دراسة: سوق شراء المتابــعين المزيفين لحسابات «تويتر» تتنامــى
لاتزال سوق بيع المتابعين المزيفين لموقع «تويتر» تجذب المشترين وتحقق رواجاً، فمن ناحية زاد عدد مقدمي هذه الخدمات وانخفضت أسعارها، ومن ناحية أخرى تنوعت الخيارات المتاحة، كاختيار متابعين من منطقة جغرافية معينة، وتعددت الأساليب المستخدمة لإظهار الحسابات الوهمية بصورة أقرب إلى الحقيقة، وهو ما يشير إلى اتجاه هذه السوق إلى الصعود، بالنظر إلى إقبال المستخدمين عليها، وما تدره من أرباح على المشتغلين بها، بحسب أحدث دراسة لشركة «باركودا لابس» للأبحاث عن الاقتصاد التحتي لموقع «تويتر».
ورصدت الدراسة ارتفاع عدد بائعي المتابعين المزيفين، فبلغ عدد مقدمي الخدمة في موقع «إي باي» 52، وزاد العدد على 6000 في موقع «فيفر» للخدمات المصغرة، كما ارتفع عدد المواقع المتخصصة في البيع، فمن بين النتائج الـ100 الأولى في محرك «غوغل» عند البحث عن عبارة «شراء متابعين لتويتر»، يوجد 55 موقعاً، يغلب عليها المواقع الجديدة بنسبة 89٪، وربما أدت زيادة عدد مقدمي هذه الخدمات إلى تراجع أسعارها، وذكرت الدراسة أن متوسط السعر المدفوع مقابل الحصول على 1000 متابع هو 11 دولاراً مقارنة بـ18 دولاراً في أغسطس من العام الماضي.
وإلى جانب ذلك، يتجه مقدمو هذه الخدمة إلى تنويع الخيارات المتاحة أمام المشترين، مثل إتاحة الاشتراكات الشهرية، وبيع أعداد كبيرة تصل إلى مليون متابع وهمي للمستخدم الواحد، إلى جانب إمكانية الحصول على متابعين زائفين من مناطق جغرافية معينة يمكن تحديدها بالدولة والمدينة، كما يعرض بعضها ضماناً لخمس سنوات بعدم تراجع عدد المتابعين بشكل مفاجئ، ويدعي تقديم متابعين لا تستطيع تطبيقات الكشف عن المتابعين الوهميين تمييزهم، وشملت الخدمات المقدمة بيع مرات إعادة نشر التغريدات «ريتويت» مقابل سعر محدد. وتطرقت الدراسة إلى اتباع مقدمي خدمات بيع الحسابات الوهمية أساليب جديدة يتجاوزون بها الشكل الشائع لها، مثل حسابات خالية من التغريدات والتعريف الشخصي، فتعمد بعض الحسابات الوهمية حالياً إلى نسخ معلومات حساب مستخدم حقيقي، سواء الاسم أو الموقع الجغرافي والتعريف الشخصي، مع إضافة حرف أو رقم إلى الاسم وتغيير الصورة، وينفذ هذه الطريقة 63٪ من الحسابات الوهمية التي رصدتها الدراسة، واقترب عددها من 100 ألف حساب، وأشارت الدراسة إلى ارتفاع متوسط عمر الحسابات الوهمية إلى سبعة أشهر، خلافاً للفكرة الشائعة عن سرعة ظهور وإغلاقها، ويقل تاريخ تسجيل نسبة واحد في الألف منها عن ثلاثة أشهر.
وعلى جانب الكشف عن حقيقة الحسابات الوهمية في «تويتر»، توفر مواقع عدة، مثل «سوشيال بيكرز» و«ستاتس بيبول» خدمة تمييز الحسابات الوهمية، لكن جميعها تعجز عن تمييزها بسبب اقتصارها على فحص شكل الحساب ونسبة المتابعين إلى الحسابات التي يتابعها المستخدم، وهو ما قد يتشابه مع حسابات حقيقية يميل مستخدموها إلى الاكتفاء بمتابعة ما ينشره الآخرون من دون كتابة تغريدات خاصة بهم.
