مصدر منخفض الكلفة لإنتاج سيليكون يلائم صناعة بطاريات الــــلـيثيوم
دراسة: قشور الأرز لإنتـاج بطاريات الهواتف الذكية
تشكل بطاريات الليثيوم عنصراً مهماً وفاعلاً في العديد من الأجهزة الأساسية المستخدمة اليوم، مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر بأنواعها، والسيارات الهجينة، بسبب كفاءتها وقابليتها لإعادة الشحن.
ولا تتوقف المحاولات عن البحث عن طرق لتحسينها، وإطالة عمرها، مثل السعي لاستخدام مواد جديدة في التصنيع، ولذلك، درس باحثون في «المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتقنية» إمكانية استخدام قشور الأرز في إنتاج السيليكون بكلفة منخفضة، إذ تستخدم بديلاً لـ«الغرافيت» في بطاريات الليثيوم.
والقشور هي الغلاف الصلب الذي يُحيط بحبة الأرز، لحمايتها خلال النمو من الحشرات ومسببات الأمراض، ويجري فصلها عند حصاد الأرز وإعداده قبل طرحه للاستهلاك.
ويشكل حجم القشور نحو خمس حجم محصول الأرز الذي تجاوز الإنتاج العالمي منه العام الماضي 700 مليون طن.
وتتميز قشرة الأرز بغناها بمادة الـ«سيلكا» أو «ثاني أكسيد السيليكون» التي تمثل نسبة 20٪ من وزنها، وهي إحدى الصور الشائعة التي يوجد بها السيليكون في الطبيعة، إذ نادراً ما يُعثر عليه في صورته النقية.
ويُعد السيليكون من بين أكثر العناصر شيوعاً في القشرة الأرضية، ويمكن استخراجه من الرمال والغبار، ويستخدم على نطاق واسع في إنتاج أشباه الموصلات التي تدخل في كثير من الصناعات الإلكترونية.
أما عن السبب الذي يدفع العلماء للاعتقاد بجودة قشور الأرز مصدراً للسيليكون، فيكمن في أن الـ«سيلكا» الموجودة في القشرة توجد بطبيعتها على هيئة متناهية الصغر (بمقاييس النانومتر الذي هو واحد على مليار من المتر)، ما يوفر كثيراً في كلفة إنتاج سيليكون يتمتع بالقدر نفسه من المتانة والمرونة.
ويلائم هذا الشكل استخدام السيليكون، مكوناً للأقطاب السالبة في البطاريات بدلاً من الـ«غرافيت»، وهو ما سيُضاعف من عمر البطارية بنسبة تراوح بين 30 و50٪.
وخلال المحاولات السابقة للاستعانة بالسيليكون في تكوين البطارية، تعرض للتفكك مع تكرار مرات شحنها؛ ففي كل مرة يتمدد بنسبة 300٪، ثم ينكمش مع فراغ الشحن، وهو الأمر الذي أعاق استخدامه. بينما تتيح إمكانية استخلاصه بهذه الصورة بسهولة من الطبيعة، الاعتماد عليه مستقبلاً في إنتاج بطاريات الليثيوم.
وبدأت الدراسة بعدما لاحظ المؤلف الرئيس للدراسة، جانج ووك شوي، صورة مكبرة لبنية الـ«سيلكا» في قشور الأرز، واعتقد حينها أنها ستكون مثالية لصناعة أقطاب البطاريات.
وبعد محاولات عدة، توصل فريق البحث الى طريقة لاستخلاص السيليكون من الـ«سيلكا» أو «ثاني أكسيد السيليكون»، والذي يتألف من اتحاد ذرتين من الأوكسجين وذرة سيليكون.
وتعتمد الطريقة على استخدام محلول حمضي، ثم معالجة القشور بالحرارة لاستبعاد ذرات الأوكسجين دون إفساد البنية المميزة للسيليكون.
وعمد الباحثون بعدها إلى استخدام السيليكون النقي لإنتاج نموذج أولي لبطارية ليثيوم. وبحسب النتائج، التي نُشرت يوليو الجاري في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» الأميركية، احتفظ السيليكون بكامل قدرته مع 200 مرة من الشحن والتفريغ، ما يحتاج إلى مزيد من العمل ليصل إلى المعايير المطلوبة لإنتاج بطاريات الليثيوم تجارياً.
ويُشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن قشور الأرز مصدراً للسيلكون، إذ نشر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية، مايو الماضي، دراسة مماثلة توصلت إلى أن قشور نبات الأرز تمثل مصدراً جيداً للحصول على سيليكون يتمتع ببنية ملائمة وبكلفة منخفضة، في حال تم استخلاصه من الـ«سيلكا».
ولاتزال توجد بعض العقبات التي تحول دون طرح بطاريات ليثيوم معتمدة على السيليكون المستخلص من قشور الأرز في الأسواق قريباً، لكن هذا لن يمنع الباحثين من مواصلة العمل في مجال إيجاد مصدر رخيص لإنتاج السيليكون واستخدامه في البطاريات.
ويمثل الأرز مصدراً رئيساً لغذاء ما يزيد على نصف سكان الكرة الأرضية، وتتعدد استخدامات قشور الأرز التي يصل حجمها سنوياً الى أكثر من 100 مليون طن.
وتُستغل في صناعات عدة، من بينها إنتاج القرميد، والأسمدة، والمواد العازلة، والسيراميك، والألعاب النارية، والصلب، وعلف الحيوانات، فضلاً عن كونها مصدراً للوقود لأفران الطهي.
ويعتقدجانج ووك شوي أن استخدام قشور الأرز لإنتاج السيليكون لن يؤثر في الاستخدامات الأخرى، لأن الكمية اللازمة لإمداد البطاريات بالسيليكون تقل كثيراً عن كمية القشور المتاحة عالمياً.