استطلاع يحذر من احتمال تأثر أدائهم الدراسي بسبب الإسراف في استخدام الشبكة العالمية
أنشطة للأطفال على الإنترنت تعرضهم للخطر
ربما يوفر الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام الإنترنت لهم بعض التسلية والترفيه والتعليم من خلال الألعاب والشبكات الاجتماعية، لكن بعض سلوكياتهم قد تجعلهم عرضة للخطر، إضافة إلى احتمال تأثر أدائهم الدراسي بسبب الإسراف في استخدام الإنترنت، بحسب استطلاع جديد تناول استخدامات الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين التاسعة والحادية عشرة للإنترنت في بريطانيا.
ودعا المشرفون على الاستطلاع، الذي أجُري ضمن برنامج الأمن والسلامة على الإنترنت الذي يتبع «الاتحاد الدولي لاعتماد أمن نظم المعلومات» أو«آي إس سي 2»، الآباء إلى متابعة أطفالهم عن قرب، وشدد على أهمية تدريس سبل الحفاظ على الأمن أثناء استخدام الإنترنت للأطفال في المدارس. ونصح خبراء بضرورة متابعة الآباء نشاط أطفالهم على الإنترنت، وتعلم التقنيات التي تساعدهم على ذلك.
وأظهر الاستطلاع أن بعض سلوكيات الأطفال مثل مشاركة معلوماتهم الشخصية، واستخدام الألعاب المخصصة للفئات العمرية الأكبر، واحتمال تعرضهم للمضايقات والإساءة قد تجعلهم عرضة لأخطار مختلفة.
وأشار الاستطلاع، الذي شمل 1162 طفلاً في 15 مدرسة في بريطانيا، إلى أن 18% من الأطفال التقوا في الحياة الواقعية بأصدقاء تعرفوا عليهم عبر الإنترنت، وأشار معظمهم إلى وجود أحد البالغين أو إخوتهم الأكبر سناً أثناء اللقاء، في حين قال ثلث الأطفال إنهم التقوا بأصدقاء الإنترنت بمفردهم.
واعتبرت الخبيرة في استخدام الأطفال للإنترنت، الدكتورة في جامعة «أوسلو» النرويجية إليزابيث ستاكسرد، أن معظم لقاءات الأطفال المباشرة مع أصدقائهم على الإنترنت هي خبرات إيجابية. وقالت إن «من النادر أن تقترن مثل هذه اللقاءات بالإساءة».
وفي الوقت نفسه، أشارت ستاكسرد التي تقدم استشارات لمشروع «أطفال على الإنترنت» التابع للاتحاد الأوروبي، إلى أنه في كثيرٍ من الأحيان لا يعلم الآباء عن لقاءات أطفالهم، وحتى في الحالات القليلة التي تتضمن خداع الأطفال، لا يتضح للطفل في البداية أن أصدقاءه على الإنترنت قد يمثلون مصدر تهديد له.
من جانبه، وافق تيم ويلسون المتخصص في أمن المعلومات والمشرف على الاستطلاع على التعليق السابق، وأشار إلى أن الأطفال عادةً يتعاملون مع كلٍ من العالم الحقيقي والافتراضي بطريقة مختلفة للغاية، ولا يلتزمون في الإنترنت بالقواعد التي تحافظ على سلامتهم في الواقع كالحذر من الغرباء، وأضاف أن الأطفال على الرغم من درايتهم الجيدة، لا يمتلكون المهارات الحياتية للبالغين لإدراك ما قد يشكل مصدر خطر.
وتطرق استطلاع «آي إس سي 2»، وهي منظمة غير ربحية معنية بتعليم أمن أنظمة المعلومات، إلى الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام الإنترنت، فأشار 43% ممن شملهم الاستطلاع إلى استخدامهم الإنترنت بشكل يومي، وحظيت ألعاب الفيديو بالمركز الأول بين أهم استخدامات الأطفال بنسبة 23%، تلتها مواقع الشبكات الاجتماعية، ثم مشاهدة مقاطع الفيديو.
وفي ما يخص الألعاب، أشار 19% من الأطفال إلى تفضيلهم ألعاب المعارك الحربية، واعترفت نسبة معتبرة باستخدام ألعاب لا تلائم سنهم، بين التاسعة والحادية عشرة، مثل «بلاك أوبس»، و«مودرن وورفير».
