توقعا أن تعمل خلال السنوات الخمس الأولى كبنية اتصال للمستشفيات والشركات والهيئات الكبرى
مسؤولان: «الجيل الخامس» حلم موجّه للمؤسسات والشركات وليس الأفراد
أفاد مسؤولان بأكبر شركتين أميركيتين في مجال تشغيل شبكات الاتصالات المحمولة بأن شبكة الجيل الخامس لا تستهدف الأفراد في مرحلتها الأولى خلال السنوات الخمس المقبلة، وإنما تركز على الشركات والمؤسسات والمنظمات والهيئات الكبرى الساعية للحصول على «بنية اتصالات تحتية داخلية لاسلكية» فعالة وقوية ورخيصة وسهلة التشغيل، تحل محل بنية الاتصالات السلكية الثابتة الحالية من كبلات نحاس وكبلات ضوئية عريضة النطاق وعالية السعة.
لذا إذا كنت من المهتمين أو المولعين بالبحث عن الجديد في تقنيات الاتصالات الجديدة والهواتف الذكية، فلا تدع الضجيج المثار حول الجيل الخامس للمحمول وإمكاناته تداعب أحلامك في الحصول على هاتف بإمكانات الجيل الخامس الجبارة في نقل البيانات والفيديو اللحظي وخلافه، لأن هذه التقنية المتقدمة لن تستهدفك كمستخدم فرد يسعى للتمتع بالجديد والمميز على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة.
جاءت هذه الخلاصة في كلمتين مطولتين قدمهما الرئيس التنفيذي لشركة «إيه تي آند تي»، راندال ستيفنسون، والرئيس التنفيذي لشركة «فيرايزون»، هانز فيستبرج، اللتين تعتبران أكبر شركتين أميركيتين تعملان في مجال تشغيل شبكات الاتصالات المحمولة، وذلك في حدثين منفصلين، تم تنظيمهما خلال الأسبوع الأول من فبراير الجاري، للإعلان عن تفاصيل النتائج المالية للشركتين خلال العام الماضي.
طيف ترددي
ويطلق «الجيل الخامس» من شبكات المحمول على معيار اتصالات يعمل على طيف ترددي يتفوق في سرعته وسعته بصورة كبيرة على معايير الاتصالات المستخدمة في الأجيال الحالية، التي تعمل بها شبكات المحمول، وعلى الأخص الجيلين الثالث والرابع. فمعظم الرخص الممنوحة للطيف تقع بين 400 ميغاهيرتز و2.5 غيغاهيرتز، بالإضافة للطيف غير المرخص الذى يعمل في المدى القصير عند تردد 2.5 غيغاهيرتز، و5 غيغاهيرتز، والمستخدم مع الواي فاي والبلوتوث وغيرهما من إشارات البث قصيرة المدى.
أما الطيف الترددي الخاص بالجيل الخامس، فيقع عند ترددات اكثر ارتفاعاً، تراوح بين 28، و37، و39 غيغاهيرتز، وما بعد ذلك، وهذه الترددات العالية لها نقاط ضعف، ونقاط قوة، فهي يمكن أن تنقل كميات أضخم من البيانات، وبسرعات أعلى كثيراً، لكن إشارات البث لا تسافر لمسافات بعيدة، ولذلك فإن شبكات الجيل الخامس ستتألف من خلايا جديدة صغيرة الحجم، لكن يتم نشرها على بعد مئات الأمتار من بعضها بعضاً، بخلاف الشبكات الحالية التي تعمل على بعد كيلومترات من بعضها، ومن ثم توفر ترددات عالية تلبي الاحتياجات الخاصة بالعديد من الخدمات الجديدة التي تعمل بها أعداد ضخمة من الأدوات والأجهزة والتطبيقات.
أفق زمني
وشرح راندال ستيفنسون، رؤية «إيه تي آند تي» للجيل الخامس للمحمول، بقوله إن «هناك أفقاً زمنياً يراوح بين ثلاث وخمس سنوات، لكي يصبح (الجيل الخامس) حقيقة واسعة الانتشار بشكل لا لبس فيه، وخلال هذا الأفق الزمني سيعمل (الجيل الخامس) كبنية تحتية للاتصالات عريضة النطاق، تكون بديلاً للبنية التحتية الحالية عريضة النطاق المعتمدة على الخطوط الأرضية الثابتة».
