انتقادات واسعة لاتفاق التسوية بين «فيس بوك» ولجنة «الاتصالات الفيدرالية»
شنّ أعضاء في لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية، ومنظمات مجتمع مدني مدافعة عن الحق في الخصوصية، هجوماً كاسحاً على «اتفاق التسوية» الذي تم بين اللجنة وإدارة شركة «فيس بوك» الأميركية، في القضية التي تحقق فيها اللجنة منذ عام، واتهمت فيها «فيس بوك» بخرق وانتهاك خصوصية المستخدمين. وانتهت بفرض عقوبة مالية على الشركة قدرها خمسة مليارات دولار (نحو 18.4 مليار درهم)، مع إلزامها بتنفيذ قواعد جديدة لحماية الخصوصية.
ووصف المعارضون الاتفاق بأنه «طرفة الخمسة مليارات دولار»، لأنه يفرض عقوبة مالية اعتبرت بسيطة، مقارنة بما تحققه «فيس بوك» من عائدات بمئات المليارات سنوياً، من وراء استغلال بيانات المستخدمين، فضلاً عن أن قواعد الحماية الجديدة التي تضمنها الاتفاق لم تمس جوهر عملية اتخاذ القرار في «فيس بوك»، معتبرين الاتفاق «طوق نجاة» قدمته اللجنة إلى مؤسس «فيس بوك» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ.
خيبة أمل
وأعلنت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية عن الاتفاق رسمياً، في 26 يوليو الجاري، عبر بيان رسمي يتضمن جميع التفاصيل.
وعقب الاتفاق مباشرة، نشر موقع اللجنة مذكرة مقدمة من مجموعة من أعضاء اللجنة وأعضاء الكونغرس المعارضين للاتفاق، وموقّعة باسم المفوض في لجنة التجارة الفيدرالية روهيت شوبرا، وزميلته الديمقراطية ريبيكا كيلي، اللذين صوّتا ضد الاتفاق، ووصفاه بأنه خيبة أمل لم تحقق مصالح المستخدمين، وفرصة ضائعة أفلت بسببها مارك زوكربيرغ من المحاسبة.
جوهر الاتفاق
وفقاً لنص الاتفاق، فإن شركة «فيس بوك» انتهكت أمر لجنة الاتصالات الفيدرالية لعام 2012، من خلال خداع المستخدمين بقدرتهم على التحكم في خصوصية معلوماتهم الشخصية، وعليه توجبت معاقبتها بغرامة قدرها خمسة مليارات دولار، وإلزامها بفرض قيود جديدة وهيكل شركة معدّل، يجعل الشركة مسؤولة عن القرارات التي تتخذها بشأن خصوصية مستخدميها.
ويلزم الاتفاق «فيس بوك» بأن تعيد هيكلة طريقة تعاملها مع الخصوصية من مستوى مجلس الشركة إلى أسفل، وأن تنشئ آليات جديدة قوية لضمان مساءلة المسؤولين التنفيذيين في «فيس بوك» عن القرارات التي يتخذونها بشأن الخصوصية، وأن تخضع هذه القرارات لإشراف ذي معنى، عبر إنشاء لجنة خصوصية مستقلة تابعة لمجلس إدارة «فيس بوك»، تزيل السيطرة المطلقة من قبل الرئيس التنفيذي لشركة فيس بوك، مارك زوكربيرغ، عن القرارات التي تؤثر في خصوصية المستخدم.
كما يجب أن يكون أعضاء لجنة الخصوصية مستقلين، ويتم تعيينهم من قبل لجنة ترشيح مستقلة، كما لا يمكن فصل الأعضاء إلا عن طريق أغلبية أعضاء مجلس إدارة «فيس بوك».
ويتعين على «فيس بوك» تقديم شهادات فصلية إلى لجنة التجارة الفيدرالية بشكل مستقل عن التزام الشركة ببرنامج الخصوصية الذي يفرضه الاتفاق، إضافة إلى شهادة سنوية تفيد بأن الشركة في حالة امتثال تام للنظام. وأي شهادة كاذبة ستخضعها لعقوبات مدنية وجنائية.
قوة زوكربيرغ
وفي ما يتعلق بموضوع حماية خصوصية المستخدمين، قال شوبرا إن ما ورد بخصوص لجنة الخصوصية والالتزام بالتقارير الدورية المتعين تقديمها للجنة الاتصالات الفيدرالية، يبدو أمراً مرهقاً جداً لـ«فيس بوك»، لكنه مجرد صداع بيروقراطي، أكثر من كونه قيداً حقيقياً على أنشطة «فيس بوك»، لأن الاتفاق لا يمنع الشركة من تنفيذ منتجات وخدمات جديدة تنتهك خصوصية المستخدمين.
وأضاف: «الاتفاق لا يلزم (فيس بوك) باحترام خصوصية المستخدم، كما لا يحدّ من سلطة مارك زوكربيرغ الحقيقية، فهو لايزال يملك نحو 58% من القوة التصويتية في الشركة، ومن ثم يمكنه تحديد نتيجة أي تصويت للمساهمين، أو انتخاب مجلس الإدارة».
وبحسب شوبرا، فإن هذا هو السبب الذي جعل مارك يحتفل ويتبادل الأنخاب مع مساعديه، عقب توقيع الاتفاق الذي يمكن أن نصفه بـ«نكتة الخمسة مليارات دولار».
غرامة بسيطة
أكدت مذكرة الاعتراض أن الغرامة النقدية على «فيس بوك»، البالغة خمسة مليارات دولار، تبدو بسيطة وغير مؤثرة، مقارنة بإيرادات الشركة وأرباحها، إذ حققت عائدات من المبيعات قدرها 16.9 مليار دولار خلال الربع الثاني من عام 2019، وأنهت الربع بمبلغ 48.6 مليار دولار، نقداً وأوراقاً مالية قابلة للتسويق. وهذا مجرد ربع عام، في حين يعود تاريخ انتهاكات «فيس بوك» إلى سنوات، ما يعني أنها حققت مئات مليارات الدولارات من الإيرادات والأرباح سابقاً.