«حاسب كمي» يفشل في تشغيل «خوارزمية» لتحليل «الجينوم البشري»
أخفق أحد الحاسبات الكمية الجديدة، في تشغيل خوارزمية متقدمة، مصممة خصيصاً للعمل على الحاسبات الكمية، بغرض مسح قواعد بيانات «الجينوم» البشري فائقة الضخامة، من أجل التشخيص والتنبؤ بالأمراض الوراثية، استناداً إلى عينات من دم الأشخاص المصابين، أو المشتبه في إصابتهم بهذه الأمراض. وقال العلماء إن الجهاز أظهر أخطاء في النتائج، ثم حدث له توقف مفاجئ في منتصف المهمة، وبدا كأنه يتعامل مع «الخوارزمية» على أنها «لعبة» أو شيء للمحاكاة، وليست مشكلة معقدة في العالم الحقيقي.
وحدثت هذه الواقعة، خلال تجربة قام بها علماء من كلية الطب بجامعة فيرجينيا الأميركية، بالتعاون مع المعهد الوطني للصحة العقلية، وبتمويل من المعاهد الوطنية للصحة، على الحاسب الكمي التابع لشركة «آي بي إم»، ونشر موقع «ديجيتال تريند» digitaltrends.com المتخصص في التقنية تفاصيلها أخيراً.
تشخيص خلال ساعات
وقال الأستاذ المساعد بالكلية وعضو الفريق البحثي، الدكتور ستيفان بيكيرانوف، إن «الفريق قام ببناء خوارزمية متقدمة (برنامج حاسوبي مبني على نماذج رياضية) لتعمل خصيصاً على الحاسبات الكمية فقط، وتتسم بأنها مبتكرة وغير مسبوقة، لأنها تقوم، حال تشغيلها، بمسح قواعد البيانات الجينومية الخلوية الضخمة للبشر، لإجراء التحليلات والتشخيصات المتعلقة بالأمراض الوراثية، ووضع التنبؤات الخاصة بها خلال ساعات، بدلاً من أسابيع أو شهور كما يحدث حالياً. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك مريض في منتصف العمر، يعاني فقدان الذاكرة، وذهب إلى العيادة، وشعر الطبيب وعائلته بالقلق من مرض الزهايمر المبكر المحتمل، فيتم سحب الدم من قبل المريض، وتشغيل الخوارزمية لاستخراج تسلسل الحمض النووي، والحمض النووي (الريبي) الخاص بالشخص، والوصول إلى التشخيص والتنبؤ بالمرض خلال ساعات، وذلك عكس ما يحدث حالياً، حيث تستغرق هذه العملية أسابيع أو حتى شهور».
حاجز القدرة
وأوضح بيكيرانوف، أن الخوارزمية المبتكرة من قبل الفريق، ستحقق هذه النتيجة إذا ما توافرت الحاسبات القوية القادرة على تشغيلها بكفاءة، وهذا غير متاح حالياً بسبب محدودية القدرات المتاحة على الحاسبات التقليدية الحالية، لذلك لجأ الفريق إلى بناء خوارزمية تعمل على الحاسبات الكمية الجديدة، التي لاتزال في طور النمو والتطوير، باعتبارها نظرياً تقدم قدرات مذهلة في قوة الحوسبة، ووقع الاختيار على استخدام الحاسب الكمي التابع لشركة «آي بي إم»، لإجراء تجربة تشغيل الخوارزمية الجديدة.
واعتبر أن الحاسبات الكمية هي الأنسب لتشغيل الخوارزمية، لقدرتها على تنفيذ العمليات بشكل مذهل بسرعة. وذلك لأنها تعمل بما يُعرف باسم «الكيوبت»، وليس «البت» المستخدمة في الحاسبات التقليدية، و«الكيوبت»، جسيمات كمية يمكن أن تكون في حالة متداخلة ومتعدّدة في الوقت نفسه، عكس «البت» التي تعمل من خلال وجودها في حالة ثنائية فقط، إما قيمة الصفر أو الواحد فقط، ووجود البت في حالات متعددة متداخلة، يجعل الحاسب الكمي قادراً على القيام بتخمينات واحتمالات متعددة في وقت واحد، عند حل المشكلات، ما يعني خفض الوقت اللازم لإنجاز المعادلات الحسابية بصورة تتيح إنجاز أشياء في دقائق وساعات بدلاً من شهور وسنوات.
نتائج فعلية
في التجربة الفعلية، تبين أن الحاسب الكمي لايزال يتعامل مع الخوارزمية على أنها مشكلة «لعبة»، أو شيء للمحاكاة، وليست مشكلة حقيقية قريبة من التعقيد المطلوب في العالم الحقيقي. وأشار بيكيرانوف، إلى أن التجربة أثبتت أنه لاتزال هناك العديد من الحواجز والقيود على طريق الاستفادة من الحاسبات الكمية الحالية في تشغيل الخوارزمية المعقدة الجديدة، فبوابات المنطقة الكمية داخل الجهاز، أو «الدائرة الكمية الأساسية التي تعمل على عدد صغير من الكيوبتات»، لا تقوم بالعمليات بدقة كاملة، ما يؤدي إلى أخطاء في النتائج الجاري قياسها، ومن ثم تقود إلى أخطاء في التنبؤات، كما أن عدد وحدات الكيوبتات في أقوى حاسب كمي متاح حالياً، لاتزال قليلة، ومن ثم تعاني مشكلات من توقف وتجمد «تهنيج» أثناء أداء المهمة.
الحاسبات الكمية
أكد الفريق البحثي أن هذه النتائج، وإن كانت مخيبة للآمال، إلا أنها لا تغلق الطريق أمام المستقبل، فالحاسبات الكمية لاتزال في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحدث بها اختراقات عملية، وتطوّرات متوالية، تحسّن من أدائها مع الوقت. وفي نهاية المطاف، ستكون جاهزة لتشغيل هذه الخوارزمية وغيرها، وعند أخذ المعدل الذي تتطوّر به حالياً، فإنه من المتوقع أن تكون الحاسبات الكمية قادرة على تشغيل الخوارزمية في غضون عقد من الزمان أو بحلول 2030، وساعتها ربما يكون لدينا تطبيقات على الهواتف المحمولة لتحليل الجينوم البشري، وتشخيص الأمراض الوراثية، والتنبؤ بتطوراتها المستقبلية، من خلال فحص العينات بالخوارزمية الجديدة، التي ستعمل ساعتها على حاسبات كمية، تقدم خدماتها بمفهوم الحوسبة السحابية، ليكون التطبيق على المحمول مجرد نافذة لتوصيل العينات للحاسب الكمي، واستقبال النتائج وعرضها على الطبيب المعالج، أو حتى المريض نفسه مباشرة.