وأضاف أنه على قناعة تامة بأن هذا هو الحال الذي سيسير عليه «الجيل الخامس»، وسيكون الأمر قائماً على المعايير، وهو أمر يعيد للأذهان ما حدث في سنوات سابقة، ففي تسعينات القرن الماضي حينما ظهرت الشبكات المحمولة لأول مرة، كان الجميع يقولون إن الشبكات اللاسلكية لن تخدم أبداً بديلاً عن الخط الثابت مع الصوت، لأنه لا توجد قدرة كافية، وحينما ظهرت خطوط الاتصال عريضة النطاق وعالية السرعة، كانت المقولة إن الاتصالات اللاسلكية لن تكون البديل الكافي، والآن يقال الشيء نفسه عن «الجيل الخامس» في أنه لن يقدم البنية التحتية البديلة الكاملة للألياف الضوئية الأرضية الثابتة، لكننا نرى أنه سيكون لديه القدرة الكافية لتقديم بنية تحتية جيدة واسعة النطاق وعالية السرعة، تعمل كخدمة بث مباشر للتلفزيون أو لخدمات من نوع «نيتفليكس» أو غيرها.
وتابع ستيفنسون: «أنا على قناعة تامة بأننا سنمتلك هذه القدرة، خصوصاً عندما نطرح طيف (الموجة المليمترية)، وهذا هو المكان الذي تأتي منه السعة والأداء، وهذا هو المكان الذي ستبدأ فيه رؤية فرصة بديلة حقيقية للنطاق العريض للخطوط الثابتة، لذلك ليس لدي شك في أنه في الأفق الزمني من 3 إلى 5 سنوات، سنبدأ في رؤية استبدال لاسلكي للنطاق العريض للخطوط الثابتة، وحالات الاستخدام المبكر للجيل الخامس ستكون هي الشركات التي ترغب في نشر الجيل الخامس بشكل فعال في البنية التحتية الخاصة بها، بحيث يكون الاتصال اللاسلكي الثابت لديها بديلاً عن الخط السلكي الأرضي الثابت».
المدن الذكية
ولم يختلف ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة «فيرايزون»، هانز فيستبرج، كثيراً عما ورد بحديث ستيفنسون، حيث أشار فيستبرج إلى أن شركته «تتطلع للخروج إلى (الجيل الخامس) للمؤسسات والشركات، باعتباره من المحفزات التي تقود إلى الثورة الصناعية الرابعة»، واصفاً «الجيل الخامس» بأنه تجربة تحويلية فارقة، تمنح العملاء السرعة وتقلل من البطء في الشبكات، لتصبح قادرة على الاستجابة في وقت قصير، يقل كثيراً عن زمن الاستجابة الحالي.
وفي ما يعد تعزيزاً لفكرة «الجيل الخامس.. حلم مؤسسات»، ركز فيستبرج في حديثه على أن شركته «تولي اهتماماً خاصاً بإطلاق الجيل الخامس للمحمول مع الجهات الحكومية وأجهزة البلديات، التي ستكون البوابة الأولى لاستخدام شبكات اتصالات أسرع، تقود الى نشر حلول المدن الذكية بصورة أوسع نطاقاً».
حلم المؤسسات
ولم يكن القول بأن «الجيل الخامس» هو «حلم المؤسسات لا الأفراد» مجرد فكرة وردت في حديث كل من ستيفنسون وفيستبرج، بل كانت توجه تجسد عملياً في العديد من المشروعات التي تعمل عليها الشركتين، ومن ذلك على سبيل المثال أن شركة «إيه تي آند تي» تعمل على تقنية تطلق عليها «اير جيج»، يتم فيها استخدام الهواء الملاصق لخطوط شبكات الكهرباء في نقل خدمة الانترنت بسرعات تعادل غيغابايت عدة في الثانية، لمسافات بمئات وربما آلاف الكيلومترات، ويتم فيها إعادة توليد إشارات موجات ملليمترية عاملة بالجيل الخامس للمحمول، لتكون بديلاً للكبلات الضوئية والكبلات النحاسية المدفونة في الأرض، والتي تعمل كوصلات رئيسة تنقل الاتصالات وخدمة الإنترنت من منطقة لأخرى.
أما شركة «فيرايزون» فلديها مثال آخر هو مشروع استخدام «الجيل الخامس» في تشغيل الطائرات الصغيرة بدون طيار «الدرونز»، ليؤمن لها بنية اتصالات تحتية مستقرة وثابتة، تسمح باستخدامها في الكثير من الأشياء، من توزيع البيتزا الى التنقل حول المدن الكبرى في مهام البحث والإنقاذ والمهام متعددة الأغراض في الصناعة والزراعة والتوزيع، معتمدة على اتصالات محمولة، توفر لها تغطية واسعة النطاق، وموثوقاً بها ومؤمنة، لتحل مشكلة التحكم في الطائرة على المسافات التي تتجاوز مرمى البصر.
التركيز على المستهلكين الأفراد مرحلة تالية قد تبدأ بعد موجة تطبيقات السنوات الخمس الأولى.