرارات سليمة وأكثر وضوحاً في ما يتعلق بنقل تطبيقاتها وعملياتها نحو خدمات الحوسبة السحابية من عدمه.