محللون يعتقدون أن «غوغل» تتفهم النشاط الاجتماعي للأشخاص أكثر مما تفعل «فيس بوك». غيتي

«غوغل بلس» بين منافسة الشبكات الاجتماعية وأهميتها لـ «غوغل»

على الرغم من بدايتها في منتصف عام 2011، لا تبدو المقارنة بين «غوغل بلس» وغيرها من الشبكات الاجتماعية مثل «فيس بوك» في مصلحة الأولى من ناحية الأهمية وأعداد المستخدمين، وبحسب «غوغل» فلدى «غوغل بلس» 540 مليون مستخدم نشط شهرياً، لكن نصفهم تقريباً لا يزور الشبكة الاجتماعية، الأمر الذي يدفع البعض لوصف «غوغل بلس» بمدينة أشباح لا تشهد كثيراً من التفاعل والنقاشات المطولة كما هو الحال في «فيس بوك» و«تويتر»، لكن ذلك لا يُقلق «غوغل»، وحتى مع عدم ريادة «غوغل بلس» بين الشبكات الاجتماعية المتنافسة، فإنها تُمثل ركناً مهماً عند التفكير في مستقبل «غوغل»، إذ تعمل كنافذة تتيح لها النظر عن قرب والبحث بصورة أوسع نطاقاً في الحياة الرقمية للمستخدمين، كما تتيح لها جمع قدر أكثر ثراءً من المعلومات الشخصية التي يحرص عليها المعلنون، بحسب ما تناول تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية، وهو ما يدفع بعض المحللين للاعتقاد بأن «غوغل» تتفهم النشاط الاجتماعي للأشخاص أكثر مما تفعل «فيس بوك»، والسبب أنه بمجرد تسجيل المستخدم للحصول على حساب في «غوغل بلس»، يصبح هذا حسابه في جميع منتجات «غوغل» من البريد الإلكتروني «جيميل» إلى موقع «يوتيوب» وخدمة الخرائط، وبذلك تنظر «غوغل» إلى المستخدم كشخصٍ واحدٍ حتى إذا لم يستخدم شبكة «غوغل بلس» الاجتماعية أبداً.

ويقول نائب الرئيس لإدارة المنتجات في «غوغل بلس» برادلي هورويتز: «تقدم لك (غوغل بلس) الفرصة لتكون نفسك، وتمنح (غوغل) هذا الفهم المشترك لما أنت عليه».

وتظهر أهمية «غوغل بلس» لشركة «غوغل» في اشتراط الشركة التسجيل في شبكتها الاجتماعية على الراغبين في التعليق على مقاطع الفيديو في «يوتيوب»، وأثار هذا الاتجاه مخاوف بعض المستخدمين بشأن التعدي على خصوصيتهم والاحتكار، وهو ما وصل إلى «لجنة التجارة الاتحادية» الأميركية.

كما ربط الرئيس التنفيذي للشركة، لاري بيج بين حصول مختلف الموظفين على مكافآت ونجاح الشبكة الاجتماعية، واختار أحد كبار المديرين التنفيذيين، فيك جوندوترا، ليُسند إليه مسؤولية «غوغل بلس».

وتأكدت أكثر أهمية «غوغل بلس» العام الماضي؛ نظراً لتباطؤ إعلانات محرك البحث، وهي المصدر الأول لأرباح «غوغل»، وفي الوقت نفسه زادت أهمية الإعلان المُعتمد على معلومات مستقاة مما يتحدث الناس بشأنه ويفعلونه ويشاركونه على شبكة الإنترنت، أكثر من مجرد الاعتماد على الكلمات التي يبحثون عنها.

وحالياً توجه العلامات التجارية الإعلانية رسائلها إلى المستخدمين بناءً على افتراضات تُصنفهم ضمن فئات واسعة، مثل النساء اللاتي يُشاهدن الرياضة، في حين يُمكن لتوافر معلومات أكثر أن يزيد من دقة توجيه الإعلانات.

من جانبها، تقول «غوغل» إن ما تجمعه من معلومات حول المستخدمين من خلال «غوغل بلس» يُساعدها في توفير منتجات أفضل.

