نظام ذكي يعتمد على إنترنت الأشياء لحماية «ملكة البحيرات»
أعلن باحثون في تقنية المعلومات وعلوم المياه والبحار، عن إنشاء أول نظام ذكي، يعتمد على إنترنت الأشياء لمراقبة وحماية المياه والنظام البيئي في بحيرة جورج بمدينة نيويورك الأميركية، موضحين أن بحيرة «ملكة البحيرات» أصبحت أول بحيرة في العالم تحظى بأعقد وأكبر نظام إلكتروني يراقب أحوالها، ويحسب المخاطر التي تتعرض لها، بدءاً من أملاح الطريق التي تجرفها المياه الواردة إلى البحيرة من المناطق المرتفعة حولها عقب هطول الأمطار، والتي تضر بعذوبة وصفاء مياهها، إلى كل ما يؤثر في حياة أحيائها المائية من الأسماك والكائنات الدقيقة، ويؤثر في سلامتها وصحتها.
وأضاف الباحثون أن النظام الجديد يستطيع تجميع 9000 غيغابايت من البيانات سنوياً، عبر آلاف من أجهزة الاستشعار الإلكترونية الدقيقة، المنتشرة فوق سطح البحيرة وقاعها وحولها وفي الجداول التي تغذيها بالمياه، والتي تنقلها إلى حاسبات عملاقة لتتم معالجتها أولاً بأول، وإظهارها في نماذج ورسوميات زاهية الألوان، تعبر عن حالة البحيرة بوضوح.
فريق الباحثين
ويقوم ببناء النظام الجديد فريق من الباحثين في شركة «آي بي إم» لتقنية المعلومات، بالتعاون مع فريق من علماء معهد «بوليتكينك»، يضم باحثين في علوم المياه والبحار والأنهار والأحياء المالية والبيئة وغيرها، فيما يشرف على تنفيذ النظام ككل صندوق حماية وتنمية بحيرة جورج.
ويعمل الجميع في إطار مشروع يحمل اسم «مشروع جيفرسون»، ويستهدف المشروع بالأساس الوصول إلى نظام كفؤ وفعال، يمكنه مراقبة وقياس التأثيرات البشرية في المياه العذبة، ويمكن تطبيقه وتشغيله ليس في بحيرة جورج فقط، وإنما في جميع الأنهار والبحيرات العذبة في العالم.
أعقد نظام
ونشر الموقع الرسمي للمشروع jeffersonproject.rpi.edu، تقريراً عن أحدث التطورات الميدانية الجارية في أعمال مراقبة وحماية البحيرة، حيث ركز التقرير على الدور الذي تلعبه تقنية المعلومات في المشروع، والمتمثل في بناء ما وصفه التقرير بأكبر وأعقد نظام إلكتروني ذكي في العالم، لمراقبة حركة المياه والأحياء المائية والطقس والحرارة وجودة المياه والحالة البيئية في مسطح مائي كبير.
وبين التقرير أن النظام الجديد يضم آلافاً من المستشعرات الإلكترونية الدقيقة، التي تم نشرها فوق سطح البحيرة وقاعها وعلى جانبيها وفي الجداول المغذية لها، وربطها معاً عبر شبكات الاتصالات المحمولة من الجيلين الثالث والرابع، لتعمل كشبكة معلومات لاسلكية موحدة، وتتم إدارتها وضبطها والتحكم فيها من قبل حاسبات مركزية قوية، مثبتة عليها برمجيات فائقة التطور، تستقبل البيانات وتقوم بمعالجتها ونمذجتها وإعادة عرضها في صورة رسوميات ونماذج حية، تعرض حالة البحيرة لحظة بلحظة، وتتنبأ بما ستتعرض له خلال الساعات التالية من تغيرات في درجات الحرارة وكميات المياه ومستوى الملوثات وجودة المياه، وغيرها.
إنترنت الأشياء
وحول التقنيات المستخدمة في نظام «جيفرسون»، قال المدير المساعد للمشروع والباحث في معامل أبحاث «آي بي إم»، الدكتور هاري كولار، إن فريق «آي بي إم» اختار استخدام نظم إنترنت الأشياء كعمود فقري للمكون الخاص بمراقبة وتجميع ونقل البيانات من البحيرة على مدار اللحظة، مشيراً إلى أنه من أجل بناء النظام على هذا النحو تم نشر 52 منصة، لتجميع البيانات لحظياً من البحيرة وحوافها ومن الجداول المغذية لها بالمياه، حيث تحتوي كل منصة على مستشعرات دقيقة متعددة الحواس، أي التي تقيس وترصد نوعيات مختلفة من الحالة المحيطة بها، كدرجة الحرارة وسرعة جريان الماء، وحركة الأحياء البحرية، ومستوى بعض المواد العضوية والكيميائية داخل المياه، وغيرها.
وأضاف كولار أن منصات المستشعرات تتكون من خمسة ملفات تعريفية عائمة، تراقب الظروف من سطح البحيرة، وصولاً إلى أسفل الأحواض الأعمق بها.
وأوضح أنه، من خلال ربط المستشعرات والمنصات بشبكة الاتصالات المحمولة من الجيلين الثالث والرابع، يتم دفع البيانات إلى مركز التحكم، الذي يضم أنظمة لتحليل البيانات ونمذجتها، مبيناً أن الباحثين طوروا نماذج عدة، لتمثيل وعرض البيانات الخاصة بحالة البحيرة، أبرزها «نموذج الجريان»، الذي يعرض صورة واضحة لحالة جريان المياه في البحيرة وحركتها، منذ هطول الأمطار على المرتفعات من حولها، إلى وصولها عبر الجداول وحركتها داخل البحيرة، وذلك ليس فقط في رصد حي لما يحدث فعلياً، وإنما لتقديم نموذج يتنبأ بما سيحدث في البحيرة قبل حدوثه.
صورة كاملة كل 10 دقائق
قال الباحث في معامل «آي بي إم»، الدكتور هاري كولار، إن أحد نماذج عرض البيانات الخاصة بحالة بحيرة جورج الأميركية، يقوم بقياس وعرض وتوضيح كيف تتحرك المياه داخل البحيرة، وكم تبلغ درجة حرارة الطقس داخل 332 ميلاً مربعاً، هي المسطح المائي الكامل للبحيرة، وما التيارات المائية وقوتها واتجاهاتها داخل البحيرة، مشيراً إلى أن هذا النموذج يوفر صورة كاملة كل 10 دقائق، تحدد ما سيحدث في الحيرة خلال الـ36 ساعة التالية لها، بمستويات عرض وتنبؤ عالية الدقة.