خبراء يدعون إلى استخدام نسخ حديثة من برامج مكافحة البرمجيــات الخبيثة

اختراق كـاميرات الـ «ويـــب» مدخل لانتهاك خصوصية المستـخدمين

المخترقون يستهدفون الأجهزة الخاصة بالنساء. أرشيفية

تُمثِّل كاميرات الـ«ويب» مجالاً لانتهاك خصوصية الحياة الشخصية لمستخدمي أجهزة الكمبيوتر، والمحيطين بهم، من خلال اختراقها وتشغيلها دون علمهم، ومن ثم يمكن للمخترقين التقاط صور لضحاياهم في المنزل أو العمل، ونشر وبيع الصور وطرق الدخول إلى أجهزة الضحايا، لاسيما من النساء، عبر الإنترنت.

ولمواجهة هذه التهديدات المتنامية، تنشط المنظمات المعنية بالاستخدام الآمن للإنترنت، وخبراء أمن الكمبيوتر، لتوعية المستخدمين، خصوصاً من الشباب، بأهمية برامج مكافحة البرمجيات الخبيثة، والتأكد من تعطيل عمل كاميرات الـ«ويب»، أو تغطيتها حال عدم استخدامها.

وتوصل تحقيق أجراه فريق من محطة «راديو بي بي سي ‬5 لايف» الإذاعية البريطانية إلى حوادث اختراق لكاميرات الـ«ويب»، وتواصل مع بعض من المتورطين في هذا الأمر عبر الإنترنت، كما غطى البرنامج بعض المواقع التي يتبادل فيها المخترقون صورا ومقاطع فيديو لضحاياهم، تم تسجيلها عبر كاميرات الويب دون علمهم. ويعتمد اختراق كاميرات الـ«ويب» على أحد البرمجيات الخبيثة من نوع «أحصنة طراودة» للوصول البعيد، وغالباً ما تصل البرمجية الخبيثة إلى أجهزة كمبيوتر الضحايا عبر تحميلها بشكل خفي من الإنترنت، وقد تكون ضمن أحد مرفقات البريد الإلكتروني، أو رابط عادي يشير إلى موضوع إخباري أو فني.

وبعد تحميلها يتمكن المخترق من الوصول إلى الملفات الموجودة على القرص الصلب لكمبيوتر الضحية، والتحكم في كاميرا الـ«ويب» وتشغيلها دون علمه، كما يمكن استخدام الجهاز المُصاب لنشر البرمجية الخبيثة، وتكوين شبكة من الأجهزة المُختَرقة.

وتحدث البرنامج إلى إحدى ضحايا الاختراق، وهي طالبة تُدعى راشيل هيدمان، تبلغ من العمر ‬20 عاماً، والتي تعتقد أن كاميرا الـ«ويب» الخاصة بها تعرضت للاختراق؛ إذ عملت بشكل مفاجئ خلال مشاهدتها مقطع فيديو في حمام منزلها.

وعدت هيدمان الحادث، انتهاكاً صارخاً لخصوصيتها، ووصفت شعورها حينها بالمُروِّع.

وفي تأكيد نتائج تحقيق فريق البرنامج، ذكر الرئيس التنفيذي لمؤسسة «تشيلدنت إنترناشيونال» الخيرية البريطانية المعنية بدعم توفير إنترنت آمن للأطفال والشباب، ويل غاردنر، أن لديه أدلة على وقوع حوادث اختراق لكاميرات الـ«ويب» على الرغم من ندرتها.

وقال إن «من الصعب تحديد إلى أي مدى تنتشر هذه النوعية من الاختراقات، لكنها يمكن أن تحدث».

كما أكد ممثل لرابطة ضباط الشرطة في بريطانيا، رصد الشرطة حوادث اختراق لكاميرات الـ«ويب»، مشيراً إليها باعتبارها جرائم وفق قانون «إساءة استعمال الكمبيوتر»؛ إذ تعد دخولاً إلى كمبيوتر شخصي دون إذن مالكه.

ومن بين الأخطار الناشئة عن اختراق كاميرات الـ«ويب» الخاصة، تزايد الإقبال على مواقع تبادل وتسويق صور ومقاطع فيديو لضحايا الاختراق، من بينها صفحات مخصصة لصور النساء، إضافة إلى خطوات الوصول إلى الأجهزة المُصابة مقابل مبالغ زهيدة.

ونقل تحقيق «راديو بي بي سي» عن شاب فنلندي في الـ‬17 من عمره، قوله إنه استطاع اختراق ‬500 كمبيوتر، كما يبيع تفاصيل الوصول إليها للآخرين عبر الإنترنت؛ ما يُتيح لهم تشغيل برامجهم الخاصة، والتحكم في هذه الأجهزة والكاميرات الملحقة بها عن بعد.

