تحليل: الهواتف الذكية في طريقها للتفتت والاندثار بحلول 2027
توقع تحليل نشره موقع «بيزنس إنسايدر»، واستند إلي آراء وتقييمات خبيرين في مجال التقنية، أن عصر الهواتف الذكية في طريقه للتفتت والاندثار خلال عقد من الآن، أي بحلول عام 2027، ليدخل العالم عصر «ما بعد الهواتف الذكية» الذي بدأت مؤشراته بالفعل، وأشار التحليل إلى أن الهواتف الذكية ستواجه مصيراً لا يقل درامية عما لاقته ماكينات «الفاكس» في الماضي.
عالم التقنية
الأسواق الناشئة أكدت مديرة أجهزة «ايكو» و«أليكسا» بشركة «أمازون»، ميريام دانييل، أن جهاز «ايكو شو» وغيره من الأجهزة المشابهة، بدأت تثبت شعبيتها في الأسواق الناشئة مثل الهند، حيث لم تستغل الحاسبات الشخصية على نطاق واسع مطلقاً. وقالت دانييل «إننا قمنا حتى الآن بخدش السطح في رحلة الوصول إلى مرحلة ما بعد الهواتف الذكية». الميكروفونات والكاميرات تمتلك الكثير من الجاذبية كواجهات تفاعل مع الحاسبات |
وتفصيلاً، حققت الهواتف الذكية ذروة النجومية خلال السنوات الأخيرة، التي وضعتها على عرش الاهتمام والجاذبية في عالم التقنية، إلا أن هناك من يؤكد أن عصر «ما بعد الهواتف الذكية» قد بدأ، وأن هذه الأجهزة التي تملأ السمع والبصر اليوم، في طريقها للتفتت والاندثار، لتواجه مصيراً لا يقل درامية عما لاقته ماكينات «الفاكس» في الماضي.
فالمستقبل الذي «يُصنع الآن» يُعد بنوعية جديدة من الأجهزة والحاسبات بلا «ماوس» أو لوحة مفاتيح، وتعتمد على أنها تسمع وترى وتتحدث بطريقة تفي بالاحتياجات الأساسية للتفاعل مع الإنسان بصورة طبيعية، أو أقرب إلي الطبيعية.
وهذا الأمر ليس قريباً، لكنه أقرب مما يعتقد الكثيرون، والوقت المقدر لحدوثه عقد من الزمان أو أقل، أي بحلول 2027 على الأكثر.
وحينها تكون الهواتف الذكية قد تحللت وتفتتت وحلت محلها أجهزة قوامها الميكروفون والكاميرا والحوسبة القوية، أو ساعة وسماعة ونظارة، أشد ذكاء بمراحل من الهواتف الذكية الحالية.
وجاء هذا السيناريو المثير في تحليل نشره موقع «بيزنس انسايدر»، واستند إلي آراء وتقييمات لاثنين من كبار المبدعين في التقنية المستقبلية، الأول هو مديرة أجهزة «ايكو» و«أليكسا» بشركة «أمازون»، ميريام دانييل، وهذه الإدارة المسؤولة عن أجهزة «أمازون» الذكية المعتمدة على التفاعل الصوتي والرؤية البصرية، والثاني هو مصمم النظم التفاعلية، جون كوفلر، الحائز جائزة تصميم واجهات التفاعل مع الحاسبات، وأحد أهم الخبراء الذين صمموا أنظمة الحواسب الشهيرة التي استخدمت في أفلام «تقرير الأقلية» و«الرجل الحديدي» وغيرهما.
واستهل الخبيران رؤيتهما بالقول إن اختفاء الهواتف الذكية أمر حتمي، وسيحدث يوماً ما، ليس قريباً، لكنه أقرب مما تتصور، وقادة شركات التقنية في «أمازون» و«غوغل» و«أبل» و«فيس بوك» و«مايكروسوفت» و«تسلا»، والمئات من الشركات الناشئة الصغيرة يعلمون ذلك، ويعملون على الاستعداد له من الآن، بل والبعض له خطط معلنة في هذا الشأن مثل شركة «تسلا» ورئيسها إيلون ماسك.ووفقاً للخبيرين، فإن السبب الرئيس في ذلك أننا بصدد بروز نوع جديد من الأجهزة، يقوم على قوة الحوسبة، ولا يتخذ بالضرورة شكل الحاسبات بالمعنى السائد اليوم، وهو نوع لا يكفي «الماوس» ولوحة المفاتيح وشاشة اللمس لاستخدامه، بل يتطلب طريقة جديدة للقيام بما يطلب منه، وهي طريقة تتعلق بالقدرة على السمع والرؤية وربما التحسس واللمس.
فالحاسبات الشخصية ألغت الكروت المثقوبة، وأعطتنا «الماوس» ولوحة المفاتيح، والهواتف الذكية تخلصت من «الماوس» ولوحة المفاتيح بفضل الشاشات متعددة اللمس، والآن علينا أن نكون مستعدين لغياب شاشات اللمس أيضاً، مع دخولنا مرحلة ما بعد الهواتف الذكية، التي يرجح أن تهيمن عليها الأشياء ذات الاستخدام اليومي الواسع، مثل الميكروفونات والنظارات وحتي أدوات تحميص الخبز، التي أصبحت «ذكية» ومزودة بشرائح حوسبة قوية، واتصالات لاسلكية وإشارات راديو ومستشعرات.
