قلق من احتمال تعرّض النظام للاختراق.. وفشله بسبب تجعّد الجلد وبرودة الطقس
قارئ البصمة في «آي فون».. هل ينهي عصر الـ «باسوورد»
كشفت شركة «أبل» الأميركية، الثلاثاء الماضي، عن هاتف «آي فون 5 إس» الجديد. ومع ما يوفره الهاتف الجديد من تحسينات في أداء المعالج، والكاميرا، والبطارية، فقد كان من بين الاختلافات الرئيسة عن طرز «آي فون» السابقة، تضمنّه قارئاً لبصمات الأصابع لفتح قفل الهاتف.
وحتى الآن، فإنه لا يمكن تحديد الأثر الذي ستحدثه هذه الخطوة، وما إذا كانت ستبقى ميزة تسويقية للهاتف الجديد، أم سيطول تأثيرها أساليب التحقق من الهوية عموماً، ما يُمثل دفعة تجاه الاعتماد على القياسات الحيوية، أي الخصائص المميزة لجسم كل إنسان، في الهواتف الذكية وغيرها، على الرغم مما تتضمنه من مخاطر أمنية، مثل أي نظام آخر، فضلاً عن مخاوف أخرى تتعلق بالحفاظ على الخصوصية.
قدمت «أبل» قارئ البصمة الجديد بوصفه «طريقة بسيطة وآمنة لفتح هاتفك بمجرد لمسة من إصبعك»، بحسب نائب رئيس الشركة للتسويق العالمي، فيليب شيلر، كما اعتبرته وسيلة إضافية لتأمين الهاتف، مقارنة مع الرقم التعريفي الذي يعتمده أقل من نصف عدد مستخدمي «آي فون».
ويتضمن «آي فون 5 إس» مستشعراً للبصمة يحمل اسم «تاتش آي دي»، ودُمج في زر «هوم» أو «الرئيسة»، ليستخدم لفتح قفل الجهاز، كما صنع المستشعر من الياقوت المقاوم للخدش، بسمك 170 ميكرون، وهو ما يزيد قليلاً على سمك شعرة الإنسان، كما يوفر المستشعر صوراً دقيقة للبصمة بدقة 500 نقطة لكل بوصة.
وإضافة إلى فتح الهاتف، أوضحت «أبل» إمكانية استخدامه للشراء من متجر «آي تونز»، مع التأكيد على تشفير البصمات، وعدم تخزينها على خوادمها أو خدمة المزامنة السحابية «آي كلاود»، وحفظها فقط على المعالج الخاص بكل جهاز، فضلاً عن عدم منحها لأي طرف ثالث.
لكن الاحتفاء بقارئ البصمة في «آي فون 5 إس» لا يعني أن هذا الاستخدام جديد من نوعه؛ فقد سبق أن تضمّن هاتف «موتورولا أتريكس 4 جي» قارئاً للبصمات، إلا أن الشركة سرعان ما توقفت عن إنتاجه بسبب شكاوى مستخدمين.
وعموماً، تلقى القياسات الحيوية أو البيومترية اهتماماً متزايداً منذ فترة، ويُنظر إليها بوصفها مستقبل أساليب التحقق من الهوية، بدلاً من كلمات المرور؛ بسبب سهولتها وأمانها النسبي، واتساع آفاق تطويرها، مثل العمل على بصمات الأصابع، وقزحية العين، والتعرف إلى الصوت، وتعبيرات الوجه.
ويرى الأستاذ في جامعة «ساوثهامبتون» البريطانية، مارك نيكسون، أن «البشر بطبيعتهم يتألفون من مجموعة من كلمات مرور تمشي على الأرض»، إلا أنه على الرغم من توفير القياسات الحيوية لوسائل مناسبة لتأمين الأجهزة، فإن نيكسون يعتقد أنها لا تمثل «دواءً شافياً لجميع الأمراض»، في إشارة إلى مخاطرها الكامنة.
