«فيس بوك» تواجه انتقادات واتهامات جديدة بالقرصنة واختراق الخصوصية
انتقدت مؤسسة «بيزنس إنسايدر»، شركة «فيس بوك»، بعد نزاعها الأخير الذي وقع الأسبوع الماضي مع شركة «أبل»، حول قيام الأولى باختراق خصوصية مستخدمي هواتف «آي فون» والأجهزة العاملة بنظام التشغيل «ماك أو إس». ونشرت «بيزنس إنسايدر» تحليلاً مطولاً كان واحداً من عشرات التحليلات والتقارير التي انتقدت «فيس بوك» بعنف، وجعلتها تتعرض لموجة جديدة من الاتهامات، داعية الجهات التشريعية والتنظيمية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان باتخاذ خطوات حاسمة تجاه سياسة «فيس بوك» المتعلقة بالخصوصية.
سبب النزاع
وكان سبب الواقعة، وفقاً لـ«بيزنس إنسايدر»، هو قيام «فيس بوك» بتشغيل تطبيق يدعى «فيس بوك ريسيرش» داخل موقعها للتواصل الاجتماعي، بعد أن يتم تحميله من متجر «غوغل بلاي» الخاص بتطبيقات الهواتف العاملة بنظام التشغيل «أندرويد»، أو متجر «أب ستور» الخاص بتطبيقات هواتف «آي فون» والأجهزة العاملة بنظام التشغيل «ماك أو إس» من شركة «أبل».
وبعد ذلك يعمل التطبيق من خلال موقع «فيس بوك»، ويمنح أي مجموعة من المستخدمين فرصة انشاء شبكة تخيلية خاصة عبر هواتفهم، يستخدمونها للتواصل في ما بينهم عبر تواصل يفترض أنه سريع ومؤمّن ومغلق عليهم تماماً. وعقب تشغيل التطبيق حظي بإقبال كبير من المستخدمين، خصوصاً من فرق العمل المختلفة داخل المؤسسات والشركات، بما فيها «فيس بوك» نفسها، فضلاً عن المراهقين وصغار السن، على الرغم من أنه يعمل باشتراكات تصل الى 10 دولارات شهرياً.
انتهاك للخصوصية
لكن «أبل» اكتشفت أن جميع بيانات المستخدمين المشاركين في التواصل عبر الشبكات التخيلية الخاصة التي ينشئها تطبيق «فيس بوك ريسيرش»، عبر هواتف «آي فون»، تذهب كاملة إلى حاسبات «فيس بوك» الخادمة، وتنقل تحركاتهم ومواقع هواتفهم وما يفعلونه عليها إلى شركة «فيس بوك» لحظة بلحظة.
واعتبرت «أبل» أن هذا خرق فاضح للخصوصية وتعدٍّ على كل الأعراف والقوانين المعروفة، فقامت بإلغاء التطبيق من متجر «أب ستور» التابع لها، كما أوقفت تشغيله على هواتف «آي فون» والأجهزة العاملة بنظام «آي أو إس» كالحاسبات اللوحية وغيرها، لاسيما النسخة المستخدمة في فرق العمل داخل المؤسسات المختلفة.
وسبّب قرار «أبل» إرباكاً شديداً لمستخدمي هواتف «آي فون»، الذين فوجئوا بعدم قدرتهم على استخدام هواتفهم في متابعة أعمالهم الجارية، حتى وصل الأمر إلى أن موظفي «فيس بوك» أنفسهم دخلوا في حالة من الفوضى والغضب بسبب هذا الوضع.
وبعد قرار «أبل»، دخلت الشركتان في نزاع كبير في ما بينهما، وأظهرت «أبل» صرامة وصلابة في موقفها، وقامت بمزيد من التصعيد وأوقفت جميع التطبيقات التي تشغلها «فيس بوك» وتستخدم داخلياً في المؤسسات والشركات، ودافعت عن موقفها بأن ذلك يأتي رداً على قيام «فيس بوك» باتباع تكتيكات تنتهك الخصوصية، وتجمع بيانات بصورة غير مشروعة من مستخدمي هواتفها، حتى انتهى النزاع أخيراً بإعلان «فيس بوك» إيقاف تشغيل تطبيق «فيس بوك ريسيرش».
