«فيس بوك» تطوّر جهازاً يُتيح للمستخدمين السماع عبر الجلد
يعمل حالياً فريق من الباحثين في شركة «فيس بوك»، على مشروع طموح، كان حتى وقت قريب أشبه بالخيال العلمي، لكنه بدأ يتخذ طريقه الى أرض الواقع، لكونه مشروعاً يسعى إلى تغيير بعض مما هو ثابت ومستقر في الحواس البشرية، وتغييره الى وضعيات جديدة، إذ يحاول الباحثون أن يجعلوا السمع يتم عبر الجلد وليس الأذن، والكتابة تتم عبر المخ وليس عبر اليدين بمجرد ورود خاطرة ما على العقل.
وبحسب المعلومات المتوافرة حتى الآن عن أعمال هذا الفريق، فإن «فيس بوك» ينفذ هذه العملية مستهدفاً الوصول الى منتج يرث الهواتف الذكية الحالية.
وتتسابق العديد من الشركات حالياً لربط العقل والحاسب أو أي جهاز يدوي آخر عن طريق أجهزة تسمى واجهات التفاعل بين العقل والحاسب، لفتح الطريق أمام المستخدمين للتواصل بسلاسة، وعلى الفور، ومع أي شخص يريدونه. وحتى الآن هناك شخصان يقودان هذا السباق علناً، هما الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، إيلون موسك، والرئيس التنفيذي لـ«فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، حيث تعرف مشروعاتهما في هذا الصدد بمشروعات الرابطة العصبية أو «نيورال لينك».
جهاز جديد
وكانت شركة «فيس بوك»، أعلنت رسمياً عن مشروعها الجديد، خلال مؤتمرها السنوي الأخير للمطورين الذي عقدته في سان خوسيه بكاليفورنيا، حينما عرضت الدكتورة ريجينا دوجان، التي تعمل بمعمل أبحاث الشركة، ملخصاً له أمام الحاضرين، موضحة ان جهازاً على شكل شارة صغيرة توضع على اليد أو الذراع يعمل فريق من الباحثين على تطويره سيصدق القليل من الجمهور فقط أنه سيكون حقيقياً، لأنه سيسمح للمستخدمين بالسماع من خلال بشرتهم أو جلدهم.
وبالفعل سارع الكثير وقتها إلى رفض الفكرة، باعتبار أنها خيال علمي، لكن يبدو أن مبادرة الدكتورة دوجان، التي يقودها الآن عالم القلب السابق في جامعة ستانفورد، فريدي أبنوسي، لم تعد خيالاً علمياً، فقد تحولت إلى نموذج أولي واحد على الأقل، نشرت تفاصيله بالعدد الأخير من مجلة علمية هندسية تابعة للجمعية الاميركية لمهندسي الكهرباء والالكترونيات «آي 3 إي»، إذ تضمنت تفاصيل الجهاز الجديد رسوماً وصوراً فوتوغرافية تصف كيف يتحول الصوت المسموع بالأذن، إلى اهتزاز يمكن الشعور به عبر الجلد.
الفكرة المركزية
وقدم الفريق في بحثهم صوراً ورسماً تخطيطياً للجهاز، ووصفاً تفصيلياً لسلسلة من الاختبارات التي يتم إجراؤها باستخدام موضوعات يتم اختبارها على عينة من البشر، يحاول الأشخاص خلالها فهم الكلمات التي تصل إليهم بإشارات تعبّر بأنماط اهتزازية مختلفة.
وأوضح أن الفكرة المركزية التي يقوم عليها الجهاز هي ظاهرة «فونيمي» المعروفة في علوم الصوتيات واللغة، حيث إنه عندما نتحدث، يمكن تقسيم الأصوات التي ننتجها من أفواهنا إلى مجموعة أصغر مما يعرف باسم الأصوات الجذرية، مبيناً أنه على سبيل المثال تتكون كلمة اللحم من ثلاثة أصوات: الصوت الذي ينتج «اللام»، والصوت الذي ينتج «الحاء»، والصوت الذي ينتج «الميم»، ويقوم الجهاز بتحويل كل من هذه الأصوات الجذرية إلى نمط اهتزازي فريد. وأضاف الفريق أن الاهتزاز لـ«الميم» سيبدو متميزاً عن اهتزاز «الحاء» و«اللام»، وبالتالي يكون لكل كلمة نمط اهتزاز خاص بها، وهنا يقوم الجهاز باستخدام ذلك في إنشاء رموز، ثم أخذ تلك الرموز ووضعها على الكلام، وهكذا فإنه إذا ما تم التعرف وتمييز نمط الاهتزاز أمكن الوصول الى معنى الكلمات وفهمها.
وبين أنه خلال عملية البحث والتجريب، تم تدريب 12 مشاركاً على استخدام الجهاز من خلال النقر على لوحة المفاتيح حتى حصلوا على جوهر كيفية عمله، ثم تم استخدام هذه الشارة لتوصيل 100 كلمة مختلفة لهم باستخدام 39 صوتاً أو اهتزازاً، وطُلب من المشاركين تحديد الكلمات.
الهدف الرئيس
وأشار الباحثون إلى أن «فيس بوك» تسعى، على المدى البعيد من هذا المشروع إلى الاستعداد، لوراثة سوق الهواتف الذكية المحمولة التي يتوقع أن تنتهي في غضون من خمس الى 10 سنوات من الآن، حيث يتوقع أن تصبح شاشتها في نظارة تعمل بالواقع الافتراضي او المعزز، ومعالجها ووحدة تخزينها ونظام تشغيلها في ساعة ذكية حول رسغ اليد، وميكروفونها في سماعة ذكية ربما تكون شيئاً ملحقاً بمؤخرة ذراع النظارة، وحينما تصل الامور إلى هذا الوضع، فلابد من منتج جديد يرث السوق الواسعة التي تحتلها الهواتف الذكية الآن، ويتوافق مع التفكيك الذي سيحدث في مكوناتها، وترى «فيس بوك» أن جهازها الجديد الذي يمكّن المستخدمين من السماع عبر الاهتزاز، وتلقّي افكارهم من العقل سيكون جديراً بوراثة الهواتف الذكية الحالية.
استخدامات محتملة
أوضح باحثون يعملون على تطوير جهاز «فيس بوك» الجديد أن هناك استخدامات كثيرة محتملة للجهاز، أبرزها توفير طريقة للتواصل والتفاعل مع الصم والبكم، تكون بديلة للغة الإشارة الحالية، كوسيلة للمحادثة، كما يسمح للأشخاص بالتواصل مع الهاتف أو الحاسب أثناء القيادة أو القيام ببعض الأنشطة الأخرى.