تباين آراء حول خروج هواتف «بيكسل» من مظلة «أندرويد»
في أي طريق يمكن أن تسير هواتف «غوغل بيكسل» مستقبلاً لتستطيع المنافسة مع هواتف «آي فون»؟ وهل تستمر في العمل بنظام «أندرويد» مفتوح المصدر، والمطروح بلا قيود لجميع مصنعي الهواتف الأخرى خارج نظام تشغيل «آي أو إس» من «أبل»، فتصبح فاقدة لخاصية التميز والتفرد التي تتمتع بها «أبل»، أم تمضي في طريقها وتبني لهواتفها سلالة محسنة مميزة من نظام تشغيل «أندرويد»، تكون بمثابة نظام تشغيل خاص بها وحدها، دون غيرها من هواتف الشركات الأخرى، فتصبح مميزة مثل «أبل»، وفي المقابل تفقد خاصية الانتشار الواسع النطاق لـ«أندرويد»، وتحصر نفسها في دائرة صغيرة من المشترين؟
طرحت هذه التساؤلات خلال فعاليات منتدى «غوغل» السنوي للمطورين «آي أو»، الذي عقد الأسبوع الماضي. وبحسب تحليل نشرته شبكة «زد دي نت» المتخصصة بالتقنية حول ما دار في المنتدى بخصوص هذه القضية، فإن الدافع الأساسي لطرحها للمناقشة هو اقتناع «غوغل» المصنعة لهواتف «بيكسل» ونظام تشغيل «أندرويد» معاً، بأن أكبر التحديات التي تواجه هواتف «بيكسل» هي المنافسة مع هواتف «أبل آي فون» في المقام الأول.
هاتف ونظام تشغيل
ويرجع ذلك إلى أن كلاً من «غوغل» و«أبل» يصنع الهواتف الخاصة به، وفي الوقت نفسه يصنع نظام التشغيل الخاص بهذه الهواتف، لكن الوضع مختلف بالنسبة لهواتف «غوغل بيكسل»، عن هواتف «آي فون». فالسوق شهدت عشرات من الهواتف التي تصنعها شركات أخرى غير «أبل»، وتعمل بنظام تشغيل «غوغل اندرويد»، مثل «سامسونغ غالكسي»، و«ال جي» و«هواوي» و«سوني» وغيرهم. وجميع هذه الهواتف تشترك مع «بيكسل» في العمل على نظام «اندرويد»، ولا توجد فوارق أو عوامل تميز بينها، تستند لنظام التشغيل.
أما هواتف «آي فون» فتصنعها شركة «أبل»، وتعمل بنظام تشغيل تصنعه الشركة أيضاً، لكن «أبل» تغلق نظام التشغيل على هواتفها وأجهزتها فقط، ما يجعلها تتمتع بخصوصية واضحة، وميزات ووظائف غير موجودة في «أندرويد».
الخروج من السجن
وخلال المناقشات التي دارت في المنتدى، كان هناك رأي يرى أن نظام «أندرويد» بمثابة «السجن» الذي يتعين على هواتف «بيكسل» الخروج منه، ليكون لها «فضاؤها» أو مجال حركتها المميز الخاص بها، حتى تتساوى مع هواتف «آي فون» في هذه النقطة، ومن دون ذلك لن تستطيع حل هذه المعضلة.
والآلية المطلوبة لتنفيذ ذلك، كما طرحها أصحاب هذا الرأي، هي بناء سلالة أو نسخة جديدة من «أندرويد»، تتوافر بها جميع الخصائص والقواعد العامة لنظام التشغيل الموجودة في النسخة المفتوحة التي يعمل عليها مصنعو الأجهزة الأصلية «أو إي إم»، مثل «سامسونغ»، و«ال جي»، و«هواوي» وغيرهم. وفي الوقت نفسه تكون بها بعض المميزات والخصائص المغلقة على هواتف «بيكسل» فقط. وهذا الحل سيمنح هواتف «بيكسل» ميزة التعامل مع عشرات وربما مئات الآلاف من التطبيقات والبرامج الموجودة على متجر «غوغل بلاي» المخصص لـ«أندرويد».
ويمنح أصحاب هذه الهواتف الميزة الخاصة التي تتمتع بها هواتف «آي فون»، من حيث العمل بنظام تشغيل خاص. وبعبارة أخرى، يرى أصحاب هذا الاتجاه أن ذلك يحقق «الانفتاح والتميز» في آن واحد، أي العمل بالخواص المفتوحة للجميع، والانفراد بخواص مغلقة تحقق التميز.
