تتضمن التحول للألعاب الشبكية السحابية والتخلص من هيمنة متاجر «غوغل» و«مايكروسوفت»
موجة تغييرات جذرية بصناعة الألعاب الإلكترونية.. والأجهزة التقليدية أبرز ضحاياها
دخلت صناعة الألعاب الإلكترونية مرحلة تطورات مهمة وجذرية تضعها في مرمى عاصفة تغيير كبيرة، وأولى ضحاياها منصات وأجهزة الألعاب التقليدية التي ظلت لعقود هي عماد صناعة الألعاب، وتوضع في المنازل وأماكن الترفيه، لتحل محلها الألعاب الشبكية السحابية، التي تجعل أي جهاز، من أي نوع متصل بالإنترنت قادر على تشغيل أعقد الألعاب وأصعبها، وينخرط صاحبه في مباريات وألعاب مع مئات وآلاف اللاعبين حول العالم مقابل مبالغ زهيدة للغاية، وذلك بواسطة أجهزة تحكم وعصا ألعاب، قد لا يزيد ثمنها على 30 دولاراً، فيما يحصل المطورون الذي يضعون ألعابهم على متاجر الألعاب الجديدة على 90% من عائدات الألعاب، بدلاً من 70% أو أقل حالياً، وتنخفض حصة المتاجر الكبرى الجديدة من 30 إلى 10% أو أقل.
صناعة الألعاب
وبحسب دراسة موسعة نشرها موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com، حول التقلبات المتوقعة في صناعة الألعاب خلال عامي 2019 و2020، والتي يتوقع أن تقف وراءها ثلاثة عناصر، الأول: النموذج الثوري في التصميم والتطوير الذي تعمل به الشركات الناشئة في مجال الألعاب، وعلى رأسها شركة «إيبك» للألعاب، التي طورت لعبة «فورتنايت» الجديدة التي حققت نجاحاً كبيراً خلال عام 2018.
والعنصر الثاني: التوجهات الجديدة التي أعلنت كل من «مايكروسوفت»، و«غوغل»، و«سوني» عن تبنيها للتحول نحو ما يعرف بالألعاب الشبكية السحابية، أو الألعاب التي تتم كلياً على السحابة العامة القوية لكل منها، ولا تحتاج لأن يكون لدى ممارس اللعبة قوة حوسبة عالية، وسعة ذاكرة الكترونية كبيرة، وبطاقات رسوميات ضخمة لكي يمارس لعبته، بل يحتاج فقط لجهاز يمكنه الاتصال بالإنترنت، ويعمل عليه احد برامج التصفح الشائعة، ليتدفق إليه لحظياً كل القوة والمواصفات التي تمكنه من ممارسة اللعبة عن بعد، عبر الشبكة والسحابة معاً.
أما العنصر الثالث فهو النموذج الاقتصادي الجديد الذي ينظم العلاقة بين متاجر الألعاب الكبرى على الإنترنت ومطوري الألعاب حول العالم، ويمنح المطورين والناشرين للألعاب حصة أكبر من الحصة التي يحصلون عليها حالياً، لتصبح 90% من العائدات، بينما تنخفض حصة المتاجر من 30% حالياً إلى 10%.
الشركات الناشئة
وفي ما يخص المفاهيم الثورية للشركات الناشئة، وخصوصاً تجربة شركة «ايبك» التي أنتجت لعبة «فورتنايت»، التي كان من أبرز نقاط تفوقها أنها حققت نجاحاً هائلاً في تطوير خدمة الدردشة الصوتية والنصية التي يحبها كثير من اللاعبين بشكل أفضل من أدوات متجر ألعاب «ستيم» المدمجة، الأمر الذي يمنح الشركات الناشئة نفوذها الخاص في سوق الألعاب.
واستطاعت «فورتنايت» أن تقدم لعبة مباشرة ومتعددة اللاعبين، ينخرط فيها 100 لاعب ضمن مواجهات مروعة من أجل البقاء، إلى أن يبقى لاعب واحد فقط على أرض المعركة، وتقديم اللعبة لتعمل على جميع الأجهزة وأنظمة التشغيل المتاحة، بما فيها أجهزة «أندرويد».
وعمد الفريق المطور إلى الحفاظ على كل المشاهد الأصلية وطريقة اللعب الأصلية كذلك، ما حافظ على جودة اللعبة وجماليتها، وجعل المستوى البصري للإصدار الخاص بأجهزة «أندرويد» المحمولة واللوحية والهواتف الذكية مطابقاً تماماً لإصداريها الخاصين بالحاسوب وبأجهزة الألعاب، بجانب أنها لعبة مجانية، إلا إذا رغبت في اقتناء بعض التحسينات الجمالية.