وتلتزم بعض الحسابات الوهمية بكتابة تغريدات جديدة كل بضعة أيام في محاولة لإبعاد شبهة الزيف عنها، وهو ما يُصعِّب تمييزها، وبلغ متوسط عدد التغريدات في الحساب الوهمي 77 تغريدة، كما يمتلك كل حساب 32 متابعاً، مقابل متابعته 60 حساباً.
وفي ما يخص مشتري المتابعين المزيفين، حللت دراسة «باركودالابس» نشاط 1147 مستخدماً، ورأت أن متوسط عدد المتابعين لكل منهم بلغ نحو 52 ألف متابع، وتعود بداية وجودهم في «تويتر» إلى 23 شهراً، كما تضع نسبة 55٪ منهم رابطاً لمواقعهم الشخصية. ولا يقتصر نشاط هذه المواقع على بيع متابعين زائفين لموقع «تويتر»، وإن كان جمهوره هو الأكبر، بل يمتد إلى شبكات اجتماعية أخرى، كبيع معجبين لصفحات «فيس بوك»، ومتابعين لحسابات «انستاغرام» و«بينترست»، وهو ما يزيد من أرباحها، وكذلك يلجأ البعض إلى شراء صلات وهمية يضيفها إلى حسابه في «لينكد إن» الشبكة الاجتماعية المخصصة للمهنيين، وإن كان الإقبال عليها أقل بسبب وضع الموقع لـ500 كحد أقصى لما يعرضه من صلات مستخدميه، ويظهر لأصحاب الرقم الأعلى رقم (+500). ولا يقف وراء اهتمام المستخدمين بزيادة عدد متابعيهم في المواقع الاجتماعية عموماً، سواء بالسعي لتقديم محتوى جذاب أو بالشراء سبب واحد، وإن كان الدافع الرئيس هو الربط بين عدد المتابعين والمعجبين ودرجة التأثير والشعبية والصدقية، كميل البعض للاهتمام بحساب يحظى بمليون متابع أكثر من حساب يتابعه العشرات، على الرغم من أن العدد لا يعكس بالضرورة أصالة وجودة المحتوى المقدم. ويتساوى في ذلك المستخدمون العاديون، الذين يرى بعضهم في حسابه الشخصي أداة لتقييم مدى نجاحه وإحساسه بذاته، وأيضاً الشخصيات السياسية والأحزاب التي قد ترى في إقبال الجمهور على صفحاتها انعكاساً لقوة تأثيرها في الواقع، وحتى العلامات التجارية التي تتنافس في ما بينها على تدعيم وجودها في الشبكات الاجتماعية أملاً في الانتشار، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبيعات، على الرغم من أن نتائج دراسة أشرفت عليها شركة «كوكاكولا»، وهي من بين أكثر العلامات التجارية انتشاراً وشعبية في الشبكات الاجتماعية المختلفة، انتهت إلى أن الشهرة في وسائل الإعلام الاجتماعي لا تُؤثِّر بشكل ملموس على المبيعات في المدى القصير.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نشرت في أبريل الماضي تقريراً نقل عن باحثين إيطاليين رصدهما تورط حسابات تعود إلى علامات تجارية شهيرة منها «بيبسي» و«مرسيدس» و«لويس فيتون»، وسياسيين مثل رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، في الحصول على متابعين وهميين في «تويتر»، قياساً باكتساب هذه الحسابات أو فقدها عدداً ضخماً من المتابعين في يوم واحد.
وقدر الباحثان، أندريا ستروبا وكارلو دي ميشيلي، عدد الحسابات المزيفة في «تويتر» بـ20 مليون حساب، ووصول حجم سوق بيع الحسابات المزيفة إلى ما بين 40 و360 مليون دولار، بتقدير الربح مقابل كل حساب بين دولارين و30 دولاراً.