يمكنها وضع مخططات الشركات للسعة ومدى الانتشار والتكاليف تلقائياً
تطوير شبكات معلومات فائقة الذكاء قابلة للتعلم
يعمل العديد من مراكز البحوث المتخصصة بشبكات المعلومات، حالياً، على تطوير نوعية جديدة من شبكات المعلومات «فائقة الذكاء» القابلة للتعلم والنمو والانكماش التلقائي، والقادرة على القيام بنفسها وتلقائياً، ببناء مخططات الشركات المتعلقة بالسعة، ومدى الانتشار، والتكاليف والموارد من الأجهزة ومعدات البناء بنفسها، فضلاً عن وضع سيناريوهات لذلك على مدار فترات تصل إلى عام كامل، وذلك استناداً إلى عبء العمل الفعلي الذي تتحمله، وحجم البيانات المولدة والمارة من خلالها، بجانب التطبيقات والنظم العاملة داخلها، بغية تحقيق أكبر قدر من الوفر في نفقات التشغيل، وأعلى مستويات الأداء والسرعة، وتجنب الاختناقات التي تؤثر سلباً في العمل داخل المؤسسات والشركات.
الفكرة الأساسية
ورصد تقرير تحليلي استند إلى رؤى مجموعة من كبار خبراء شبكات المعلومات، ونشره موقع «نت وورد وورلد»، المتخصص في تقنيات شبكات معلومات المؤسسات، الجهود الجارية لتطوير تلك النوعية الجديدة من الشبكات التي ستظهر تدريجياً خلال العقد المقبل.
وأوضح التقرير أن الفكرة الأساسية للشبكات الجديدة تقوم على بناء الشبكة من الأساس، اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما يتفرع عنها من تقنيات أخرى كتعلم الآلة والتعلم العميق وتحليلات البيانات الضخمة في الوقت الفعلي وغيرها، بحيث يتغير مفهوم إنشاء الشبكات، ليبدأ من نقطة بداية تكون فيها الشبكة نفسها هي المسيطرة على مسارها المستقبلي، بمعنى أن تولد الشبكة أو يتم إنشاؤها على نطاق صغير، لتتولى هي تحديد خريطة طريق نموها، لتتناسب مع حجم أعمال المؤسسة أو الشركة الفعلي، بناء على تحليلات قائمة في الوقت الحقيقي، ثم تحدد الاحتياجات المطلوبة من الموارد للوصول إلى الحجم الأمثل، من حيث السعة والانتشار والكفاءة والنفقات.
مهام معقدة
ووفقاً لرؤية مدير شركة «ديليويت للاستشارات»، آشيش فيرما، المتخصص في التحليلات المعرفية للشبكات المعلومات، فإنه في ظل الانتشار الواسع للتقنية في كل المجالات، باتت شبكات معلومات المؤسسات تعمل وفق مفهوم اتفاقات مستوى الخدمة، أو «إس إل إيه»، التي تقيس كفاءة الشبكة بناء على وفائها بالعديد من المعايير، مثل زمن الاستجابة، ومستوى الاستقرار، والإتاحة، والموثوقية، إضافة إلى تجنب الخسائر في نفقات التشغيل، وهي مهام معقدة، وعرضة للخطأ الذي تنجم عنه تداعيات مالية خطيرة. وقال فيرما إنه حتى الآن يتم تقييم أداء وحالة الشبكات وفقاً للتقارير الثابتة والتاريخية، التي تحلل بيانات أداء الشبكة وأحداثها بعد وقوعها، وهو وضع يتغير الآن بسرعة، ولم يعد يلائم الوتيرة المتسارعة لمقتضيات العمل في الوقت الفعلي، والاستجابة اللحظية، في زمن تطبيقات المحمول وشبكات التواصل وإنترنت الأشياء، وغيرها.
وأضاف أنه لحل هذه المعضلة كان لابد من دمج علم البيانات المتقدم والتكنولوجيا المعرفية، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لتكون هي اللبنات الأساسية، أو أحجار البناء الرئيسة عند إنشاء الشبكات، ثم تشغيلها بعد ذلك، لمساعدة المؤسسات على إطلاق البيانات لاتخاذ قرارات أكثر مرونة، وتحسين الحكمة التشغيلية، وتجنب التوقف عن العمل وتكوين تجربة مستخدم أفضل.
مرحلة مبكرة
وبحسب تقدير فيرما، فإن الشبكات فائقة الذكاء المرنة القابلة للنمو والانكماش، لاتزال في مرحلة مبكرة جداً، ومعظم الشركات المتخصصة في مجال شبكات المعلومات، وعلى رأسها شركة «سيسكو»، بدأت بالفعل في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها، أو تخطط للقيام بذلك في المستقبل، كما أن بائعي منتجات الذكاء الاصطناعي والتقنية المعرفية مثل «آي بي إم»، ونظامها الشهير «واطسون»، يتطلعون للدخول إلى هذا المجال، عبر تحالفات مع عمالقة بناء وتطوير الشبكات.
دقة أكبر
من جانبه، قال مدير شركة «سي آي أو» الاستشارية، التابعة لشركة «كي بي إم جي»، فريدريك ليندستروم، إن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مصادر متعددة، ستوفر دقة أكبر بكثير من أدوات مراقبة الشبكة التقليدية، التي تعتمد على استكشاف علاقات الارتباط في بيانات الشبكة، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي يتيح نمذجة سيناريوهات الأداء المختلفة، ويربط أداء الشبكة بأداء التطبيق لحظياً، لتحديد كيفية تأثر التطبيقات في سيناريوهات الأداء المختلفة.
بدوره، أكد خبير التحليلات والتعلم الآلي في «سيسكو»، دوفال بيجر، هذا المعني بقوله إن نماذج العمل المستندة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الشبكات هي الخيار الذي يوفر تمثيلاً أفضل للنية الحقيقية للشبكة وأهداف أعمالها.
تنبؤ بحركة المرور
بالمقابل، تناول أستاذ مساعد تقنيات الأعمال في جامعة «كارنيجي ميلون» الأميركية، يان هوانغ، الأمر من زاوية أخرى، مبيناً أنه يمكن تطبيق أساليب الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بفاعلية للقيام بعمليات التنبؤ بحركة المرور داخل الشبكة، واكتشاف أنماط حركة المرور، والتعلم عبر الإنترنت، علاوة على صنع القرار الآلي.
تحسن تدريجي
أكد كبير المهندسين في شركة «كرونوس»، التي تعد من أكبر مزودي خدمات البرمجيات وإدارة القوى العاملة، دوج تاماسانيس، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة داخل الشبكات ستتحسّن تدريجياً بشكل كبير، خلال السنوات القليلة المقبلة، حتى تقودنا إلى الشبكات المرنة القابلة للنمو والفائقة الذكاء، لذلك سيكون من المهم للعملاء التحلي بالصبر، والسماح لتقنية الذكاء الاصطناعي بأن تنضج.