كما أن اللعب موحد بين إصداراتها الخاصة بالأجهزة المختلفة، أى أنك ستكون قادراً على المشاركة في معارك بأسلوب لاعب ضد لاعب، مع لاعبين آخرين الذين يلعبون على الحاسبات الشخصية و«بلاي ستيشن 4»، و«اكس بوكس وان»، و«آي أو إس» من «أبل»، وأجهزة «أندرويد»، وفي كل ذلك تتمتع الشركة بأفضل خدمة لبث الفيديو الحي، بصورة لا تشعر اللاعبين بأي إزعاج أثناء اللعب.
الألعاب السحابية
وجاءت أبرز الإشارات الدالة على العاصفة المتوقعة من شركات «غوغل»، و«مايكروسوفت»، و«سوني»، حيث أعلنت عن مشروعات تستهدف انجاز عملية تحول عميقة وشاملة في صناعة الألعاب، وهي مشروعات تقديم الألعاب الالكترونية المستندة الى الحوسبة السحابية، ويعني ذلك أن أي جهاز، بغض النظر عن قدراته ومواصفاته الفنية، يمكنه نظرياً تشغيل أي لعبة مهما كانت معقدة ومركبة، لأن المواصفات الفنية ستكون مسؤولية «سحابة غوغل» أو «سحابة مايكروسوفت»، أو «سحابة سوني». وفي هذا السياق، أعلنت «غوغل» عن مشروع «كريد أوديسي» الذي يحاول تشغيل كل الألعاب الالكترونية مهما كانت مواصفاتها عبر متصفح «كروم». أما «مايكروسوفت» فلديها مشروع خاص بـ«إكس بوكس» السحابي هو «إكس بوكس جيم باس»، فضلاً عن ان شركة «سوني» لديها مشروع «سوني بلاي ستيشن تي في».
وبحسب ما أورده محللون، فإن الألعاب الشبكية السحابية، أي التي تتم ممارستها جماعياً عبر الانترنت وتستند للحوسبة السحابية، تعني أن ألعاب الفيديو ذات الجودة العالية، في المستقبل يمكن تشغيلها من هاتفك أثناء التنقل، خصوصاً مع الانتشار المحتمل لشبكات الجيل الخامس للمحمول بسرعاتها الفائقة، ومن ثم سينتهي الأمر بأن يصبح الهاتف الذكي أو الحاسب اللوحي هو منصة الألعاب الأساسية لدى الأجيال الأصغر سناً، بعيداً عن «بلاي ستيشن»، و«اكس بوكس» وغيرهما. ويمكن نظرياً أن تكون هناك حزمة أرخص من هذه الأجهزة لا تتعدى بضعة دولارات، ربما في حدود 30 دولاراً لوحدة التحكم والألعاب كاملة، ولن تقف في طريق ذلك المشروعات القائمة المعلن عنها لتطوير أجيال جديدة من أجهزة «بلاي ستيشن»، و«اكس بوكس».
نماذج جديدة
ومن خلال الاندماج المتوقع بين المفاهيم الثورية في التصميم والإنتاج، والتحول نحو الألعاب الشبكية السحابية، ستتولد نماذج عمل جديدة في صناعة الألعاب، تقوم على خفض كلفة ممارسة الألعاب التي يدفعها الجمهور الكبير من اللاعبين، ورفع حصص المطورين من عائدات هذه الألعاب، مع تجاوز كل أشكال الهيمنة والحواجز التي تفرضها متاجر الألعاب الحالية، وفي مقدمتها متجر «ستيم» المصنف على أنه متجر الألعاب الشخصية الاضخم عالمياً. والمؤشر الأبرز في هذا الصدد، هو نموذج العمل الذي قدمته شركة «إيبك» مع لعبة «فورتنايت»، فقد أدى النجاح الذي صادف اللعبة إلى قيام الشركة باتخاذ قرار بتخطي متاجر الألعاب القائمة، والتعامل مباشرة مع اللاعبين والمطورين من خلال متجرها الخاص، وبالفعل استطاعت تجاهل «ستيم»، و«غوغل بلاي»، و«أب ستور»، ومع ذلك حققت عائدات اقتربت من ملياري دولار خلال عام 2018، معتمدة في ذلك على رسوم اشتراك مخفضة للاعبين، وحصة مرتفعة من العائدات للمطورين بلغت 90%، مقابل 10% للمتجر، ضاربة بذلك أساس نموذج العمل الذي وضعته «أبل» منذ بداية تشغيل متجر تطبيقاتها وألعابها في عام 2009.
- نموذج جديد في التعاقدات يخفض حصة متاجر الألعاب إلى 10% من الإيرادات.