دروس الواقعة
وانتقل الجدل في القضية خلال الأيام القليلة الماضية إلى البحث عن الدروس المستفادة من هذا النزاع، حيث جاءت آراء العديد من المحللين مساندة لموقف «أبل» ومهاجمة لموقف «فيس بوك».
وقال المحلل في «بيزنس إنسايدر»، تروي ولفرتون، إن «الدرس الحقيقي من نزاع (أبل - فيس بوك) هو أن الرئيس التنفيذي لـ(فيس بوك)، مارك زوكربيرغ، يتبع (طريقة القراصنة) وأكثر خطورة مما نظن، وإذا كان صانعو السياسة في حاجة إلى المزيد من الإقناع بأنه قد مضى وقت طويل من دون كبح جماح (فيس بوك)، فإن غبار المعركة مع (أبل)، يعطي مثالاً واضحاً ومميزاً على ضرورة القيام بذلك».
وأضاف: «لقد أظهرت (فيس بوك) منذ فترة طويلة أنه ليس لديها أي احترام لمستخدمي موقعها أو للقواعد الاجتماعية التقليدية عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل الخصوصية وتحدي المنظمين الحكوميين».
وأشار ولفرتون إلى أنه «في النزاع الأخير، بدت (فيس بوك) مستعدة للمخاطرة، على الرغم من أن (أبل) تمتلك قدراً من القوة ليس بالضئيل، ما يشير إلى أن (فيس بوك) بلغت مدى كبيراً في عدم الاكتراث بما حولها، وأن شهيتها للبيانات الخاصة بمستخدمي موقعها ومنافسيه مفزعة، لدرجة أنها على استعداد لتجاوز أي خط للحصول عليها، بغض النظر عن المخاطر المحتملة».
صفعة أو تفتيت
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية في مؤسسة «إلكترونيك فرونتير» المتخصصة في الدفاع عن الحقوق الرقمية، بينيت سيبرز، إن «تحرك (فيس بوك) لتقييد قواعد شركة (أبل) من أجل التجسس على أنشطة الهاتف المحمول الخاصة بالمستهلكين كان إساءة استخدام للسلطة على (فيس بوك) بشكل خاص».
وأضافت أن «الواقعة ليست إلا واحدة من كثير، وهذا أمر ينبغي على لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية والكونغرس والاتحاد الأوروبي، وغيرهم من المنظمين حول العالم، أن يضعوه في اعتبارهم وهم يحاولون معرفة كيفية الاستجابة للهيمنة على سوق (فيس بوك) وبياناته وممارساته في انتهاك الخصوصية وسلوكه اللانهائي من الأعمال السيئة، ولابد من تقديم ولو (صفعة بسيطة)، سواء في شكل غرامة أو تعهد موقّع باحترام القانون، أو الوصول إلى اجراءات أكثر قوة، مثل تفتيت الشركة أو تعطيلها بشكل كبير».
أصل النزاع
أفاد تقرير نشره موقع «تيك كرنش»، بأن أصل نزاع شركة «فيس بوك» مع شركة «أبل» يعود إلى ما هو أبعد من تطبيق «فيس بوك ريسيرش»، حيث كان هناك تطبيق آخر يدعى «أونافو» قامت «فيس بوك» ايضاً بتشغيله لإنشاء شبكات تخيلية خاصة لمستخدميها، مع إعطاء «فيس بوك» الفرصة لمتابعة كل ما يجمعه من بيانات، لكن «أبل» أوقفته في أغسطس الماضي، بعد أن كان يعمل عبر موقع «فيس بوك» منذ سنوات عدة، وقدم للشركة معلومات دقيقة حول المنافسين الناشئين، بما في ذلك «واتس أب» و«سناب شات». وأشار التقرير إلى أن هذا التطبيق كان له تأثير حاسم في قرار «فيس بوك» بالاستحواذ على «واتس أب»، موضحاً أنه من خلال التجسس على هواتف المستخدمين تأكد لدى «فيس بوك» أن هناك منافساً قوياً سيتجاوزها، لهذا أنفقت 21 مليار دولار، واشترت تطبيق «واتس أب»، والحصول على فريق العمل بكامله، بحسب «تيك كرنش».