وواحدة من هذه المخاطر، والتي كثيراً ما أقلقت الشركات، فشل التقنية في التعرف إلى بصمة مالك الجهاز لأسباب مثل تجعّد الجلد، أو برودة الطقس، ما يمكن أن يؤدي في حال تكراره إلى ضيق المستخدمين بها وتوقفهم عن استخدامها، إضافة إلى احتمال اختراقها، وهو ما نجح فيه البعض بأساليب مختلفة، منها نسخ البصمة على الحلوى الهلامية المصنوعة من الجيلاتين، وهو ما يبدو خطيراً مع تركنا لآثار بصماتنا على كل ما نلمسه، ما يجعل البصمات أهدافاً سهلة للراغبين في الحصول عليها.
وربما حاولت «أبل» تجنب صعوبة التعرف إلى البصمة، مشيرة إلى قدرة «تاتش آي دي» على التقاط صورة البصمة في أي اتجاه، والتعرف إلى الطبقات الداخلية للجلد بما يتجاوز سطح البشرة، إضافة إلى دعمه لتعدد المستخدمين.
ولا يقتصر قلق المستخدمين على احتمال تعرض آليات قراءة البصمات للعطل أو للاختراق، فعلى الرغم من طمأنة الشركات بخصوص تشفير البيانات، فإن البعض يتخوف من تخزين معلومات مهمة، مثل البصمة بشكل رقمي.
لكن الحديث عن المخاطر الأمنية المحتملة، لن يحول بين تفضيل كثير من المستخدمين للقياسات الحيوية بسبب سهولتها.
وقال الأستاذ في قسم علوم الكمبيوتر في جامعة «أوكسفورد» البريطانية، أندرو مارتن: «لا أحد يجادل بالقول إن القياسات الحيوية آمنة تماماً، لكنها مريحة، وتجنبك مشكلات، مثل كثرة الالتفات حولك، بينما تكتب كلمة المرور الخاصة بك».
وعلى مستوى الشركات العاملة في التقنية، يتجه عدد غير قليل منها للاستعانة بالقياسات البيومترية، ومن أمثلة ذلك تحالف «فيدو» الذي تأسس العام الماضي، ويختصر اسمه عبارة «الهوية السريعة على الإنترنت»، ومن بين أعضائه شركات تقنية، مثل «بلاك بيري»، و«غوغل»، و«لينوفو»، و«باي بال».
ويحدد التحالف ضمن أهدافه، تقليل الاعتماد على كلمات المرور للتحقق من هوية المستخدمين، والبحث عن نظام سهل للقياسات الحيوية لتسجيل الدخول للخدمات، والشراء عبر الإنترنت، وأموراً مثل حذف جميع رسائل البريد الإلكتروني.
وفي سياقٍ متصل، فإنه يُمكن النظر إلى إمكانات تطور صور أخرى للقياسات الحيوية. وكانت «غوغل» حصلت على براءة اختراع في يونيو 2013 للتعرف إلى تعبيرات الوجه، مثل الابتسام، والعبوس، وحركة الحاجب لاستخدامها في تأمين الهواتف، لتطوير تقنية التعرف إلى الوجوه المستخدمة حالياً في بعض الهواتف العاملة بنظام «أندرويد».
كما كشفت شركة «بيونيم» الكندية، أخيراً، عن سوار يعتمد على ضربات القلب، التي تختلف من شخص إلى آخر، بديلاً عن كلمات المرور، ويرى البعض إمكانية الاعتماد على نظام «القياسات الحيوية متعددة الوسائط» التي تتضمن تقنيات مختلفة، مثل التعرف إلى الصوت، وبصمات الأصابع، وقزحية العين، لتوفير مزيد من الحماية.
لكن ربما تخطو أساليب التحقق من الهوية إلى مرحلة أبعد، فبينما تعتمد حالياً على أحد ثلاثة معرفات هي: ما نعرفه دون غيرنا مثل اسم أحد أفراد العائلة، ورمز خاص مثل كلمات المرور، وخاصية مميزة مثل بصمات الأصابع، فإنه يمكن إضافة المكان الذي نعتاد الوجود فيه، بالاستعانة بالهواتف المزودة بنظام تحديد المواقع الجغرافية «جي بي إس»، إذ يمكن للهاتف أن يمنع تسجيل الدخول إلى خدمة أو موقع، إذا ما تم بشكل مفاجئ من مكان بعيد جداً عن المكان المعتاد للمستخدم، وهو ما يمكن أن يفيد في حالات السرقة.