«مود سكوب» يمكن أن يستخدم في توجيه الإعلانات التجارية إلى المستخدمين بحسب حالتهم المزاجية. تصوير: أحمد عرديتي

«مود سكوب».. أداة لتحــديد الحالة المزاجية لمستخدمي الهواتف الذكــية

ترافق الهواتف الذكية المستخدمين أثناء ساعات طويلة من اليوم، وفي أماكن وظروف متنوعة، وبالاستعانة بما يتوافر فيها من إمكانات للاستشعار والقياس، ترصد جوانب البيئة المحيطة بالمستخدمين، وهو ما يستغل لتطوير كثير من التطبيقات متابعة الحالة الجوية ودرجة الحرارة والضوء، ومنها ما يتابع المستخدم نفسه كقياس التنفس والنبض والنشاط البدني. ويعمل فريق من الباحثين في شركة «مايكروسوفت» على تطوير أداة استشعار جديدة تعتمد على الهاتف باسم «مود سكوب» لقياس الحالة المزاجية للمستخدمين، وهو ما سيفتح المجال لتحسين أداء بعض التطبيقات القائمة، وتطوير أخرى جديدة.

وطَوَّر باحثون نموذجاً أولياً لنظام برمجي للهواتف الذكية للتعرف إلى الحالة المزاجية للمستخدمين استناداً إلى أسلوب تعاملهم مع الهاتف.

ويعتمد النظام على متابعة ستة جوانب أساسية هي: الرسائل النصية القصيرة، البريد الإلكتروني، سجل المكالمات، تاريخ تصفح الإنترنت، الموقع الجغرافي، واستخدام تطبيقات تندرج ضمن فئات محددة، كالتسلية والأمور المالية ونحو ذلك.

وقدم الباحثون واجهة برمجية يُمكن من خلالها تطوير تطبيقات مختلفة تلائم الشبكات الاجتماعية، وعرض سجل تاريخ الحالة المزاجية للمستخدم بحسب الأماكن التي ذهب إليها أو أوقات اليوم، بما يتيح له اكتشاف الأسباب التي تُؤثر إيجاباً أو سلباً في حالته.

ويعتقد الباحثون بالأثر الكبير لمثل هذا النظام على بعض الخدمات الحالية مثل «سبوتيفاي» التي تتيح الاستماع للموسيقى، و«نيتفليكس» لمشاهدة الأفلام؛ إذ سيُحسِّن نظام التعرف إلى الحالة المزاجية من تقديم الترشيحات، ويُمكِّنهم من اقتراح قوائم للاستماع أو المشاهدة تلائم حالة المستخدم.

ويرى الباحثون إمكانية بناء تطبيقات لمشاركة الحالة المزاجية بشكل آلي عبر الشبكات الاجتماعية بالاعتماد على «مود سكوب»، ما يُساعِد على تجاوز العوائق التي تحول بين الأفراد والإفصاح عن مشاعرهم؛ إذ لا يخبر كثير من الناس بحالتهم المزاجية مباشرة، لكنهم لا يعمدون كذلك إلى إخفائها.

وبحسب الباحثين، فسيكون لنظام مثل «مود سكوب» أثره في تطوير الطريقة التي يتواصل بها المستخدمون بشكل أقرب لما يحدث في الحياة العادية، فسيُراعي الشخص عند تعامله مع الآخرين حالتهم الراهنة، كأن يستخدم كلمات هادئة عند كتابة رسالة إلى مديره الذي يعاني القلق، أو يحاول الوالدان تحسين الحالة النفسية لابنهم حال شعوره بالحزن.

واعتمد تطوير نظام «مود سكوب» على دراسة إحصائية استمرت شهرين، وشملت ‬32 مشاركاً من الصين والولايات المتحدة.

واستخدم الباحثون خلالها هواتف تعمل بنظامي «آي أو إس» و«أندرويد»، بعكس المتوقع من استخدام هواتف «ويندوز فون» التي تطورها «مايكروسوفت».

