«فيس بوك» تشتري شركة تُنتج سواراً يتيح التحكم في الحاسبات عبر العقل
بعد فترة من الهدوء والتراجع النسبي استمرت نحو عامين بمشروعها الطموح والمثير «حوسبة العقل والتفكير»، عادت شركة «فيس بوك»، أخيراً، لتعطي دفعة جديدة قوية لهذا المشروع، بشرائها شركة «سي تي آر إل لاب» الناشئة المتخصصة في ذلك المجال، حيث تمكنت من انتاج سوار يتم ارتداؤه حول معصم اليد، يتيح للمستخدم التحكم في أجهزة الحاسبات عن طريق العقل والتفكير فقط، من دون استخدام يديه، وذلك في صفقة لم تعلن قيمتها الفعلية رسمياً، وإن كانت التكهنات تشير إلى أنها لا تقل عن نصف مليار دولار.
صفقة جديدة
وأعلن عن الصفقة الجديدة المدير التنفيذي المسؤول عن فريق «فيس بوك ريالتي لاب» ومشروعات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، أندرو بوسورث، عبر منشور كتبه على صفحته في موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، ثم تلته العديد من التقارير الإخبارية في مواقع التقنية.
وقال بوسورث: «إننا نقضي الكثير من الوقت في محاولة لجعل تقنيتنا تفعل ما نريد، بينما نستمتع بالتواصل مع الاشخاص من حولنا، ونحن نعلم أن هناك طرقاً أكثر طبيعية وبديهية للتفاعل مع الأجهزة والتكنولوجيا، ونسعى إلى بنائها». واضاف: «لهذا السبب قررنا الاستحواذ على (سي تي آر إل لاب)، التي سينضم العاملون بها إلى فريق (فيس بوك ريالتي لاب)، ونأمل في بناء هذا النوع من التقنية الجديدة على نطاق واسع، وجعلها متاحة بسهولة ويسر في المنتجات الاستهلاكية بصورة أسرع».
من جهته، قدّر تقرير لقسم التقنية في وكالة «بلومبرغ» الإخبارية قيمة الصفقة بما يزيد على نصف مليار دولار، وربما تصل إلى مليار دولار، لتدخل شركة «فيس بوك» في منافسة قوية مباشرة مع شركة «إيلون موسك» التي تعمل في المجال نفسه وتحمل اسم «نيورالينك»، وحظيت بتمويل استثماري يفوق المليار دولار، فضلاً عن المنافسة مع شركة كندية كانت قد طرحت من قبل منتجاً تحت اسم «مايو» لتتبع وفهم الإشارات العصبية، واستخدمته شركة «سي تي آر إس لاب» نفسها في بعض بحوثها.
تقنية «سي تي آر إل»
إلى ذلك، أفادت تقارير بأن علماء وباحثي شركة «سي تي آر إل لاب» يفرقون بين ثلاثة أشياء تتعلق بالتقنية التي يعملون على تطويرها، هي: العقل والدماغ والمخ، حيث أوضحوا أن العقل مفهوم معنوي وليس مادياً، يماثل الروح التي تسكن الجسد، ويقصد به القدرة على التفكير واتخاذ القرارات، وهي القدرة التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان، بينما الدماغ هو شيء مادي، يقصد به الجزء الكامل الموجود في الجمجمة، ويشتمل على المخ والمخيخ وجذع الدماغ، ويعتبر مركز التحكم الرئيس في الجسم، إذ يستقبل المعلومات الواردة من أعضاء الحس عما يجري داخل الجسم وخارجه، ويحللها بسرعة، ويرسل الرسائل الملائمة التي تنظم حركة الجسم ووظائفه، ويقوم بتخزين المعلومات الخاصة بالخبرات السابقة، ما يساعد الفرد على التعلم والتذكر.
وأضاف العلماء أن المخ هو شيء مادي، يقصد به أحد أجزاء الدماغ، يتولى بشكل عام الوظائف الإدراكية والحسية ووظائف اللغة.
سيناريو
ويتمثل السيناريو الذي تقوم عليه تقنية «سي تي آر إل لاب» من خلال السوار الذي أنتجته، في أن العقل يقوم بالإدراك والتفكير واتخاذ القرارات، وعقب ذلك يتولى الدماغ مهمة تلقي القرار وتحليله، وتحويله إلى إشارات عصبية، يطلقها عبر مساراتها المناسبة في الجهاز العصبي الادراكي للإنسان، ليقوم المخ، الذي هو جزء من الدماغ، بمتابعتها وإدارتها باعتباره مسؤول الوظائف الإدراكية والحسية.
ونشر موقع «ذا فيرج» فيديو توضيحياً لذلك السوار، ومدى قدرته على ترجمة الإشارات العصبية إلى اشارات رقمية، تبين منه أن السوار يتم ارتداؤه حول معصم اليد، ليلاصق الجلد مباشرة، وفي الوقت نفسه يكون له وسيلة اتصال بالحاسب، إما سلكياً أو لاسلكياً، ومهمته أن يقوم باستشعار وتحسس الإشارات العصبية الحاملة للأوامر الصادرة من العقل الى الدماغ، والتي تسري بالجهاز العصبي تحت اشراف وتحكم المخ، ثم يحللها ويفك شفرتها ويترجمها إلى إشارات رقمية، ترسل لاسلكياً أو سلكياً إلى جهاز الحاسب، ليتم تنفيذها بالصورة التي دارت في عقل الإنسان وفكره، من دون أن يحتاج إلى استخدام يديه في التنفيذ، كأن يحرك الفأرة، أو يضغط على مفتاح بلوحة المفاتيح، أو غير ذلك.
وفي التجربة العملية تبين أن النموذج الأولي أمامه سنوات عدة حتى يقترب من تحقيق نتائج يعتمد عليها في الاستخدام العادي، فما تحقق حتى الآن هو أن بعض الإشارات الصادرة من الدماغ يمكن بالفعل ترجمتها على الشاشة، لكن ببطء وبعد مضي وقت.
شركة ناشئة
تعد «سي تي آر إل لاب» شركة ناشئة مقرها نيويورك عمرها أربع سنوات، حيث أسّسها عام 2015 باتريك كايفوش، وتيم ماتشادو، اللذان صمما فكرة مشروعها الاساسي في برنامج علوم الأعصاب بجامعة كولومبيا. وكان اسم الشركة في البداية «كوجنسكنت»، وتعتبر متخصصة في مجال تصنيع أدوات تعمل كواجهات تفاعل بين الآلات والاجهزة من جهة، والدماغ البشري من جهة أخرى، في ما يعرف بـ«حوسبة الدماغ».