منافسة شديدة متوقعة مع «نيتفليكس» و«أمازون»
«أبل» تدخل سوق «الفيديو الحي» باستثمارات 3.6 مليارات درهم
من المنتظر أن تطلق شركة «أبل» الأميركية في 25 مارس الجاري، خدمة بث الفيديو الحي «المتدفق» الجديدة التي تدخل بها سوق خدمات المحتوى الحي جنباً إلى جنب مع عمالقة هذه الخدمات، وفي مقدمتهم: «نيتلفيكس» و«أمازون»، مسلحة بمحتوى أصلي من الأفلام والمسلسلات والبرامج وأشكال المحتوى الحي الأخرى التي أنفقت عليها ما يزيد على مليار دولار (3.67 مليارات درهم)، دفعة أولى، عبر عمليات إنتاج مشتركة مع أكبر الشركات والمؤسسات العاملة في مجال إنتاج المحتوى، وبخطة تستهدف الوصول إلى 100 مليون مشترك خلال السنوات الثلاث الأولى.
مفترق طرق
ينظر المراقبون إلى هذا الحدث باعتباره قراراً أو توجهاً تتخذه «أبل» وهي تقف في مفترق طرق، بين تباطؤ مبيعات هواتف «آي فون» الذكية، وفتور الحماس لمشروعها الخاص بالقيادة الآلية أو المركبات ذاتية القيادة، وتراجع الطموحات وراء مشروع نظارتها الذكية المقرر اطلاقها في 2020، وانخفاض العائدات المحققة من وراء «ساعة أبل»، وعدم الاستقرار والوضوح في منتجات وتطبيقات الواقع المعزز، والمنافسة الضعيفة لمنتجاتها في مجال المنازل الذكية خصوصاً «هوم بود» أمام كل من «إيكو أمازون»، و«مساعد غوغل»، و«أليكسا مايكروسوفت».
الحصان الرابح
فى هذا السياق، تبدو «أبل» كأنها تعتبر خدمة بث الفيديو الحي المتدفق، الحصان الرابح الذي يمكن أن يشكل لها طوق نجاة من هذه التحديات المختلفة والمتنوعة. كما أن الإعلان عن هذه الخدمة يشير إلى أن رؤية «أبل» الطموحة لمستقبل التلفزيون على وشك أن تتشكل، وهي رؤية لخصها الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، خلال الكلمة الرئيسة بـ«مؤتمر مطوري أبل» عام 2015 بقوله: «رؤيتنا للتلفزيون بسيطة، فنحن نعتقد أن مستقبل التلفزيون هو التطبيقات، وهذه رؤية ربما تكون استفزازية بعض الشيء».
وبحسب تحليل نشره موقع «بيزنس انسايدر» businessinsider.com حول أبعاد وتداعيات هذا الحدث، فإن هذه الخدمة ربما تدشن نفسها كبداية جديدة تعيد للأذهان بعضاً مما صنعته «أبل» من بدايات جديدة خلال تاريخها، مثلما فعلت حينما أطلقت «آي فون» في عام 2007، وحينما حدد جهاز «آي باد» المعيار الأساسي للأجهزة اللوحية الحديثة في عام 2010، لكنه كافح من أجل إحداث تأثير مماثل مع منتجات الأجهزة الحديثة.
وفي السنوات التالية لم تدشن «أبل» بداية جديدة مماثلة، فحينما أطلقت «ساعة أبل»، وعلى الرغم من أنها أصبحت الساعة الأكثر شيوعاً في العالم، فإنها لم تفعل ما فعله «آي فون» و«آي باد»، بل نظر إليها على أنها «إحراق بطيء» لفكرة إبداعية، أكثر منها تبديل لقواعد اللعبة في الأسواق بين عشية وضحاها مثلما فعل «آي فون». وانتقد خبراء الجيل الأول من «ساعة أبل» لعدم القيام بما فيه الكفاية، وعدم قدرته على إثارة اهتمام المستهلكين كما كان متوقعاً.
الخطوة الكبرى
تدفع هذه الملابسات إلى التساؤل حول ما إذا كانت خطوة «أبل» في مجال بث الفيديو الحي ستكون هي «الخطوة الكبرى التالية»؟ ويرى محللو «بيزنس انسايدر» أن هذا الأمر ربما يمضي على هذا النحو، لأن التقارير المالية الأخيرة لـ«أبل» تشير إلى أن الخدمات الرقمية الجديدة هي الجزء المتلألئ في النشاط البيعي للشركة خلال الفترة الأخيرة، فهذه الخدمات التي تشمل منتجات «أب ستور» و«أبل باي» و«موسيقى أبل»، حققت نمواً قدره 19% في الربع الأخير من عام 2018، وبلغت إيراداتها 10.9 مليارات دولار.
ويعني هذا أن «أبل» قد تضطر إلى إثبات قدرتها على فعل المزيد مع المنتجات التي تبيعها بالفعل، ومن المؤكد أن إطلاق خدمة بث فيديو جديدة سيكون بالتأكيد إحدى الطرق لتحقيق ذلك.
إلا أنها ستواجه منافسة شديدة من «نيتفليكس» و«أمازون»، وبحسب ما يراه محللون فإن الوقت حان لأن تطوّر «أبل» جهودها في الفيديو الحي، وترفع من استثماراتها عبر مزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ.
900 مليون مستخدم
تتمتع «أبل» بميزة رئيسة يفتقر إليها منافسوها، وهي أن لديها حالياً 900 مليون مستخدم نشط لهواتف «آي فون»، وإذا دمجت التطبيق الجديد لخدمة بث الفيديو الحي المتدفق الجديد في هواتف «آي فون» بصورة افتراضية، فهذا يعني أن لديها وسيلة عملاقة جاهزة للتوزيع، والحصول على المشتركين، وهنا تنبأ تقرير صادر عن شركة «ويب بوش» للاستشارات والبحوث بأن خطة «أبل» ربما تتضمن الوصول إلى 100 مليون مشترك في خدمتها الجديدة خلال السنوات الثلاث الأولى، وإذا ما تحقق ذلك فإن رؤيتها للتلفزيون التي وضعتها في عام 2015 ستصبح قطعة اللغز المفقودة اللازمة للعبور للمستقبل بشيء يماثل «آي فون» و«آي باد».