محللون: تعمل عبر هواتف «آي فون».. وتوقعات بظهورها في 2024
«أبل» تتجه إلى إصدار عملة رقمية مشفرة
بعد إعلان شركة «فيس بوك»، في يونيو الماضي، عن مشروعها الخاص بإصدار عملة رقمية مشفرة، كشفت شركة «أبل»، أخيراً، عن اهتمامها الجدي بالعملات والأموال الرقمية، مشيرة إلى أنها تتمتع بإمكانات طويلة الأجل «مثيرة للاهتمام»، الأمر الذي اعتبره محللون إشارة واضحة إلى أن إصدار عملة رقمية مشفرة بات على جدول اهتمامات الشركة الأميركية، وخططها المستقبلية، ما يعني مزيداً من الثقة والفرص المتوقعة أمام العملات الرقمية، متوقعين أن تكون عملة «أبل» الرقمية قيد الاستخدام بحلول عام 2024.
جاء إعلان «أبل» في تصريحات أدلت بها نائب رئيس خدمة «أبل باي» للمدفوعات الإلكترونية عبر «المحمول»، جينيفر بيلي، لشبكة «سي إن إن» الإخبارية، خلال مؤتمر حول التغييرات والتحولات الجديدة في سوق الخدمات المالية، عقد في سان فرانسيسكو، أول من أمس.
رصد ومراقبة
وقالت بيلي إن «(أبل) ترصد وتراقب أداء العملات الرقمية، ونعتقد أن لديها إمكانات مثيرة للاهتمام على المدى الطويل، خصوصاً بعد النتائج الجيدة التي حققتها الخدمات المالية الإلكترونية الحالية من (أبل)»، مشيرة إلى أن خدمة «أبل باي» تعالج نحو مليار معاملة شهرياً، منذ إطلاقها عام 2014، فيما حققت «بطاقة أبل» الجديدة للمدفوعات الإلكترونية تقدماً ملحوظاً، بعد انتشار المدفوعات المعتمدة على البطاقات اللا تلامسية من نوعية بطاقة «أبل».
وأضافت أن الشركة تسعى إلى تحقيق قبول عالمي لخدمة «أبل باي» كخدمة دفع تعمل مع البطاقات اللا تلامسية، لافتة إلى أن الأمر في الولايات المتحدة أبطأ نسبياً عنه في أوروبا وبعض الدول الأخرى.
وأشارت بيلي إلى أنه على «أبل» أن تتعامل مع «سوء الفهم» لدى بعض المستهلكين بأن الدفع بالبطاقة العادية أكثر أماناً من الدفع الفعلي بالهاتف المحمول، قائلة إن الحقيقة عكس ذلك تماماً، ولايزال هناك الكثير من التعليم مطلوباً لمساعدة المستهلكين على فهم هذه النقطة.
تطور منطقي
إلى ذلك، أحدثت تصريحات بيلي ردود أفعال وتعليقات فورية من جانب العديد من المحللين والخبراء التقنيين، فمن جانبها قالت نائب رئيس مؤسسة «غارتنر» الدولية لبحوث ودراسات سوق تقنية المعلومات، أنيت زيمرمان، إن تقديم «أبل» عملة مشفرة هو تطور منطقي ومتوقع لما قدمته من قبل في مجال الخدمات المالية، ويتسق مع النهج الرئيس الذي تتبعه الشركة مع عملائها في جميع المجالات، والذي يقوم على الحفاظ على مستخدميها في نظام إيكولوجي أو منظومة عمل شاملة متميزة خاصة بـ«أبل» نفسها، مثلما فعلت تاريخياً في مجال الأجهزة ونظم التشغيل والتطبيقات، إذ إنها تريد أن تجمع بين طريقة الدفع ممثلة في «أبل باي» وأدوات الدفع ممثلة في «أبل كارد»، والعملة المستخدمة، ممثلة في العملة الرقمية الخاصة بها والتي تعمل عبر هواتف «آي فون»، ليشكل الثلاثة نظاماً متكاملاً موحداً مميزاً، تستطيع «أبل» أن تقدمه كأفضل نظام يحافظ على خصوصية البيانات.
التوقيعات الرقمية
ويعزز تلك الفرضية، بحسب زيمرمان، أن تصريحات بيلي تأتي بعد إعلان «أبل» عن دعم التوقيعات الرقمية ومفاتيح التشفير العامة والخاصة، والتي يمكن استخدامها لتمثيل العملات المشفرة، وهي خطوة قامت بها «أبل» أوائل العام الجاري، حينما قدمت حزمة أدوات «كريبتو كيت» الخاصة بنظام تشغيل «آي أو إس 13»، والتي تتيح للمطورين إنشاء تجزئات للتوقيعات الرقمية والمفاتيح العامة والخاصة التي يمكن تخزينها وإدارتها من قبل نظام التأمين المعروف باسم «إن كليف» من «أبل»، ويمكنها أن تمثل وتتعامل مع العملات المشفرة، كما يمكن استبدالها من قبل مالكي أجهزة «آي فون» كطريقة للدفع من خلال تطبيق ما.
وأوضحت زيمرمان أن «أبل» أقدمت بعد ذلك على طرح بطاقتها الائتمانية، وهي مدمجة في تطبيق «حافظة أبل المالية الرقمية» الذي يعمل مع «آي فون»، وفي الوقت نفسه توجد نسخة منها في شكل بطاقة تيتانيوم المحفورة بالليزر، وبيضاء الشكل وأنيقة، وبحجم بطاقات الائتمان العادية، ولا تحتوي على أي أرقام على ظهرها أو وجهها، حفاظاً على السرية.
استراتيجية
من جهته، ينظر المحلل الرئيس في مؤسسة «جي غولد أسوشيتس للبحوث»، جاك غولد، لخطوة «أبل» من زاوية أخرى، حيث إنه يرى أن «أبل» لن تطرح تقنية العملة المشفرة في الوقت الحالي، وسيكون ذلك في 2024 أو ما بعده، مستنداً في ذلك إلى نهج الشركة في التعامل مع التقنيات والتوجهات الرئيسة والكبرى في الأسواق، مشيراً إلى أن «أبل» تميل دائماً إلى دخول السوق بعد التأكد من أن التوجه الجديد يعمل بشكل صحيح، ثم تقدم ما لديها وفق مستويات جودة وكفاءة واستقرار عالية، وهي في ذلك تتبع استراتيجية القيادة والسيطرة على السوق بعد دخولها، لا ريادتها والدخول فيها أولاً.
وذكر غولد أنه إذا كانت «أبل» بدأت التفكير بجدية في السير بمسار العملة المشفرة، فهو أمر سبقتها إليه شركة «فيس بوك»، التي أعلنت في يونيو الماضي عن عملتها المشفرة الخاصة بها، والتي أثارت جدلاً وتكهنات واسعة، ورفضاً وتحفظاً من قبل العديد من المؤسسات المالية والتنظيمية.
دافع قوي
اعتبر محللون أن توجه شركة «أبل» لطرح عملة رقمية سيعطي دافعاً قوياً لبعض شركات التقنية الأخرى للإسراع بالدخول إلى عالم العملات الرقمية، أبرزها «سامسونغ» و«إتش تي سي»، اللتان أعلنتا أن لديهما خططاً لإنشاء محافظ رقمية وعملات مشفرة، خاصة بهما، أو توفير خاصية تخزين العملات المشفرة الحالية على هواتفهما الذكية.