وأفاد الشاب، الذي أشار إليه البرنامج باسم «ماتي»، بوجود العديد من الراغبين في شراء هذه المعلومات، لاسيما الخاصة بأجهزة الكمبيوتر المملوكة للنساء، والمزودة بكاميرات «ويب» تسمح بالتقاط وتسجيل الصور. وذكر أنه يمكن أن تُباع المعلومات الخاصة بجهاز امرأة واحدة مقابل دولار واحد، وهو المبلغ نفسه الذي يُدفع مقابل تفاصيل الدخول لأجهزة كمبيوتر ‬100 رجل. وفي ما يخص رؤيته لمدى مشروعية ما يقوم به، عبَّر عن عدم اهتمامه بهذه النقطة؛ فما يعنيه هو جني المال نظير بيع المعلومات للآخرين.

ومن اللافت للانتباه صغر أعمار المتورطين في مثل هذه الانتهاكات، فمن خلال محاولة واحد من فريق البرنامج التواصل مع بعض تجمعات المخترقين على الإنترنت حول العالم بظهوره كأحد المهتمين بمجال أمن الكمبيوتر، تحدث مع فتى في الـ‬16 من عمره، ادعى أنه تمكن من اختراق ‬100 جهاز كمبيوتر، ونجح في استخدام كاميرات الـ«ويب» في نصفها.

وقال الفتى إنه لا يشترك ضمن التجمعات التي تتبادل صور ضحايا الاختراق. وعلى الرغم من إدراكه لعدم قانونية ما يقوم به، فإنه قلل من احتمال تعرضه للإيقاف والتحقيق من قِبل الشرطة.

وأثار موضوع البرنامج عن اختراق كاميرات الـ«ويب» اهتمام أطراف متنوعة من بينها جهات رسمية. وتقترب لجنة الشؤون الداخلية بمجلس العموم البريطاني من تقديم استجواب حول الجريمة الإلكترونية، إذ أشار رئيس اللجنة، كيث فاز، إلى أهمية القضية بسبب استخدام كاميرات الـ«ويب» على نطاق واسع في معظم المنازل، ووسط فئات عمرية مختلفة.

وحث المعلمين على ضرورة توعية التلاميذ والشباب بالمخاطر الناجمة عن استخدام كاميرات الـ«ويب»، كما دعا الشركات المنتجة لأجهزة الكمبيوتر إلى تحسين إعدادات أمان عمل الكاميرات، من خلال تنبيه المستخدمين تلقائياً، بإصدار صوت على سبيل المثال، إلى استمرار عملها.

ولا يُعتبر هذا النموذج الأول على حوادث اختراق الكاميرات، التي تتم بأساليب مختلفة، إذ إن من بين الحوادث الشهيرة، قصة الاسكتلندي ماثيو أندرسون، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة ‬18 شهراً في عام ‬2010، بعد إدانته بتعمد نشر برمجية خبيثة أتاحت له اختراق كاميرات الـ«ويب»، وانتهاك خصوصية عشرات النساء من بينهن قاصرات.

وعلى الجانب الآخر، يتفق عدد من الخبراء على بعض الإجراءات العامة لحماية أجهزة الكمبيوتر الشخصية ضد مختلف التهديدات الأمنية خصوصاً ما يتعلق باختراقات كاميرات الـ«ويب»، من بينها الانتباه لرسائل البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية، وقصر استخدام الكاميرا في الدردشة على الأشخاص الموثوق بهم.

ونصحت مؤسسة «تشيلد نت إنترناشيونال» المستخدمين، بألا يضغطوا على روابط أو مرفقات ترد من جهات مجهولة أو أشخاص لا يثقون بهم، والتأكد من تعطيل عمل الكاميرات، أو فصلها حال عدم استخدامها، كما حثت المراهقين على إبعاد الكاميرات عن غرف النوم والأماكن الخاصة.

كما أشارت المؤسسة إلى ضرورة إغلاق الكمبيوتر المحمول وتغطية كاميرا الـ«ويب» أو توجهيها إلى الحائط، حال لم يحتاجها المستخدم؛ كي لا يتسنى للمخترقين التلصص على المستخدمين حال تمت عملية الاختراق.

من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لحملة «الحصول على إنترنت آمن»، توني نيت، أهمية استخدام نسخ حديثة من البرامج المخصصة لحماية أجهزة الكمبيوتر ومكافحة البرمجيات الخبيثة.

ورأى أن الأجهزة العاملة ببرامج قديمة لم يتم تحديثها، تُعد الأكثر عرضة لخطر الاختراق والتهديدات الأمنية.

وهو ما اتفق مع رأي الخبير المستقل في أمن الكمبيوتر، غراهام كلولي، الذي قال: «يظهر يومياً ‬100 ألف نوع من البرمجيات الخبيثة، ومن المهم للغاية التأكد من تحديث برامج مكافحة الفيروسات التي تُوفِّر الحماية اللازمة ضد معظم هذه التهديدات».

 

تويتر