«علي بابا» ابتكرت صيغة ريادة التجارة الإلكترونية في الصين
كشفت شركة «علي بابا» الصينية، يوم الأحد الماضي، عن نيتها إدراج أسهمها في سوق الأوراق المالية الأميركية، في طرح عام أولي يُقدر محللون قيمته بـ15 مليار دولار، ما يجعله أحد أكبر عمليات الاكتتاب لشركات الإنترنت في التاريخ.
وتلفت «علي بابا» الأنظار بسبب حجم أعمالها الكبير وريادتها في سوق التجارة الإلكترونية في الصين، على الرغم من شهرتها المحدودة خارج الصين. وربما تكون أفضل طريقة لفهم أعمال الشركة هي تصور جمعها بعض من خصائص شركات «أمازون»، و«إي باي»، و«باي بال»، بالإضافة إلى لمسة من شركة «غوغل»، ويُضاف إلى ذلك كله خصائص صينية فريدة.
وبعكس شركة «أمازون»، التي تشتري البضائع من الموردين لبيعها إلى المستهلكين، تعمل «علي بابا» كوسيط يربط بين البائعين والمشترين، ويُسهل المعاملات في ما بينهم. وفي الوقت نفسه لا توفر البيع بالمزاد، ويُشبه دورها الوسيط ما تقوم به شركة «إي باي».
وتمتلك «علي بابا» موقعي التجارة الإلكترونية «تاوباو» و«تي مول»، ويُمثل الأول سوقاً صينية عملاقة تتضمن نحو 760 مليون منتج، تعود إلى سبعة ملايين بائع. ولا يدفع البائعون نظير تسويق منتجاتهم في «تاوباو»، وبدلاً من ذلك تُحصل «علي بابا» المال مقابل شرائهم الإعلانات والخدمات الأخرى التي تمنحهم بعض التميز وسط زحام المنتجات.
وأسهم هذا النموذج، الذي يعتمد على عدم فرض أي رسوم، في القبول الذي يحظى به موقع «تاوباو» في الصين، وكما هي الحال مع شركة «غوغل» يعرض الموقع إعلانات البائعين ضمن نتائج البحث عن المنتجات.
وبينما يلجأ لموقع «تاوباو» غالباً صغار البائعين، يستهدف موقع «تي مول» البائعين الأكبر، ومنهم العلامات التجارية الشهيرة مثل «نايكي» و«جاب»، وشركة «أبل» التي افتتحت هذا العام متجرها في الموقع. ويضم «تي مول» نحو 70 ألف بائع فقط، ويحصل الموقع على وديعة ورسوم سنوية من البائعين، بالإضافة إلى عمولة عن كل معاملة تتم من خلاله.
وتتميز «علي بابا» عن غيرها من شركات التجارة الإلكترونية بحجمها الكبير، نظراً إلى وجودها في سوق ضخمة كالسوق الصينية. وقالت الشركة سابقاً إن موقعيها «تاو باو» و«تي مول» يولدان ما يزيد على نصف الطرود التي يتم توصيلها في الصين. وفي عام 2012، وصل حجم معاملات الموقعين إلى تريليون يوان صيني، أي ما يعادل 163 مليار دولار أميركي، وهو ما يزيد على كل من شركتي «أمازون» و«إي باي» معاً.
ومع ذلك، تُحقق «علي بابا» إيرادات تبلغ نحو عُشر عائدات «أمازون»، لكن «علي بابا» تحقق أرباحاً أفضل.
وعلى الرغم من أن «علي بابا» لاتزال إلى حد كبير اللاعب الأكبر في مجال التجارة الإلكترونية داخل الصين، إلا أنها تواجه منافسة شديدة مع إقبال المزيد من المستهلكين الصينيين على استخدام الهواتف الذكية. وتبرز شركة «تينسنت»، للإعلام الاجتماعي وألعاب الإنترنت، كمنافس قوي لقدرتها على الاستفادة من شعبية تطبيق التراسل التابع لها «وي شات» كمنصة لخدمات مختلفة منها التجارة الإلكترونية.