وأكد الخبيران أننا نتجه لأن يكون «الماوس» ولوحة المفاتيح ملحقين ومتصلين بجهاز تحميص الخبز، ومن يقوم بصيانة المصعد، مثلاً لن يعتمد علي شاشة تعمل باللمس، لأن المساعد الأساسي في ذلك أن الكاميرا والميكروفونات يرجح أن يكونا هما «الماوس» ولوحة المفاتيح الجديدة، والوسيلة التي نتفاعل بها مع أجهزة الحوسبة الذكية الجديدة.
التحدث والكلام
وتمتلك الميكروفونات والكاميرات الكثير من الجاذبية كواجهات تفاعل مع الحاسبات، لأنهما تتداخلان وتستفيدان من وسائط الاتصالات الطبيعية بالمخ البشري. فحينما تكون في مقابلة وجهاً لوجه مع الناس، فأنت لا تسمع فقط ما يقولون، بل تستنتج المعاني من تعبيرات الوجه، وحركات الأيدي، وكامل لغة الجسد. والكاميرات والميكروفونات الذكية الرخيصة، ستسمح لنا بالحصول على مزيد من التفاعلات الطبيعية مع المزيد من الأجهزة، فمثلا ترجمة «غوغل» نموذج لما يمكن أن تجعله الكاميرات والميكروفونات ممكناً، إذ يمكنك أن تتحدث بجملة إلى الميكروفون في هاتفك الذكي، ويكون لديك تطبيق «ترجمة غوغل» الذي يقوم لحظياً بترجمة ذلك إلى لغة أخرى، أو تقوم بالإمساك بكاميرا الهاتف وتوجهها نحو لوحة إرشادية أو علامة ببلد أجنبي، والتطبيق سيظهر بسرعة ماذا تعني اللافتة.
«إيكو شو»
وهذا الأمر ليس نظرياً أو مجرد تخمينات وتوقعات، لأن هناك الكثير من الأجهزة التي ظهرت فعلياً على أرض الواقع، وتمثل البداية الأولى لمرحلة ما بعد الهواتف الذكية، ومن أبرزها جهاز عرض «إيكو شو» الذي تنتجه «أمازون»، فهو، مثل غيره من أجهزة وأدوات «ايكو»، عبارة عن ميكروفون ذكي مزود بتطبيق «أليكسا»، المساعد الصوتي لـ«أمازون»، وما يبدو مختلفاً بوضوح في هذا الجهاز أنه يحتوي علي شاشة. وما يجعله مثيراً للاهتمام هو كيف تتفاعل معه، فواجهات التفاعل الأولية به هي الميكروفون والكاميرات، فإذا كنت تريد معرفة آخر الأخبار ومشاهدة خدمة «أمازون» للفيديوهات، أو العثور على النتائج الخاصة بفريقك الرياضي المفضل، فالأمر يتطلب فقط الحديث إليه. ويمكنك أيضاً باستخدام الميكروفون والكاميرا معاً، أن تطلب من «أليكسا» أخذ صورة «سيلفي» لك على سبيل المثال، أو بدء مكالمة فيديو مع والدتك.
ومثل هذه الخصائص شائعة على نحو خاص مع كبار السن، خصوصاً الذين يعانون أو يجدون صعوبة في استخدام الهواتف الذكية أو الحاسبات الشخصية، فبالنسبة لهم يكون طلب شيء من «أليكسا» ليقوم به، أكثر سهولة من معرفة كيفية تشغيل تطبيق ما. لكنّ «ايكو شو» ونظراءه ليسوا سوى بداية أو أشياء لتذوق ما يمكن أن يأتي بعد ذلك، فالمزيد من الرؤية المتطورة سيأتي مع «نظارة مايكروسوفت هولولينس»، فنظارات أو سماعات رأس «الواقع المعزز» تستخدم كاميرا مثبتة في جانبها لقراءة العالم من حولك والمساعدة في تكوين الصور الرقمية التي تعرضها، ولأنها مزودة بميكروفون ستقوم أيضاً بالاستجابة للأوامر الصوتية، ويمكنك أن تطلب منها فحص وعرض بريدك الإلكتروني على سبيل المثال.
شاشات اللمس
ورغم أن الكاميرات والميكروفونات تأتي في المقدمة، فإن شاشات اللمس يرجح ألا تختفي، وسنظل نحتاج إليها في بعض المواقف، على غرار أننا مازلنا نستخدم لوحات المفاتيح اليوم. فالصوت لا يمكن أن يكون وسيلة تواصل واتصال لكل شيء، والكاميرات تحتاج إلي بعض الشاشات لعرض الصور والفيديو الذي تقوم بالتقاطه، والكاميرا والميكروفون توفران أدوات الحوسبة الجديدة.