أكّدت الأضرار المحتملة لتأثير المعلومات الخاطئة في المجتمع

دراسة تتناول طريقة تعامل مستخدمي «فيس بوك» مع «نظريات المؤامرة»

صورة

قد يرى البعض أنه من اليسير تجنب الأخبار الخاطئة المنتشرة على الإنترنت، حتى تنزوي وتُنسى كغيرها دون أن يكون لها أي عواقب تُذكر، فضلاً عن أن تُلحق الضرر بالأفراد أو المجتمعات، لكن قد ينطوي هذا الرأي على قدرٍ غير قليل من الاستهانة بتأثير المعلومات الخاطئة على الإنترنت.

ولفت تقرير صادر من «المنتدى الاقتصادي العالمي» عام 2013، إلى ما تُحدثه المعلومات الخاطئة على الإنترنت من خطرٍ كبير على المجتمع الحديث، مشيراً إلى بعض الحوادث التي تسبب فيها انتشار المعلومات على نطاقٍ واسع جداً في عواقب لم تكن لتخطر ببال مصدرها.

وفي مثال.. يعود التقرير إلى أغسطس من عام 2012، حينما أدى انتحال أحدهم شخصية وزير الداخلية الروسي، ونشر تغريدة على موقع «تويتر» تُفيد بمقتل أو جرح الرئيس السوري بشار الأسد إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بما يزيد على دولار، قبل أن ينتبه المتداولون إلى كذب الخبر.

وفي العام نفسه، فرَّ 30 ألف شخص من مدينة بنغالور الهندية، بعدما تلقوا رسالة نصية على هواتفهم المحمولة، تفيد بأنهم سيتعرضون لهجوم وشيك.

وفي الواقع، لا يمكن اتخاذ الكثير من الإجراءات حيال الانتشار السريع للمعلومات في الوقت الحاضر، بصرف النظر عن كونها صحيحة أم خاطئة، لكن ذلك يُثير تساؤلات عن كيفية انتشار نظريات المؤامرة عبر الإنترنت، وما إذا كان تعامل المستخدمين معها يختلف جذرياً عن طريقة تعاملهم مع القصص التقليدية الصادرة من المؤسسات الإخبارية الراسخة.

وسعى باحثون في «معهد الدراسات المتقدمة» بمدينة لوكا الإيطالية، إلى البحث في طريقة استهلاك الناس لنظريات المؤامرة، أو الأخبار الخاطئة في موقع «فيس بوك»، مقارنةً بطريقة تعاملهم مع الأخبار العادية، وانتهت دراستهم إلى وجود الكثير من أوجه الاتفاق، بجانب بعض الاختلافات المُثيرة للاهتمام، التي قد تُساعد في التوصل إلى فهمٍ أفضل لآلية انتشار المعلومات الخاطئة على الإنترنت.

ودرس فريق البحث ما يزيد على 271 ألف منشور من 73 صفحة مختلفة، مكتوبة باللغة الإيطالية في «فيس بوك»، وصنفوا الصفحات وفق محتواها من المعلومات، سواء تضمنت الأخبار العلمية العادية، أو الأخبار الخاطئة على غرار الاعتقاد أن لليمون فوائد مضادة للتنويم، وأن مصابيح الإضاءة المصنوعة من اليورانيوم والبلوتونيوم أكثر فاعلية من ناحية الطاقة والرفق بالبيئة، وكذلك الاعتقاد أن الدخان الذي تخلفه الطائرات على ارتفاع شاهق يحوي مادة «سيلدينافيل» الفعالة في دواء «فياجرا».

وأحصى فريق البحث عدد الإعجابات (لايك)، التي حصل عليها كل منشور، وهو العدد الذي اقترب إجمالاً من 10 ملايين، كما جمعوا عدد مرات مشاركة كل منشور، فضلاً عن التعليقات؛ وبدراسة المنشورات، خلص الباحثون إلى وجود نحو 60 ألف منشور، منها ما يتضمن أخباراً علمية، وما يزيد على 200 ألف منشور للأخبار الخاطئة أو نظريات المؤامرة.

وأظهر التحليل حصول النوع الأول على 2.5 مليون إعجاب (لايك)، في حين تلقت الأخبار الخاطئة أكثر من 6.5 ملايين إعجاب، ومع ذلك تبين أنه في معظم الوقت يتعامل الناس مع الأخبار العلمية بالطريقة نفسها التي يتعاملون بها مع الأخبار الخاطئة؛ ونال كل منشور من النوعين العدد نفسه تقريباً من الإعجابات، والعدد نفسه من التعليقات مقابل كل مُشاركة، كما ظهر أن للمنشورات من النوعين العمر نفسه، أي الفترة الممتدة بين أول وآخر تعليق على المنشور.

وعبر الباحثون عن ذلك بالقول: «على الرغم من الطبيعة المختلفة من المعلومات، فإن المنشورات تُستهلك بالطريقة ذاتها».

أما أوجه الاختلاف في طريقة تلقي القراء لكلا النوعين، فمن أبرزها ميل قراء الأخبار الخاطئة للإعجاب (لايك)، ومشاركة المنشورات أكثر من قراء الأخبار العلمية، ما قد يعكس رغبة أكبر في نشر المعلومات القائمة على التفسيرات المغايرة للسائد أكثر من المعلومات العادية.

كما تطرقت الدراسة إلى البحث في طبيعة القراء أنفسهم، وتقسيمهم إلى فريقين: أولهما يُركز تعامله على الأخبار التي تحمل تفسيرات بديلة عن السائد، والثاني يتعامل أساساً مع الأخبار العلمية العادية، واهتم فريق البحث بدراسة كيفية استجابة كل فريق للنوعية الأخرى من الأخبار المناقضة لاهتمامه. وبينت النتائج أن القراء الذين ينصب اهتمامهم على الأخبار المغايرة للسائد والخاطئة، لا يميلون للتفاعل مع المواقع العادية، ويُكرسون جميع جهودهم لنشر أخبار المؤامرات؛ وفي المقابل من المُرجح أن يكتب الفريق الثاني من القراء تعليقات على الصفحات التي تنشر الأخبار الخاطئة.

وفسرت الدراسة هذا التباين برغبة الفريق الأول في نشر ما يراه مهملاً في الأخبار العادية، وسعى الفريق الآخر إلى إعاقة انتشار الأخبار الخاطئة، وإضافة إلى ذلك أشارت الدراسة إلى عدم التداخل بين الفريقين، وميل كل فريق من القراء للتفاعل مع آخرين لهم اهتمامهم نفسه. وتتوافق نتائج الدراسة، التي جاءت تحت عنوان «العلم مقابل المؤامرة: الروايات الجماعية في عصر المعلومات الخاطئة»، مع ما انتهت إليه دراسات سابقة، أشارت إلى اتجاه الناس في ما يتعلق بتشكيل آرائهم إلى الحسابات التي تتسق مع معتقداتهم، ما يُشير إلى أن اعتقاد الفرد في نظريات المؤامرة قد يعني مواصلته ذلك مستقبلاً، والعكس صحيح في ما يخص المهتمين بالأخبار العلمية العادية.

تويتر