اختيار المستخدم عدم تضمين موقعه في تغريداته لا يعني أن هذه المعلومة ستبقى سريةً تماماً
دراسة تستخدم تغريدات «تويتر» للكشف عن الموقع الجغرافي للمستخدمين
يتيح موقع «تويتر» للمستخدمين خيار إضافة موقعهم الجغرافي إلى تغريداتهم، ما يفيد في حال رغبوا في تعريف الآخرين بمكانهم، أو تذكيرهم لاحقاً بالأماكن التي زاروها في أوقاتٍ معينة، بالإضافة إلى الفرص التي تتوافر للباحثين لدراسة التوزيع الجغرافي للتغريدات من نواحٍ مختلفة.
وفي الوقت نفسه، يتخوف البعض من أن يؤدي إدراجهم الموقع الجغرافي في تغريداتهم إلى انتهاك لخصوصيتهم، أو يساعد الآخرين على اكتشاف مكانهم على غير رغبتهم. حتى إنه في عام 2007 دُمرت أربع طائرات أميركية من طراز أباتشي بقذائف هاون في العراق، بعدما تعرف المسلحون على أماكنها عبر صور نشرها جنود أميركيون وتضمنت الموقع الجغرافي لهم.
وتسببت هذه المخاوف والتحفظات في إحجام النسبة الأكبر من مستخدمي موقع التدوين المُصغر «تويتر» عن تضمين الموقع الجغرافي في تغريداتهم، وانتهت دراسات عدة سابقة إلى أن ما يقل عن 1% من التغريدات تحتوي على بيانات التعريف بالموقع، كما أن 26% فقط من المستخدمين اختاروا إضافة موقعهم الجغرافي ضمن عينة عشوائية شملت مليون حساب «تويتر».
لكن اختيار المستخدم عدم تضمين موقعه الجغرافي في تغريداته لا يعني أن هذه المعلومة ستبقى سرية تماماً، فطوَّر باحثون في مركز أبحاث شركة «آي بي إم» في مادن بولاية كاليفورنيا الأميركية خوارزمية يُمكنها الكشف عن المدينة التي يسكن فيها المستخدم عبر تحليل محتوى ونمط أحدث 200 تغريدة نشرها، وبنسبة دقة تقارب 70 %، حسب ما عرضها موقع مجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو» الأميركية.
ويُمكن لهذه الخوارزمية أن تُفيد الباحثين والصحافيين والمسوقين وغيرهم من الجهات المهتمة بتحديد الموقع الجغرافي الذي صدرت منه تغريدات معينة، وفي الوقت نفسه يُثير مخاوف بشأن صعوبة الحفاظ على الخصوصية لدى الأشخاص الذين يفضلون الاحتفاظ بمكان وجودهم سراً.
وحللت الدراسة تغريدات «تويتر» المنشورة بين شهريّ يوليو وأغسطس من عام 2011، لاستخراج التغريدات التي تضمنت الموقع الجغرافي للمستخدمين في أكبر 100 مدينة أميركية، ورصدت 100 مستخدم في كل منها.
وحصل الباحثون على آخر 200 تغريدة نشرها المستخدم، مع استبعاد تلك المنشورة بشكل خاص، وكانت المحصلة جمع ما يزيد على 1.5 مليون تغريدة، تعود لـ10 آلاف شخص تقريباً. وقسم الباحثون البيانات قسمين، فاستخدموا 90% من التغريدات لتدريب خوارزمية التحليل المستخدمة، واستعانوا بالنسبة المتبقية 10%، لاختبار مدى كفاءة الخوارزمية.
وتعتمد الفكرة الأساسية للخوارزمية والدراسة على احتواء التغريدات معلومات مهمة حول الموقع المحتمل للمستخدم، فمثلاً وردت أكثر من 100 ألف تغريدة من حسابات المستخدمين في الشبكة الاجتماعية المعتمدة على الأماكن «فورسكوير»، وتضمنت روابط تُحدد المواقع بدقة. كما اشتملت نحو 300 ألف تغريدة على أسماء مدن.
كما قدمت تغريدات أخرى أدلة واضحة عن موقع المستخدم مثل جملة «دعنا نذهب إلى (ريد سوكس)»، التي تُشير إلى فريق البيسبول في مدينة بوسطن. كما وفر نمط تغريدات المستخدم مؤشراً إلى المنطقة الزمنية التي يوجد فيها، ووجد الباحثون أن توزيع التغريدات متتابع تقريباً على مدار اليوم عبر مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
ودرب فريق البحث الخوارزمية المستخدمة عن طريق تزويدها بقاعدة البيانات من تغريدات المستخدمين والمواقع الجغرافية التي وجدوا فيها، ثم كانت المرحلة التالية مقارنة نتيجة تحليل الخوارزمية بالبيانات الأولى باختبارها على نسبة 10% من قاعدة البيانات، ليروا إذا كان بمقدورها التنبؤ بصورة صحيحة بالموقع الجغرافي للمستخدم.
وكانت نتائج التحليل مثيرة للاهتمام، وقال الباحثون إنه باستبعاد الأشخاص الذين سافروا بين أكثر من مكان، تمكنت الخوارزمية من تحديد مدينة السكن على نحوٍ صحيح في 68% من الحالات، كما حددت الولاية بنسبة صحة 70%، والمنطقة الزمنية التي يتواجد المستخدم في نطاقها بنسبة 80%.
وأشار فريق بحث «آي بي إم» إلى أن استخدام الخوارزمية يستغرق ما يقل عن ثانية واحدة للقيام بذلك لأي شخص. وتحدث الفريق عن إمكانية تحسين خوارزميتهم في المستقبل، فمثلاً يمكن الحصول على تفاصيل دقيقة بالبحث في التغريدات عن إشارات لمعالم محلية يُمكن تحديدها بشكلٍ أكثر دقة، وهو ما ستظهر صحته التجربة والوقت.
ويمكن أن تُفيد أداة كهذه الصحافيين بمساعدتهم على التعرف إلى التغريدات الواردة من منطقة تشهد حادثة أو أزمة معينة كوقوع زلزال، وتلك التي يوجد أصحابها بعيداً عن موقع الحدث. كما يُمكن للمسوقين الاعتماد عليها للتعرف إلى شعبية أحد المنتجات في مدنٍ محددة.
وعلى مستوى المستخدمين أنفسهم، قد تعني النتائج أنه ينبغي القيام بالمزيد لحماية سرية مكان الإقامة، وأكثر من ذلك تُشير إلى هشاشة مفهوم الخصوصية وتعديها مجال التحكم في إعدادات موقع أو خدمة، إلى جانب الحاجة إلى نقاش عام وموسع حول سُبل حماية الخصوصية.