ولفت برادلي هورويتز إلى أن الأمر يتعلق بظهور المستخدمين في «غوغل»، وتمتعهم بتجربة متناسقة عبر المنتجات المختلفة بما يشعرهم كما لو كانت منتجاً واحداً، ورأى أن ذلك سيجعل تجربتهم أفضل مع كل منتج من «غوغل».

وبفضل «غوغل بلس» تعرف «غوغل» عن صداقات المستخدمين في بريد «جيميل»، والأماكن التي يترددون عليها عبر خدمة الخرائط، وكيفية قضائهم للوقت على الإنترنت عبر ما يزيد على مليوني موقع في شبكتها الإعلانية.

وإلى جانب حث المستخدمين وأحياناً دفعهم تجاه التسجيل في «غوغل بلس»، تعرض «غوغل» للعلامات التجارية حافزاً قوياً يدفعهم للفعل ذاته؛ بتقديم مكانٍ رئيسٍ في الجانب الأيمن من نتائج البحث مع الصور والمشاركات الترويجية.

ووصف نيت إليوت، من شركة «فورستر»، العرض بالدعاية التي لا يمكن شراؤها بالمال، وأضاف أنه يمكن أن تجني «غوغل» مليارات الدولارات إذا ما قررت غداً بيع هذه المساحة، لكنها فضلت منحها مجاناً في محاولة لجذب الأشخاص إلى منصتها الاجتماعية، الأمر الذي يدفع العديد من العلامات التجارية لإنشاء حسابات فعّالة في «غوغل بلس»، منها مقاهي «ستاربكس»، ولديها في حسابها في «غوغل بلس» نحو ثلاثة ملايين متابع، وهو رقم ضئيل مقارنة بـ36 مليون معجب على صفحتها في «فيس بوك».

ومع ذلك تُحدث حساب «غوغل بلس» في سبيل الحصول على وضع جيد ضمن نتائج البحث، كما تتلقى المشورة من مسؤولي «غوغل» حول كيفية تأهيل محتوى «غوغل بلس» للظهور في نتائج البحث.

وفي مثال آخر، تهتم مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية بحسابها في «غوغل بلس» ولديها ستة ملايين متابع، مقابل ثلاثة ملايين مُعجب على صفحتها في «فيس بوك»، كما يستخدم صحافيوها ميزات «غوغل بلس»، مثل خدمة «هانج آوت» للمحادثات الإلكترونية.

وأكدت مديرة تطوير الجمهور في المجلة، شاندار ماجي، على أهمية «غوغل بلس» كأداة لتهيئة الموقع لمحركات البحث وتحسين مركزه. وقالت ماجي إنه بالإضافة إلى دور الشبكة الاجتماعية في إمكانية اكتسابها لجمهورٍ جديد، فإنها تساعد ضمن استراتيجيتها لتأهيل الموقع لمحركات البحث.

وأثارت طريقة «غوغل» في الربط بين محركها البحثي وشبكتها الاجتماعية مخاوف بشأن انتهاك الشركة لقانون مكافحة الاحتكار، ووفق شخصين على إطلاع بالأمر، طرحت «لجنة التجارة الاتحادية» هذا الأمر ضمن تحقيقها الأخير مع الشركة، الذي أغلق قبل عام دون العثور على مخالفات.

وذكر الأستاذ في كلية كولومبيا للقانون تيم وو، أن الأمر يطرح أسئلة كثيرة في ظل قانون مكافحة الاحتكار. وأشار تقرير «ذا نيويورك تايمز» إلى رفض «غوغل» التعليق على الموضوع.

ولم تقتصر التخوفات من سياسة «غوغل» مع شبكتها الاجتماعية على النواحي القانونية، فأبدى بعض المستخدمين ضيقهم مما عدوه تطفلاً ودفعاً مستمراً تجاه التسجيل في «غوغل بلس».

لكن هذه الاعتراضات لا تنفي اكتساب «غوغل بلس» لمزيد من المستخدمين، ما قد يُعد علامة على القوة الهائلة التي تتمتع بها «غوغل» على شبكة الإنترنت، والإقبال على منتجاتها.

الأكثر مشاركة