«سيسكو» تكشف عن «الشبكات القائمة على النوايا»
كشفت شركة «سيسكو»، أكبر شركات بناء وتشغيل معدات شبكات المعلومات في العالم، عن ما وصفته بأنه «أكبر قفزة ثورية» في عالم شبكات المعلومات خلال السنوات الـ10 الأخيرة، وهي «الشبكات القائمة على النوايا»، التي تفهم وتتعلم سلوك مستخدميها وتتنبأ بنواياهم وتحدد أوضاع الشبكة بناءً عليها، مستندة في ذلك إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ما ينقل شبكات المعلومات من الطريقة التقليدية القائمة على «التركيز على الأجهزة»، إلى مستوى أعلى كثيراً هو «التركيز على الأعمال».
جاء ذلك في كلمة الرئيس التنفيذي للشركة، تشاك روبينز، أمام دورة عام 2019 من المؤتمر والمعرض السنوي لـ«سيسكو»، الذي تنظمه تحت عنوان «سيسكو لايف»، واختتمت فعالياته أخيراً في مدينة سان دييغو الأميركية، بحضور 28 ألف شخص.
حافلة ذاتية القيادة
ووفقاً لتقرير نشره الموقع الرسمي للمؤتمر حول الشبكات الجديدة، أوضح روبينز أن هناك حافلة ذاتية القيادة تنقل مجموعة من الركاب، كل منهم له وجهة معينة، وحينما يصعد أي منهم على متن الحافلة تتعرف إلى هويته، وبناءً على ما لديها من معلومات عنه تحدد «نيته» ووجهته، ومن مجموع هذه النوايا، تتخذ سلسلة من الترتيبات والأوضاع التي ستنفذها خلال رحلتها، فتحدد المسارات التي ستمضي إليها، ومحطات الوصول التي ستقف فيها بحسب «النية المبيتة» لدى كل شخص، إضافة إلى التقاطعات التي ستمر بها، ومحطات الوقود التي ستدخلها، فضلاً عن المطعم الذي ستتوقف أمامه ليحصل بعض ركابها على وجبات سريعة ومرطبات، إلى غير ذلك من الأمور التي تفعلها من تلقاء نفسها، لنفسها ولمن هم على متنها.
وأضاف روبينز أن سلسلة الترتيبات التي اتخذتها الحافلة القائمة على «نوايا ركابها» هي نفسها الفكرة التي سيعمل بها الجيل الجديد من شبكات المعلومات، حيث سيكون لدى الشبكة القدر الكافي من الذكاء والتعلم الذاتي، لتدرس سلوك كل مستخدميها، سواء كان معدة أو برنامجاً أو تطبيقاً أو شخصاً، وتفهم نواياه، فما أن يصبح قيد العمل، حتى تعرف «نيته» في العمل، وما الذي سيطلبه من الشبكة، وما الذي سيقوم به من وظائف، وبناءً عليه تعيد ترتيب أوضاعها، وتضبط مواردها، وإجراءاتها التشغيلية والتأمينية والدفاعية، بما يتناسب «ونوايا» المستخدمين للشبكة على اختلاف أنواعهم، ويتم ذلك تلقائياً، دون تدخل يذكر من قبل القائمين على إدارتها.
مكونات أساسية
وبيّن روبينز أن جيل «الشبكات القائمة على النوايا» يستخدم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في فهم السياق العام للشبكة، للحصول على المعلومات السياقية المطلوبة لفهم النوايا المستقبلية لمستخدمي الشبكة، مثل من هم المستخدمون، وما هي الموارد التي يصلون إليها، وما هو مكان وجودهم، وما هي نقاط النهاية التي يريدون الوصول إليها عبر الشبكة، وما هي الأدوات التي يستخدمونها، ثم يتم استخدام التعلم الآلي لتحليل معنى المعلومات السياقية، وجمع رؤى جديدة، ثم التنبؤ بالنتائج، وإنشاء تجارب مخصصة، وتحسين الأمان، مشيراً إلى أن هذا أمر بالغ الأهمية في القدرة على تحويل البيانات إلى رؤى قابلة للتنفيذ.
وأوضح أن أنظمة شبكات «سيسكو» القائمة على النوايا من مكونات أساسية تتمثل بما يلي: مركز الحمض النووي للشبكة، ويقصد به محور النظام وعقله المفكر، إضافة إلى الوصول المعرف بالبرمجيات، وهو جزء خاص بميكنة أو أتمتة التطبيقات الخاصة بوضع وتنفيذ سياسات الوصول الى الشبكة وجعلها تتم تلقائياً ولحظياً، فضلاً عن منصة تحليلات الشبكة، وهي جزء يصنف ويربط بين الكم الهائل المتناثر والمجزأ من البيانات التي يتم توليدها وتداولها عبر الشبكة، ويستخدم التعلم الآلي لتحويل البيانات إلى إجراءات، ثم تسليم المعلومات إلى مركز «الحمض النووي للشبكة»، واخيراً تحليلات المرور المشفرة، وهي مكون خاص بتأمين الشبكة، ويتيح «رؤية» وتحليل حركة المرور المشفرة، لكشف المتسللين والمهاجمين الذين باتوا أكثر ذكاءً من أي وقت مضى، ويتخفون في العدد الضخم والمتزايد من حركة المرور المشفرة.
السمات والمزايا
ظهر مفهوم «الشبكات القائمة على النوايا»، نظرياً، للمرة الأولى عام 2017 على أيدي خبراء ومحللين بمؤسسة «غارتنر» الدولية لبحوث واستشارات تقنية المعلومات، وهو يتسم بأربع سمات: الترجمة والتحقق من الصحة، حيث يمكن للنظام ترجمة أمر معين أو نية عمل إلى إجراءات يمكن أن يؤديها البرنامج، علاوة على التنفيذ التلقائي، إذ إنه بمجرد تحديد القصد أو الحالة المطلوبة، يخصص النظام موارد الشبكة، ويفرض سياسات لتحقيق الهدف.
ومن السمات أيضاً، وعي الحالة، بحيث يقوم النظام باستمرار بجمع ومراقبة البيانات لتعكس الحالة الحالية للشبكة، إضافة إلى الضمان والتحسين والإصلاح الديناميكي، فمن خلال استخدام التعلم الآلي، يقوم النظام بتنفيذ وتطبيق الإجراءات التصحيحية الآلية إذا لزم الأمر.
ومن المفترض أن هذه الخصائص تجعل الشبكات القائمة على النوايا تحقق العديد من الفوائد، منها التقليل من تعقيد إدارة وصيانة سياسات الشبكة، وتبسيط نشر خدمات الشبكة الإضافية، وتقليل العمالة المطلوبة لتشغيل وإدارة الشبكة، وتعزيز قدرات الأمن بها، وتحسين أداء ورشاقة نظام الشبكة بالكامل، والتخلص من الأكواد المتكررة والمعرضة للخطأ.