وأشارت الدراسة إلى كفاءة استهلاك النظام للطاقة؛ إذ تبلغ ‬3.4 مللي واط طوال اليوم، وهو القدر الذي تستهلكه البطارية عند إبقاء الهاتف في وضع الاستعداد مدة ‬20 دقيقة.

وخلال الدراسة طُلب من المشاركين تقديم بيان بحالتهم المزاجية أربع مرات كل يوم، ومن خلال تحليل هذه المعلومات إلى جانب البيانات التي يسجلها الهاتف، تمكن «مود سكوب» من التوصل إلى الحالة المزاجية بدقة بلغت ‬66٪، ومع تصحيح المستخدم للنتائج تحسنت قدرة «مود سكوب» على تحديد الحالة المزاجية بعد شهرين بدقة وصلت إلى نسبة ‬93٪، كما أسهم المزج بين معلومات المستخدم نفسه والاستفادة من نتائج الآخرين في تحسين قدرة النظام بنسبة ‬72٪ خلال ‬10 أيام فقط.

ولم تُشر الدراسة إلى أي استنتاجات حول الروابط المحتملة بين كثافة استخدام الهواتف الذكية والشعور بالسعادة، لكنها تضمنت إشارات إلى العلاقة بين استعمال فئات معينة من التطبيقات والمكالمات والمزاج الجيد.

وإلى جانب الاستخدامات الممكنة لنظام «مود سكوب» لتطوير تطبيقات الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية، لا يمكن إغفال أهميته للجوانب التجارية المتعلقة بالإعلانات من خلال توجيه إعلانات بحسب الحالة المزاجية للمستخدمين.

وسبق لـ«مايكروسوفت» العام الماضي تسجيل براءة اختراع لنظام للحاسب يتيح للمعلنين التوجه للمستهلكين بناء على عواطفهم، وذلك من خلال طرق متنوعة لمتابعة نشاط المستخدم على الإنترنت على امتداد فترة زمنية، بدراسة أسلوب استخدامه والمحتوى الذي يفضله والعبارات التي يبحث عنها، وكذلك من خلال تتبع تعبيرات الوجه ونبرات الصوت التي يمكن رصدها من أثناء المحادثات، ومن ثم يُسجِّل النظام حالة المستخدم كشعوره بالحزن أو السعادة أو الغضب، ومن ثم يُوجِّه لكل مستخدم إعلانات ملائمة لحالته، من دون الاعتماد على الكلمات المفتاحية أو المواقع التي يزورها فقط.

ومازال نظام «مود سكوب» بحاجة إلى مزيد من البحث والتطوير؛ بحيث تقل المرات التي يكون على المستخدم تحديد الحالة المزاجية بنفسه، وتزيد من ضوابط مراعاة الخصوصية.

وأشارت الدراسة إلى الإطار الذي حد من نتائجها، مثل محدودية عدد وفئات المشاركين، وعجز النظام عن تحليل كل العوامل المؤثرة في الحالة المزاجية؛ إذ ركزت الدراسة على بحث العلاقة بين نماذج معينة من استخدام الهاتف الذكي والحالة المزاجية، من دون أن تتطرق إلى العوامل الخارجية وتأثر سلوك المستخدم بسبب السفر أو الانشغال في العمل.

يشار إلى وجود بعض تطبيقات الهواتف الذكية، التي تعمل على قياس الحالة المزاجية للمستخدمين، ومن بينها «إيموشن سينس»، الذي طوره باحثون في «كامبريدج» البريطانية، ويعتمد على تحليل بيانات الهاتف كالموقع والضوضاء ونطاق تحركات المستخدم، مع الوصف الذي يدخله المستخدم لحالته بهدف استخلاص الأسباب المؤدية لتقلب حالتهم المزاجية وتقديم المساعدة النفسية.

 

الأكثر مشاركة