وسعياً لتعزيز قدراتها في هذا المجال، أعلنت «تينسنت» الشهر الجاري عن صفقة لشراء 15% من شركة «جيه دي.كوم» ثاني أكبر صينية للتجارة الإلكترونية.
وفي المقابل، تحاول «علي بابا» الدفاع عن أعمالها عن طريق سلسة من الصفقات، منها عرضها الشهر الماضي 1.13 مليار دولار للاستحواذ على 72% من شركة الخرائط الرقمية الصينية «أوتو نافي»، وكانت قد اشترت 28% من شركة الخرائط في شهر مايو الماضي كوسيلة لجذب مستخدمي الهواتف الذكية.
كما استثمرت «علي بابا» في أبريل من العام الماضي 585.8 مليون دولار مقابل 18% في موقع التدوين المُصغر الرائج «سينا ويبو» الذي تمتلكه شركة «سينا كورب»، التي أعلنت هي الأخرى، الأسبوع الماضي، عن خططها لبيع أسهم بقيمة 500 مليون دولار في الولايات المتحدة.
واشترت «علي بابا» العام الماضي أيضاً حصصاً في موقع السفر الصيني «أوير.كوم»، وخدمة التخزين السحابي «كانبوكس»، وقبل أيام قليلة وافقت «علي بابا» على دفع 804 ملايين دولار مقابل شركة «تشاينا فيجن ميديا غروب» للإنتاج السينمائي والتلفزيوني.
وأسس شركة «علي بابا» عام 1999 معلم اللغة الانجليزية، جاك ما، في مدينة هانجتشو شرقي الصين، حين كان العديد من الشركات الصينية تعتبر الإنترنت مفهوماً أجنبياً.
وبدأ جاك التعاون مع 17 مؤسساً آخر بإنشاء موقع «علي بابا دوت كوم»؛ بهدف الربط بين المصنعين الصينيين وعملائهم خارج البلاد، وبعد فترة قصيرة، اشترت «إي باي» حصة في شركة محلية للتجارة الإلكترونية، تلاها إنشاء «علي بابا» لموقع «تاوباو» عام 2003 لدخول مجال التجارة الإلكترونية للمستهلكين، بالتزامن مع النمو السريع في عدد مستخدمي الإنترنت في الصين.
وخلال السنوات القليلة الماضية، رسخت «علي بابا» مكانتها في القطاع المالي في الصين، وأنشأت موقع «علي باي» لحل مشكلة الثقة بين المشترين والبائعين عبر خدماتها، بحيث يحمي المشترين إذا لم يقم الموردون بإيصال البضائع إليهم، وأنشأ «علي باي» صندوق سوق المال الذي صار أحد أكبر الصناديق في العالم في غضون ثمانية أشهر.
كما توسعت «علي بابا» في منح القروض متناهية الصغر، والإسهام في برنامج الحكومة لإنشاء خمسة مصارف خاصة على أساس تجريبي في مدن كبرى. ويساعدها نظام الدفع الإلكتروني «علي باي» في مراكمة قدر هائل من المعلومات حول الشركات الصينية الصغيرة والمستهلكين ومعاملاتهم عبر الإنترنت.
وكانت «علي بابا» كشفت عن خطتها بإدراج أسهمها في السوق الأميركية في بيان نشرته على موقعها على الإنترنت، وأشارت فيه إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تجعلها شركة عالمية أكثر، وتُعزز من شفافيتها.
ومن شأن طرح أسهم «علي بابا»، الذي يُقدر بـ15 مليار دولار، أن يصبح أكبر اكتتاب لشركة صينية في الولايات المتحدة بعد طرح شركة «تشاينا يونيكوم» في بورصتيّ نيويورك وهونغ كونغ عام 2000 بقيمة 5.7 مليارات دولار.