بعد إعلان «أبل» إطلاق خدمتها الجديدة «أبل كارد»
شركات التقنية تدخل «مرحلة التحالفات» في سوق المدفوعات المالية الناشئة
بعد أقل من أسبوعين على إعلان شركة «أبل» الأميركية عن توسيع نطاق أعمالها فى عالم المدفوعات المالية عبر الهاتف المحمول، من خلال خدمتها الجديدة «أبل كارد» التي تعمل مع خدمة «أبل باي»، وتطبيق «أبل واليت» أو «محفظة أبل»، تلوح في الأفق بوادر تحالف جديد مضاد يضم بالأساس شركتي «مايكروسوفت»، و«أمازون»، لمنافسة «أبل» على سوق المدفوعات المالية الناشئة عبر «المحمول»، والتي تؤكد كل التحليلات أنها ستتطور بسرعة خلال الفترة المقبلة.
تحالفان قويان
ووفقاً لتحليل أعده المحلل في شبكة «زد دي نت» zdnet.com/meet المتخصصة في تقنية المعلومات، جاسون بيرل، فإن الشركات المنافسة لـ«أبل» في مجال المدفوعات المالية، بدأت التحرك سريعاً للمنافسة بقوة وبصورة موحدة لمواجهة «أبل كارد»، ومنعها من احتكار مستقبل صناعة المحفظة الذكية والمدفوعات المحمولة.
وسيضم التحالف على الأرجح شركة «فيزا» المصدرة لبطاقات الائتمان، إضافة إلى كل من «غوغل»، و«سامسونغ»، باعتبارهما مصنعتين للهواتف الذكية، و«جي دي مورجان» و«أميركان إكسبرس» أو أحدهما شريكاً مصرفياً، وذلك للرد على تحالف «أبل» الذي يضم «آي بي إم»، وشركة «ماستر كارد» كطرف مسؤول عن بطاقات الائتمان، وبنك «غولدمان ساكس»، شريكاً مصرفياً.
إجراءات ضرورية
وبحسب بيرلو، فإن الخطوة الأولى التي يجب على «مايكروسوفت» وحلفائها القيام بها لمنافسة «أبل» هي أن يوافقوا بشكل أساسي على إنشاء معيار واحد لمدفوعات الهواتف المحمولة، عبر شبكة بطاقات ائتمان «فيزا»، وما لا يقل عن مؤسستين أو ثلاث مؤسسات مالية كبرى، كما يجب توحيد المعاملات وبروتوكول اتصالات الجهاز مع المعدات الطرفية، وإنشاء علامة تجارية معروفة براقة، مع القيام ببعض الأشياء بشكل أفضل مما قدمته «أبل» وحلفاؤها، مع التركيز على الأعمال التجارية واستخدام التقنيات التي تمنح المتعاملين المحتملين المزيد من القدرة والتمكين في أداء أعمالهم، من خلال دمج خدمات الدفع عبر المحمول مع خدمات الحوسبة السحابية الواسعة النطاق. وهذه الخطوات الأولية ضرورية حتى تتمكن محفظتهم الرقمية وبطاقاتهم المصرفية من المواجهة الفعالة، والمنافسة بقوة مع «أبل» التي بدأت انتشارها بالتركيز على المستهلكين الافراد.
الشريك الذهبي
واستعرض التحليل، الدور المتوقع لكل طرف من الأطراف الساعية لبناء التحالف المضاد لـ«أبل»، فشركة «مايكروسوفت» مطور لبرامج الأجهزة المحمولة المخصصة للأعمال التجارية، وهي اللاعب الوحيد الذي يمتلك قدرات مذهلة متفوقة لكتابة تطبيقات مالية عالية الجودة لأجهزة «آندرويد» و«آي أو إس» معاً، كما أن لديها أفضل سحابة تجارية عامة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
كما أن تطبيقاً مثل «باور بي آي» لذكاء الاعمال، يمكنه تقديم مستويات مميزة من الخدمات المرتبطة ببطاقات الائتمان المحمولة سواء الشخصية أو مع الشركات، فهو يتكامل مع أنظمة «ساب» لإدارة موارد المؤسسات، ويستند لاستعلامات ذكية مع المساعد الصوتي الرقمي «كورتانا»، وبعض العمليات التي يجرى تشغيلها بالذكاء الاصطناعي، كما يمكنه التلاحم مع أنظمة «إنترنت الأشياء»، وهكذا فإن «مايكروسوفت» تعد الشريك الذهبي لأي أنظمة مضادة لتحالف «أبل» في مجال الشركات والأفراد معاً.