وبالنسبة لاستخدام الأطفال الشبكات الاجتماعية التي يضع بعضها مثل «فيس بوك» حداً أدنى لأعمار المستخدمين دون وجود آلية قوية للتحقق من العمر، الأمر الذي يدفع نسبة غير قليلة من الأطفال للكذب بشأن عمرهم؛ ليتسنى لهم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وكشف الاستطلاع أن 32% من الأطفال الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي يضيفون ما بين عامين و ستة أعوام إلى أعمارهم الحقيقية، فيما قال عُشر الأطفال إنهم يضيفون ما بين خمسة وتسعة أعوام، واعترف 8% بأنهم يحددون أعمارهم بين الـ18 والـ25.
وقد يُعرض ذلك الأطفال لمحتوى أو صداقات غير ملائمة لسنهم. وفي السياق نفسه، واجه موقع «فيس بوك»، أخيراً، انتقادات عديدة لتخفيفه القيود المفروضة على المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين الـ13 والـ17، فسمح لهم بنشر تحديثاتهم وصورهم ومقاطع الفيديو لجميع جمهور الموقع، في حين اقتصر ذلك في السابق على أصدقائهم وأصدقاء الأصدقاء.
ولفت الاستطلاع إلى تأثير استمرار بعض الأطفال في تصفح الإنترنت حتى وقت متأخر على تركيزهم أثناء وجودهم في المدرسة، وقال 22% من الأطفال إنهم يواصلون تصفح الإنترنت بعد التاسعة مساءً، في حين أشار 7% منهم إلى استخدامهم الإنترنت بعد منتصف الليل.
وكنتيجة لذلك، اعترف 30% من الأطفال بشعورهم بالتعب في المدرسة جراء استيقاظهم حتى وقت متأخر، كما قال 12% إن السهر تسبب في ذهابهم متأخرين إلى المدرسة، في حين ذكرت نسبة أقل، بلغت 3%، أنها تغيبت عن المدرسة بسبب السهر حتى وقت متأخر في تصفح الإنترنت.
وفي ما يتعلق بإشراف الآباء على أنشطة الأطفال على الإنترنت، ذكر 15% من الأطفال المشاركين في الاستطلاع أن والديهم لم يتحققوا أبداً من أنشطتهم على الإنترنت، ولم تتلق نسبة تقترب من ثلث الأطفال المشاركين أية معلومات بشأن كيفية الحفاظ على سلامتهم على الإنترنت، كما يستخدم أكثر من ثلث الأطفال الحاسب في غرفة نومهم الخاصة.
وأرجع تيم ويلسون، المشرف على استطلاع «آي إس سي 2»، والذي عمل مديراً لإحدى المدارس، إقدام الأطفال على بعض السلوكيات الخطرة على الإنترنت إلى عدم معرفة الآباء بالتقنيات التي يستخدمها أطفالهم، وقال إن معرفة كثير من الأطفال في المرحلة الابتدائية عن الإنترنت تفوق ما يتوافر لدى آبائهم، وأضاف ويلسون: «يشارك صغار السن بالفعل في كثيرٍ من السلوكيات الخطرة التي لا اعتقد أن آباءهم على دراية بها».
ويدعم ذلك نتائج استطلاع حديث أجراه «تحالف مكافحة التنمر» في بريطانيا، وشمل 2200 من الآباء والأطفال والمعلمين. وأظهرت نتائجه أن نسبة كبيرة من الآباء والمعلمين لا يمتلكون المعرفة اللازمة بسبل حماية الأطفال على الإنترنت.
وبحسب الاستطلاع، يرى نحو 60% من الأطفال التنمر أو المضايقات الإلكترونية جزءاً من الحياة اليومية، ويُشير التنمر عبر الإنترنت إلى الاتصالات غير اللائقة، وممارسات الاحتيال، وتعريض الأطفال لمحتوى خاص بالكبار، ورسائل الكراهية.
وعلى الرغم من إشارة 70% من الأطفال إلى استعانتهم بآبائهم عند مواجهة المشكلات، إلا أن نحو 40% من الآباء والمعلمين اعترفوا بعدم درايتهم بكيفية الرد أو مواجهة مضايقات الإنترنت، كما لا يستطيعون اتخاذ إجراءات وقائية، مثل إنشاء مرشحات على الهواتف والحواسيب لحماية الأطفال، وهو ما دفع بعض الآباء للدعوة لإدراج كيفية المحافظة على الأمن في الإنترنت ضمن المناهج الدراسية في بريطانيا.
ودعا منسق «تحالف مكافحة التنمر» لوقا روبرتس، الحكومة والآباء ومواقع الشبكات الاجتماعية للعمل سوياً لتوعية الشباب بسبل الحفاظ على أمنهم على الإنترنت.