وفي هذا السياق، تسربت خلال المنتدى أنباء تشير إلى أن «غوغل» تعمل حالياً على تطوير نظام تشغيل جديد تماماً، يعمل فقط على هواتف «بيكسل»، ويحمل اسماً مبدئياً هو «فوشيا»، وجميع مكوناته تم بناؤها داخلياً في «غوغل»، بعيداً عن منتدى مطوري «أندرويد»، بما في ذلك النواة الأساسية الخاصة به، التي تردد أنها تقوم على نظام يسمى «زيركون»، بعيداً عن مكتبات «جنو لينكس»، ومكتبات «مساحة المستخدمين المرتبطة» التي يعمل بها «أندرويد»، والمتوقع حتى الآن أن تتعامل «غوغل» مع «فوشيا» على أنه نظام تشغيل مفتوح المصدر، لكن ستتغير الطريقة التي سيتم بها الترخيص بتشغيله لدى مصنعي الهواتف الأخرى.
لكن المناقشات التي جرت حول هذه الفكرة كشفت أنها ليست بالسهولة التي طرحها أصحابها، لأن هذه الفكرة سبق تجربتها في البداية مع هواتف «نيكسس» الجيل السابق على «بيكسل»، ولم تحقق النجاح المطلوب.
نموذج «سيرفس»
وتبنى فريق آخر من المشاركين بالمنتدى رأياً مخالفاً، وقالوا إن أنسب الحلول المطروحة أمام هواتف «بيكسل»، أن تتبنى ما فعلته شركة «مايكروسوفت» مع حاسباتها التي تسوقها تحت اسم «سيرفس»، والتي تعيش وضعاً مماثلاً لهواتف «بيكسل».
فأجهزة «سيرفس» تشمل حاسبات مكتبية ومحمولة، وحاسبات قابلة للفصل والوصل والعمل كحاسبات لوحية ومحمولة في وقت واحد، وتعمل بنظام التشغيل «ويندوز» الذي تصنعه «مايكروسوفت»، وفي الوقت نفسه يستخدمه مصنعو الحاسبات الأصلية، مثل «ديل»، و«إتش بي» و«لينوفو» وغيرهم.
وفي المقابل، تنتج «أبل» أجهزة «ماك برو» المكتبية، و«ماك بوك» المحمولة، و«آي باد» اللوحية، وفي الوقت نفسه تنتج نظم تشغيل «ماكنتوش» المكتبية والمحمولة، و«آي أو إس» للحاسبات اللوحية، ولكن لا يستخدمها أحد سوى «أبل». وفي ظل هذا الوضع، استطاعت «مايكروسوفت» أن تصل إلى صيغة مرنة، جعلت حاسباتها «سيرفس» تتمتع بكل الخصائص والسمات العامة في «ويندوز»، وفي الوقت نفسه امتلكت مزايا خاصة، جعلتها تنافس أجهزة «أبل»، وحققت ذلك من دون أن تلجأ إلى تصنيع نظام تشغيل جديد بديل لـ«ويندوز» أو نسخة جديدة منه تعمل على أجهزة «سيرفس» فقط.
وبهذا المفهوم، أصبحت أجهزة «سيرفس» المحمولة، و«سيرفس برو 6» من أفضل أنظمة «ويندوز 10» على الإطلاق، واستطاعت منافسة «أبل» بمزايا تمزج بين قوة نظام التشغيل وعمر بطارية أطول، وإمكانية تواصل وتبادل للمعلومات وتشغيل التطبيقات مع جميع الأجهزة والنظم العاملة في بيئة «ويندوز»، وانعكس هذا الأمر على مصنعي الأجهزة الأصلية، الذين أصبحوا يصنعون أجهزة أفضل.
وهنا يكمن الاختلاف بين وجهة نظر هذا الفريق، ووجهة نظر الفريق الأول الذي يدعو «غوغل» لبناء نسخة جديدة من «أندرويد» لتعمل عليها أجهزة «بيكسل» فقط، ويعزز أصحاب هذا الرأي موقفهم بأن «مايكروسوفت» حاولت تقديم نسخة خاصة من نظام تشغيل «ويندوز» لهاتف «ويندوز فون» وفشلت، ولذلك فهم يرون أن بناء نظام تشغيل جديد خاص بهواتف «بيكسل» لن يكون مجدياً. ولاتزال القضية مطروحة للنقاش، لأن المنتدى، بحسب تقرير شبكة «زد دي نت»، انتهى من دون حسمها بصفة نهائية، لتظل مسألة خروج هواتف «بيكسل» من مظلة «أندرويد» معلقة إلى حين.
توقعات بأن بناء نظام تشغيل خاص بهواتف «بيكسل» لن يكون مجدياً.