دراسة: الذكاء الاصطناعي أبرز الأسباب.. وقطاعات النقل والتخزين الأكثر تأثراً
«الروبوتات» تلغي 30 مليون «وظيفة صناعية» حول العالم بحلول 2030
توقعت دراسة حديثة لمؤسسة «إكسفورد إيكونومست» المتخصصة في التحليلات التنبؤية والإحصاءات الكمية، أن يخسر العاملون في القطاعات الصناعية المختلفة أكثر من 30 مليون وظيفة بحلول عام 2030، الأمر الذي سيجعل حجم العمالة البشرية في تلك القطاعات يتراجع بنسبة 8.5% مقارنة بما عليه الآن، وذلك بسبب الأجيال الجديدة من «الروبوتات» الصناعية التي ستحل محلهم، والمزودة بقدرات أعلى في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، حيث يتوقع أن كل «روبوت» حديث سيقضي على 1.6 وظيفة يشغلها البشر بالمصانع وخطوط الإنتاج، وأن زيادة عدد «الروبوتات» بنسبة 1% بالقطاعات الصناعية حول العالم، سيرفع الإنتاجية لكل عامل بنسبة 0.1%.
كما توقعت الدراسة أن يرتفع معدل انتشار «الروبوتات» الصناعية بنسبة 30%، ما سيمكن من زيادة الإنتاج الصناعي الكلي بنسبة 5.3% تعادل خمسة تريليونات دولار، مشيرة إلى أن قطاعات النقل والتخزين الأكثر تأثراً.
وضع آخر
وأفادت الدراسة التي نشرتها المؤسسة على موقعها الرسمي، أخيراً، بعنوان «كيف ستغير الروبوتات العالم»، بأنه منذ ظهور «الروبوتات» الصناعية للمرة الأولى في مصانع «جنرال موتورز» في 1961 فإن تأثيرها خلال السنوات المقبلة سيكون أوسع بكثير، وسيحول صناعات واقتصادات العالم لوضع آخر، بسبب التقدم المذهل والانتشار واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، الذي انعكس في ظهور نوعيات مختلفة من «الروبوتات»، أبرزها حالياً «الروبوتات» التعاونية، التي تتشارك وتتعاون مع بعضها بعضاً في تنفيذ مهام متسلسلة، و«روبوتات» التواجد عن بُعد، و«روبوتات» التشغيل الآلي للتخزين واللوجستيات.
1.7 مليون وظيفة
وحول معدلات انتشار «الروبوتات» في المصانع والمؤسسات الإنتاجية المختلفة عالمياً، أوضحت الدراسة أنه تم رصد ما يقرب من 1.7 مليون وظيفة تشغلها «الروبوتات» منذ عام 2000 وحتى الآن، وتتوزّع بواقع 260 ألف وظيفة في الولايات المتحدة، و400 ألف وظيفة بأوروبا و550 ألف وظيفة في الصين، فضلاً عن انتشار عدد من الروبوتات في بعض أماكن التصنيع الأخرى.
وأضافت الدراسة أنه من حيث التوزيع الجغرافي العالمي لـ«الروبوتات»، فإن الصين لديها حالياً معظم «الروبوتات» التي تم تثبيتها والتي تمثل واحداً من أصل ثلاثة في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أنه بحلول عام 2030، سيكون لدى الصين ما يناهز 14 مليون «روبوت» صناعي قيد الاستخدام، ما يعزز موقعها كأكبر مركز صناعي في العالم. ونقلت الدراسة عن المكتب الوطني الأميركي للبحوث الاقتصادية أنه حدثت زيادة في تأثير استخدام «الروبوتات» الصناعية في أسواق العمل المحلية في الولايات المتحدة من عام 1990 إلى عام 2007 مما خلف آثاراً سلبية كبيرة على العمالة والأجور، لافتة إلى أنه لم يتم استبدال الوظائف المفقودة لـ«الروبوتات» بفرص جديدة أتت بها «الروبوتات».
أمّا من حيث معدل الزيادة بالمتاح فعلياً من «الروبوتات» الصناعية، فبينت الدراسة أن المخزون العالمي من هذه «الروبوتات»، ارتفع حالياً أكثر من ضعف ما كان عليه عام 2010، مضيفة أنه إذا ما استمر النمو بهذه الوتيرة فإن القوة العاملة الصناعية البشرية في القطاعات الصناعية العالمية ستنكمش بنسبة 8.5% بحلول عام 2030.
تأثير فعلي
وأظهرت دراسة «إكسفورد إيكونومست» من حيث معدل قياس التأثير الفعلي لـ«الروبوتات» في الوظائف، أنه مع كل عملية يتم فيها نشر وتشغيل «روبوت» واحد للقيام بوظيفة واحدة، يتم فقد 1.6 وظيفة من المشغولة بالبشر. وتنبأت الدراسة بأن هذا المعدل سيرتفع خلال السنوات الخمس المقبلة، بفضل التقدم في الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، والنظم الهندسية المعتمدة على الأتمتة، ما سيؤثر في مختلف القطاعات، خصوصاً الخدمات اللوجستية والرعاية الصحية وتجارة التجزئة والضيافة والنقل. وفي مجال التأثير في الإنتاجية، أشارت الدراسة إلى أن زيادة عدد «الروبوتات» بنسبة 1% لكل موظف صناعي، سيقابلها زيادة في إنتاجية بنسبة 0.1% من حيث الإنتاج مقارنة بإنتاجية كل عامل أو موظف بشري، ما يُعد عاملاً محفزاً على تحقيق قدر من النمو ذي مغزى. ولذلك توقعت الدراسة أن يحدث ارتفاع بنسبة 30% في أعداد «الروبوتات» العاملة بالمصانع عام 2030 مقارنة بما هي عليه اليوم، ما سيؤدي بدوره الى زيادة قدرها 5.3% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي في ذلك العام، أي ما يعادل خمسة تريليونات دولار تقريباً.
الوظائف المتأثرة
ووجدت الدراسة أن الوظائف التي يتوقع أن تكون أكثر تأثراً بانتشار «الروبوتات» حتى 2030، هي الوظائف التي تنطوي على أعمال نمطية متكررة، مثل الأعمال في قطاعات النقل والتخزين والمستودعات، في حين أن الوظائف الأقل تنظيماً التي تتطلب مزيداً من الإبداع أو التعاطف أو الذكاء الاجتماعي ستكون أقل تأثراً، وستستمر على الأرجح مشغولة من قبل البشر.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن «الروبوتات» ستلعب دوراً واضحاً في فقدان الوظائف، لكنها في المقابل ستعزز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ما يساعد على إيجاد وتوليد فرص عمل جديدة، يشغلها البشر.
المناطق الأكثر تأثراً
أفادت دراسة «إكسفورد إيكونومست»، بأن فقدان الوظائف بسبب «الروبوتات» سيكون أكثر تأثيراً في المناطق الأشد فقراً، والمناطق الأقل مهارة، والتي يميل اقتصاداتها إلى الضعف وترتفع فيها معدلات البطالة أصلاً، مشيرة إلى أن تثبيت وتشغيل كل «روبوت» إضافي في تلك المناطق، سيقابله فقدان في الوظائف يصل إلى ضعف الوظائف المفقودة في المناطق ذات المهارات العالية.