أما «أمازون» فتشكل القوة الدافعة الرئيسة في مجال التجارة الالكترونية وتجارة التجزئة عبر الانترنت وخارجها بلا منازع، وتمثل خدماتها فائقة القوة في هذا المجال محيطاً هائلاً من المستخدمين والمستهلكين من مختلف الفئات والشرائح، مستعدين للتعامل الفوري مع بطاقة دفع تنخرط فيها «أمازون» جنباً إلى جنب مع «مايكروسوفت» و«فيزا».
«غوغل» و«سامسونغ»
بدخول «أمازون» إلى جانب «مايكروسوفت» و«ساب»، فإنه يتبقى في المنظومة المطلوبة لمقاومة «أبل» قنوات التوزيع أو الوصول للخدمات المالية التي يشكلها هذا التحالف، وهي الأجهزة المحمولة، وهنا لن يكون هناك أمام «غوغل» و«سامسونغ» سوى المشاركة في التحالف لبناء منصة عريضة من الأجهزة الموجودة في أيدي المستخدمين، تواجه منصة «أبل» ممثلة في هواتف «آي فون».
ومن الملاحظ أن لـ«سامسونغ» علاقات قوية وممتازة مع «مايكروسوفت»، وإذا ما بدأ التفاوض بجدية لإنشاء هذا التحالف، فالمرجح أن «سامسونغ» ستكون على استعداد لإيقاف خدمة الدفع عبر المحمول الخاصة بها «سامسونغ باي» لمصلحة التحالف الجديد، وتقبل بالانخراط في بروتوكول موحد لخدمات الدفع مع حلفائها نكاية في «أبل»، لا سيما أن خدمة «سامسونغ باي» ليست موجودة حتى الآن على أنظمة «آي أو إس» وهواتف «آي فون» على الإطلاق، لأن «أبل» رفضت ذلك.
أما «غوغل» فهي من الناحية التاريخية لا تلعب بشكل جيد مع الآخرين. ومن المحتمل أن تذهب لمنافسة «أبل» بمفردها من خلال تطبيقاتها وخدماتها الخاصة، وبطاقتها الخاصة وشريكها المصرفي الخاص، لكن قوة «أبل» الكاسحة التي بدأت نذرها في الظهور، ربما تدفع «غوغل» للعمل بطريقة: «عدو عدوي صديقي» وتنخرط في تحالف «مايكروسوفت ـ أمازون ـ سامسونغ ـ ساب»، وهو المنطق نفسه الذي سيجعل «أمازون» تتحالف مع «مايكروسوفت» وتقبل بالعمل معها ضد «أبل»، فالشركات الثلاث: «أمازون ـ مايكروسوفت ـ غوغل» تتنافس بضراوة، لكنها تقبل بالتشغيل المتداخل بين المساعدات الصوتية «اليكسا»، و«كورتانا»، و«مساعد غوغل»، وتشترك في مهاجمة «أبل» مالياً معاً.
«عدو عدوي صديقي»
مع نشأة التحالف، سيكون من المتوقع تلقائياً أن تنضم شركات أخرى للهواتف المحمولة العاملة بنظام تشغيل «أندرويد»، مثل «إل جي»، و«هواوي» و«لينوفو». وعلى الرغم من صعوبة العمل المشترك بين هذه الشركات، فإن التحدي القائم من قبل «أبل» وحلفائها لا يترك لهم سبيلاً سوى العمل معاً، ولو على طريقة «عدو عدوي صديقي».