ما يكتبه «المغردون» يعكس غالباً الطريقة التي يفكرون بها
نظام تسويق يعتمد السمات الشـخصية عبر «تويتر»
تعمل مجموعة من الباحثين في مركز أبحاث شركة «آي بي إم» في «سان خوسيه» بولاية كاليفورنيا الأميركية، على تطوير نظام جديد لمساعدة الشركات على تسويق منتجاتها، عن طريق رصد أنماط شخصيات المستهلكين من خلال تغريداتهم على موقع «تويتر» للتدوين المُصغَّر.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة «ذا إيكونومست» البريطانية، قال الدكتور إيبن هابر، الذي يقود فريق البحث، إن النظام الجديد يسعى إلى اكتشاف لمحات نفسية عميقة عن المتعاملين بما في ذلك شخصياتهم وقيمهم واحتياجاتهم، بدلاً من النهج الحالي، الذي وصفه بـ«المعيب».
وتعتمد الشركات حالياً في دراسة المستهلكين على جمع قدر كبير من البيانات حول العوامل الديموغرافية، مثل الجنس، والحالة الاجتماعية، والدخل، ومكان الإقامة، فضلاً عن العادات الشرائية. وتستثمر أقسام التسويق مبالغ طائلة على برامج لتحليل عادات الاستهلاك، في محاولة لتنظيم حملات موجهة لمجموعات بعينها.
ولا ينتهي هذا الأسلوب إلى نتائج مُرضية في أغلب الأحيان؛ إذ تُنفق الشركات في الولايات المتحدة 170 مليار دولار على التسويق المباشر في البريد الإلكتروني والعادي كل عام.
ولا يقوم سوى 3٪ من بين من تصلهم رسائل البريد العادي بالشراء، بينما تصل النسبة عبر الإنترنت إلى 0.01٪ فقط، ما يعني إنفاق 165 مليار دولار على البريد الإلكتروني المزعج، والنشرات البريدية المهملة. وأنجز هابر وفريقه برنامجاً يبحث ضمن تغريدات «تويتر» عن الكلمات التي تُشير إلى شخصيات المستخدمين، وقيمهم الأساسية واحتياجاتهم، في محاولة لإيجاد بديل لإجابات المستهلكين في اختبارات تحديد الشخصية. ورأى أن بمقدور البرنامج تقديم الناس أفراداً عوضاً عن توصيفهم مجموعات ديموغرافية غامضة.
الشخصية الإنسانية
استند فريق البحث إلى نتائج دراسات سابقة ذهبت إلى إمكانية توقع ما سيشتريه الناس، استناداً إلى تقييمهم وفق العوامل الخمسة الرئيسة للشخصية الإنسانية التي حددها علم النفس المعاصر، وتشمل: الانبساطية، والعصابية، ويقظة الضمير، والانفتاح على الخبرات، والطيبة.
وعلى سبيل المثال، يميل أصحاب الشخصية الانبساطية إلى الاستجابة لإعلان لهاتف محمول يقدم ميزات مثيرة، أكثر من إعلان يُركِّز على ميزات الراحة والأمان في الهاتف. كما يُفضِّل أصحاب هذا النمط علامة «كوكاكولا» أكثر من منافستها «بيبسي»، ومنتجات «ميبيلين» للتجميل بدرجة أكبر عن «ماكس فاكتور».
ويعتمد البرنامج على البحث في «تويتر» عن الكلمات المتطابقة مع مجموعتين من الصفات التي لا ترتبط دوماً بالشخصية، وهي القيم أو الأشياء التي يعتبرها الناس جيدة ومفيدة ومهمة، مثل الإخلاص، والدقة وتعزيز الذات، وكذلك الاحتياجات أو العناصر التي يعتبرها الناس ضرورية ويصعُب عليهم الحياة من دونها.
وحَلَّل البرنامج الجديد أثناء الاختبارات «تغريدات» 90 مليون مستخدم لموقع «تويتر» خلال ثلاثة أشهر، وتوصل إلى ملامح افتراضية للشخصية من خلال تحليل 50 «تغريدة»، واستطاع من خلال تحليل 200 «تغريدة» التوصل إلى تحليل أدق لسمات الشخصية، ويتم حالياً اختبار النظام في شركة للخدمات المالية. ويأمل هابر، إذا ما سارت الأمور بشكل جيد، أن يُطرح للاستخدام التجاري مع نهاية العام الجاري.
أنماط الشخصيات
واستلهم هابر وزملاؤه طريقة تحديد ملامح الشخصيات من دراسة أجراها المتخصص في علم النفس والأعصاب، تال ياركوني، عام 2010 في جامعة كولورادو.
وتناولت الدراسة العلاقة بين اللغة المستخدمة والسمات الشخصية، كما درست الكلمات التي يستخدمها المدونون في كتاباتهم ونمط شخصياتهم، باعتبار أن الناس عموماً لا يرسمون لأنفسهم صوراً مثالية خلال وجودهم على الإنترنت، وأن ما يكتبونه يعكس غالباً الطريقة التي يفكرون بها.
وعمل ياركوني على دراسة نصوص تتألف من 115 ألف كلمة لنحو 700 مدون، وتتبع تكرار الكلمات في تدويناتهم، من دون النظر إلى السياق الذي وردت فيه، مع مقارنتها بسمات شخصياتهم وفق إجاباتهم عن اختبار الشخصية.
وتوصلت دراسة ياركوني إلى الارتباط بين «الشخصية الانبساطية» وتكرار كلمات مثل «الزحام»، و«مطعم»، و«المشروبات»، و«الرقص»، و«الآخر». بينما أكثر أصحاب «الشخصية العصابية» من استعمال كلمات مثل «مكتئب»، و«كسول»، و«فظيع»، و«على الرغم من».
واستخدم «المدونون المنفتحون» كلمات مثل «الرفاق»، و«الشعر»، و«الفن». فيما تكررت كلمات «رائع»، و«الصباح»، و«الربيع»، و«معاً» في كتابات الشخصيات الأقرب إلى «التوافق» أو «الطيبة».
واستخدمت الشخصيات التي تتسم بـ«يقظة الضمير» كلمات «غبي»، و«ممل»، و«مغامرات». كما رصدت الدراسة ظهور كلمات غير متوقعة لدى بعض أنماط الشخصيات.
يُذكر أن موقع «تويتر» أتاح أخيراً للمعلنين إمكانية استهداف المستخدمين بناءً على تضمينهم كلمات معينة في تغريداتهم.
وربما يُشير البرنامج، الذي يعمل عليه فريق أبحاث «آي بي إم» والدراسات المماثلة، إلى صعوبة إخفاء طبيعة الشخصيات عبر الإنترنت؛ فالشبكات الاجتماعية، والإنترنت عموماً، تُظهر الكثير من شخصيات المستخدمين من خلال عدد الأصدقاء وطريقة التفاعل واللغة المستخدمة.
كما يكشف البرنامج عن الطرق المختلفة لاستغلال المحتوى المنشور في الاقتراب من شخصيات المستخدمين وتسويق المنتجات.