أكدت أن 96% من المحتوى مواد ترفيهية لا تتضمن حملات تضليل منظمة
دراسات: تحوّل «التزييف العميق» للفيديو إلى مصدر تهديد مجرّد ضجيج
دعت ثلاث دراسات حديثة، إلى التعامل مع تقنية التزييف العميق لمحتوى الفيديو بواقعية، مشيرة إلى أن هذه التقنية تمضي على الطريق الذي سارت فيه فيروسات الحاسب والبرامج الضارة، أي وجدت لتبقى، ويستحيل إيقافها والسيطرة عليها.
وأكدت الدراسات أنه حتى الآن لم تتحول تلك التقنية إلى مصدر تهديد جدي، وأن ما يقال بشأن خطرها لايزال مجرد ضجيج، لأن 96% منها حتى الآن مجرد مواد ترفيهية، لا تتضمن حملات تضليل منظمة.
وصدرت الدراسات الثلاث عن كل من مركز «داويز للجريمة المستقبلية» في معهد «يو سي إل جيل داندو» للأمن وعلوم الجريمة، وشركة «سينستي» المتخصصة في الجريمة الالكترونية، وجامعة جورج تاون الأميركية. ونشر موقع «ديجيتال تريندس»، المتخصص بالتقنية، تقريراً استعرض فيه نتائج تلك الدراسات.
«فوبيا»
وأفادت الدراسات بأنه بسبب الممارسات السيئة والمزعجة للغاية، في استخدام تقنية التزييف العميق، التي طالت مشاهير في السياسة والفن ومجالات أخرى، نشأت حالة «فوبيا» أو خوف مرضي من تقنية التزييف العميق، حتى إن السناتور الأميركي، بن ساسي، وهو جمهوري من نبراسكا، قدم مشروع قانون بالكونغرس، لتجريم «التزييف العميق»، قائلاً إنه تقنية «تدمر الأرواح البشرية وتعكر صفو الأسواق المالية، وربما تحفز الصراعات العسكرية حول العالم»، فيما وصفها خبراء آخرون بأنها أخطر تهديد يمكن أن يحدث للبشرية بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ضجيج
وتأتي الدراسات الأخيرة، لتكشف أن الكثير مما يقال عن تلك التقنية مجرد ضجيج، يتعامل مع القضية بصورة غير واقعية، وغير عملية. وبحسب دراسة جامعة جورج تاون، فإنه على الرغم من كون «التزييف العميق» إنجاز تقني مثير للإعجاب والقلق، فلا يجب على صانعي السياسة التسرع في الضجيج حول خطورتها، فهي ليست من التقنيات واسعة الانتشار، عميقة التأثير، ومن ثم لا يمكنها حتى الآن التأثير على أحداث العالم الحقيقي، ولا تعتبر مصدراً للقلق على النحو الذي يتحدث به البعض. وهذا أيضاً ما توصلت إليه دراسة شركة «سينستي»، التي تم خلالها مراجعة الآلاف من مقاطع الفيديو المنتجة بأدوات وتقنيات التزييف العميق على مدار العامين الماضيين، حيث تبين من التحليلات أن 96% من مقاطع الفيديو المزيفة بعمق، عبارة عن مواد ترفيهية وفكاهية، تظهر بصورة عفوية من قبل مستخدمين أفراد، بغرض مشاركة الآخرين في أشياء تحقق المتعة والتسلية، و4% فقط منها هي التي ظهرت بها دلائل على أنها أنتجت وفق خطط مسبقة.
سبل المواجهة
ويرى الرئيس التنفيذي لـ«سينستي»، جورجيو باتريني، أن تقنيات وأدوات التزييف العميق، تمضي على الطريق نفسه الذي سارت فيه فيروسات الحاسب والبرمجيات الضارة على اختلاف أنواعها، والتي ثبت عملياً أنه من المستحيل وضع حد لها أو إيقافها، وهو أمر ينطبق تماماً على تقنية التزييف العميق، ويجعل أي جهد لفرض حظر على الخوارزميات والبرامج الخاصة بها لا معنى له في عصر الإنترنت، ولن يأتي بفائدة، والبديل لذلك هو الاستثمار في آليات مكافحة واقعية.
ويؤيد هذا الرأي مسؤولون في موقع «يوتيوب»، وأصحاب التطبيقات والبرامج العاملة بتقنيات التزييف العميق، ولهم قنوات فيديو تحقق مشاهدات واشتراكات بالملايين، فعلى سبيل المثال، يعتبر الخبراء المسؤولون عن برنامج «ستي آر شيفت تاب» المتقدم في تقنية التزييف العميق، أن الطريقة الوحيدة لمنع إساءة استخدام هذه التقنية، هي إنشاء مشروع برمجة مفتوح المصدر لتقنية التزييف العميق، يجذب انتباه الجمهور، ويتيح معرفة عميقة حول طرق التزييف العميق وأدوات كشفها، بغض النظر عن التطبيق المستخدم في تكوينها، وهذا أفضل من الخوف المرضي، أو الدعوة لحظرها كلياً.
أداة كشف
وفي السياق ذاته، قال الرئيس التنفيذي للشركة المنتجة لتطبيق «ري فيس»، أحد أشهر أدوات التزييف العميق، رومان موجييلني، إن شركته تعمل على تطوير أداة تكشف ما إذا كان مقطع الفيديو قد تم إنشاؤه باستخدام تقنية «ري فيس» أم لا، وإذا ما فعلت الشركات الأخرى الشيء نفسه، فيعني ذلك أن تقنية التزييف العميق ستحوز المزيد من التعاطف، وتتغير صورتها الذهنية للأفضل.
«التزييف العميق»
يطلق مصطلح «التزييف العميق» على تقنية حديثة تتيح التلاعب بمحتوى الفيديو، ليظهر بصورة مخالفة للأصل، لكن بصورة مذهلة الاتقان، تجعل الفيديو المزيف يبدو طبيعياً للغاية، وتقوم بذلك عن طريق أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تتيح قراءة أحجام ضخمة من البيانات، لفهم ملامح الوجه والخصائص الأخرى في الفيديو، لدمجها بشكل طبيعي وتحريكها في المشهد كما لو أنه تم تصويرها بالكاميرا بطريقة عادية. ولا يكشفها سوى مخالفتها للمنطق أحياناً، مثل صناعة فيديو يظهر فيه هتلر وموسوليني وهما يشكلان «دويتو» يغني أغنية شهيرة على المسرح أمام الجمهور.