Emarat Alyoum

تطوير حاسب يُحوّل أفكار الدمــاغ إلى صور إلكترونية

التاريخ:: 27 مايو 2013
تطوير حاسب يُحوّل أفكار الدمــاغ إلى صور إلكترونية

طَوَّر علماء جهاز حاسب يُحول أفكار الدماغ إلى صور إلكترونية، ما يمكن المرضى والعاجزين عن الحركة من التعبير عن أنفسهم بالرسم، وذلك من خلال رصد أي تغيير في طبيعة عمل موجات الدماغ، والتعرف إلى النبضات الكهربائية الضئيلة التي يُصدرها أثناء عملية التفكير.

وتعتمد هذه التقنية على ارتداء المريض قبعة أو غطاء للرأس متصلاً بأقطاب ترصد التغيُرات الطفيفة في النشاط الكهربائي للمخ، التي تحدث أثناء التفكير. ويستطيع المريض تحديد اختياره من خلال التركيز على أحد الأدوات المتاحة في واجهة برنامج الرسم مثل الأداة المخصصة لرسم الخط أو الدائرة، أو التركيز على اختيار أحد الألوان أو تغيير درجة شفافيته.

وتصدر الاختيارات المتاحة في البرنامج وميضاً، ويتطلب الأمر من المريض التركيز مع الوميض الخاص بالأداة التي يريدها، ليتعرف الحاسب من خلال التغير في نشاط الدماغ على اختياره.

وتوصل العلماء، الذين بدأوا العمل في المشروع في جامعة «جراتس» للتكنولوجيا في النمسا، إلى أن ظهور وجوه مألوفة كالمشاهير وأفراد الأسرة خلال الوميض يُعزِّز من قوة إشارات المخ، ويُقلل من الأخطاء المحتملة.

إنجاز لوحات

ونجح الحاسب، الذي يتم التحكم فيه بالدماغ، في تمكين سيدة ألمانية «هيدي بفتزنر» من إنجاز لوحات فنية رقمية جميلة، في ظل قدرتها على تحريك عينيها فقط بعد إصابتها بمرض «التصلب الضموري العضلي الجانبي» المعروف باسم «إيه إل إس»، الذي يُتلف الأعصاب الحركية في الدماغ والحبل الشوكي ليصل إلى شلل العضلات.

وتمكنت السيدة الألمانية التي عملت سابقاً معلمة، وهي أم لأربعة أطفال، من رسم مجموعة من اللوحات لزهور وأشكال رمزية ملونة، بعدما تدربت على التحكم في الحاسب واختيار الألوان والأشكال والفرش عبر أفكارها، وتبيع حالياً بعضاً من لوحاتها عبر الإنترنت، كما تُخطِّط لتنظيم معرض لأعمالها الفنية في وقتٍ قريب.

وتقول بفترنز إنها لم تكن يوماً من المغرمين بالأجهزة الإلكترونية، كما أنها استخفت بعمل الجهاز في البداية، وهو ما تغير بعد تجربتها: «أتاحت لي واجهة الحاسب الذي يعمل بالدماغ، التي تمثل اكتشاف تكنولوجي مهم، بوساطة أفكاري، إبداع الفن». وتضيف: «للمرة الأولى، أتاح لي هذا المشروع الفرصة لأظهر للعالم أن مرض «إيه إل إس» لم يكن نهاية حياتي».

غيبوبة

على جانب آخر، يُمكن الاستعانة بهذه التقنية لاختبار حالة المرضى وتحديد ما إذا كانوا يعانون غيبوبة أو عاجزين عن الاستجابة، بحسب أحد المسؤولين عن تطوير الجهاز في شركة «جي تك» النمساوية، المهندس جافي رودريجيز.

وأوضح رودريجيز «إنه من الصعب أن نعرف ما إذا كان المريض في غيبوبة فعلية أو عاجزاً عن الحركة، ويمكن من خلال هذا الاختبار تزويدهم بتعليمات عبر سماعات الأذن أو اللمس، ثم ملاحظة نشاط الدماغ خلال استجابتهم».

وقال رودريجيز إن تحديد حالة المريض سيؤثر في طريقة معاملته، كما سيُشكِّل فرقاً مع أفراد العائلات الذين سيُكثرون من الحديث مع مرضاهم خلال الزيارات إذا ما علموا أنهم قادرون على الاستماع لهم، وبالإضافة إلى ذلك تُوفر هذه التقنية للمرضى وسيلة للتواصل مع المحيطين بهم.

تطوير الجهاز

وجرى تطوير الجهاز خلال العمل على إيجاد وسيلة تُمكن المرضى من إرسال تحديثات عبر «فيس بوك» و«تويتر». ويتطلع العلماء إلى تطوير تقنيته على مستوياتٍ عدة؛ إذ يعمل الباحثون حالياً على تطوير جهاز جديد يمكن أن يُزرع مباشرة في دماغ المريض ما يتيح للحواسيب ترجمة أفكار الشخص مباشرة، وهو ما سيُمكِّنه من التحكم في الحاسب بطريقة أيسر وأسرع وإعطاء الأوامر خلال التفكير.

وقال المشرف على الفريق المسؤول عن تطوير النظام في «جي تك» الدكتور كريستوف جيجر «إذا ما زُرعت هذه الأقطاب في القشرة، وهي الطبقة الخارجية للدماغ، يمكن أن نحصل على دقة أعلى للصورة، وستسمح بالتمييز بين الأصوات وحركات كل إصبع بسرعة عالية للغاية».

كما يتعاون الفريق المسؤول عن الجهاز مع باحثين في اليابان لتطوير تقنية تُزرع في الدماغ، التي من الممكن أن تُسهِّل استخدام هذه الأجهزة مستقبلاً، على الرغم من حاجتها إلى إجراء عمليات جراحية للمرضى لتثبيتها.

وقال البروفيسور في جامعة «أشاهيكاوا» الطبية كيوشكي كامدا، إنه «بمقدور هذه التقنية التمييز بين نيات ومقاصد المريض مثل رغبته في إطفاء الأنوار أو رسم دائرة، فيما تعمل مجموعات بحثية أخرى على توفير أجهزة تتيح للمرضى التحكم في الروبوتات، وتوجيه المقاعد المتحركة بوساطة أفكارهم».

في سياقٍ متصل، كشفت شركة «سامسونغ» في الشهور الماضية عن تعاونها مع جامعة «تكساس» الأميركية لتطوير نظام يتيح لمستخدميه التحكم في الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية عبر الأفكار، بارتداء قبعة موصولة بأقطاب تُسجِّل النشاط الكهربائي للمخ تعمل مع تطبيق خاص، ما يُتيح لمن يُعانون عائقاً يمنعهم من استعمال أصابعهم من تشغيل الأجهزة واستخدام التطبيقات.